كشف تقرير "لجنة الخبراء" بجهاز الكسب غير المشروع في قضية التربح المتهم فيها زكريا عزمي، أنه أنفق 350 ألف جنيه من أموال الدولة في انتخابات مجلس الشعب أعوام 1992 و1997 و2002، ثم اتضح لمحكمة جنايات القاهرة في جلسة الثلاثاء الماضي، بناء على شهادات رسمية قدمها محامي المتهم أنه لم تُجر انتخابات برلمانية في هذه السنوات أصلا! وذكر تقرير "الخبراء" الذين لا يعرفون معلومات بدهية يدركها أي مهتم بالشأن السياسي في مصر، أن اللجنة عثرت ضمن أحراز القضية في احدى شقق "عزمي" على تمثال وصفته بأنه "فريد من نوعه ولا يُقدر بثمن"، ثم تبين للمحكمة أن التمثال "مصنوع في الصين". وإذا علمت أن هذه هي آخر جلسة لنظر قضية "عزمي" أحد أكثر رجال "مبارك" نفوذا و"كهانة"، وأن 23 مارس هو موعد جلسة الفصل في القضية، فستدرك إذا كنت متوسط الذكاء مثلي أن تبرئة ذمم كبار المسئولين في النظام الأسبق ضمن "مهرجان البراءة للجميع"، بات هو "الاتجاه العام للدولة"، ما دام الخبراء يُخطئون في مواعيد الانتخابات بهذا الشكل المريب. والغريب أنه حينما تجاهلت النيابة العامة خلال حكم الإخوان، الطعن على حكم البراءة في قضية "موقعة الجمل" المتهم فيها عصبة من رجال الرئيس المخلوع في المدة القانونية المقررة للطعن، وفعلت ذلك بعد مضيّ هذه المدة وفوات الأوان، فخرج المتهمون وكل منهم يُخرج لسانه الشريف لثورة 25 يناير، لم يسائل أحد النيابة وقتها، ومر الأمر كنسمة الجنوب على محياك يا حبيبي. ولكن من حقنا، هنا والآن، على طريقة "شكسبير" أن نتساءل: كيف يستوي ما يحدث في قضية زكريا عزمي الآن مع ما يتردد من أن ترشح المشير عبدالفتاح السيسي للرئاسة ستسبقه حملة ل"تنظيف مصر" من "رموز الفساد" التي يُشار لها بالبنان، ومع ذلك لا أحد يستطيع أن يُوقع بها تحت طائلة العدالة؟ كيف يستوى الكلام على "مصر جديدة" مع استمرار نفس ممارسات الفساد القديمة، ووصولها إلى "مرفق" من المفترض أن مهمته هي تطهير البلاد من الفاسدين؟ يظهر، والله أعلم، أننا سنبحث عن الإجابة في بطن "شكسبير" أيضا، وتحديدا في صرخة "هاملت"، بتصرف: "إنني أشم رائحة طبيخ عفن في دولة الدانمرك"!