يبدو أننا في حاجة لمزيد من السنوات العجاف لكي نغادر سراديب التاريخ التي يقبع فيها الوطن إلى شمس المستقبل، في ظل إصرار عبيد الماضي على أن يلتهموا الحاضر ويصيغوا المستقبل وفق عقائدهم أهوائهم وأمزاجتهم القادمة من زمان الاستبداد وبركان الفساد الذي نخرعظم البلاد ولوث حياة العباد. عبيد الماضي الذين كنا نعتقد أنهم سيصابون بمسحة من الحياء ويخشون العودة إلى الاضواء ويكتفون بما نهبوه من أموال وما سلبوه من حقوق وما اقترفوه من آثام وما ارتكبوه من جرائم وما اتخذوه من قرارات خاطئة جعلت مصر تسير عكس عقارب الساعة وكأن الزمن في هذه البلاد توقف عند المصريين القدماء، فلا يوجد في الحاضر والماضي القريب أي إنجاز يتباهى به المصريون، باستثناء وحدتهم وإرادتهم في 25 يناير و30 يونيو، كنا نعتقد أن عبيد الماضي سيصابون بآلم الانكسار والندم على ما اقترفوه من آثام ويكفرون عن ذنوبهم باختفائهم على الاقل إن لم يكن بإعادة أموال الشعب المكدسة في ارصدتهم التي نهبوها وتمتعوا بها سنوات طويلة على حساب الفقراء. كنا نظن أن الشعب زلزل عقولهم ووجدانهم في 25 يناير ولكن تبين أنهم كانوا يقفون موقف اللئام وينتظرون الفرصة للإنقضاض على الشعب من جديد ليمارسوا الاعتداء على كل الشرفاء الذين اسقطوهم بالارادة في ثورة يشهد لها العالم بالاعجاب والتقدير، هؤلاء العبيد يجيدون الرقص على كل الاوتار وفي كل الازمان، واستغلال الفرصة للإنقضاض على فريستهم وتحقيق أهدافهم الآنانية، فإتخذوا من الدستور الجديد ستار ليخرجوا تحت ظله من جحورهم ويغيرو صورتهم البائدة. لم يكتفوا بذلك وإنما قاموا بالترويج للدستور فكانوا النقطة السوداء في الثياب البيضاء، بل حاول هؤلاء العبيد من رجال مبارك وغيره من المتسلقين على أعناق الشعب ارتداء ثوب ليس على مقاسهم ولايتناسب مع طبيعة تكوينهم الديكتاتورية والاستبدادية فظهروا على الشاشات يتحدثون عن الحريات والديمقراطية والوطنية وتحقيق آمال وأحلام المواطنين والنهوض بالوطن وكأنهم من قام بالثورة، معتقدين أن الشعب فاقد للذاكره وأنه قد نسى الفساد والاستعباد والانكسارات والأزمات التي يغرق فيها الوطن منذ سنوات طويلة بفضل سياستهم وادارتهم القبيحة. للآسف هؤلاء العبيد استغلوا ضعف الحكومة وتسللوا في ثنايها مرتدين ثوب الاحرار بحجة الدفاع عن الاوطان ولكن هدفهم الحقيقي كان تشوية الثورة والشعب معاً فنشروا سمومهم وما جمعوه من اخطاء وخطايا وما ضربوه من مستندات وصور وفيديوهات ومكالمات من أجل إقناع المصريين أن الجميع سواسية في الفساد والإفساد، وأن الفساد الذي ضرب البلاد عقوداً من الزمان ليس حصري على عبيد الماضي وحدهم، كما حاولوا استغلال الفوضي والمظاهرات والتراجع الاقتصادي لاقناع الشعب أن حكمهم كان افضل والمصريين خلال العهد البائد كانوا أحسن. عبيد الماضي والحاضر نجحوا في إحباط الشباب وقتل الأمل في نفوسهم، مثلما نجحوا في كسر ارادة الوطن على مدار السنوات الماضية، فهل تنجح حكومة تعجز عن إتخاذ قرار بحل إدارة نادي انتهى مفعوله القانوني في إجبار الشياطين والعبيد على العودة إلى حجورهم، أم ستتركهم يواصلوان القضاء على مزيد من الاجيال.