تحديات اقتصادية تواجه "نعم" للدستور البطالة.. الفقر.. غلاء الأسعار.. المعاشات.. الأمية.. الديون عقب الانتهاء من أولى خطوات خارطة الطريق، عبر الاستفتاء، والموافقة على الدتسور الجديد، ينتظر الشعب التحسن الاقتصادى للبلاد، فى ظل الحالة التى يشهدها من تدهور عام آثر على جميع القطاعات، وتواجه الحكومة عددًا من التحديات السياسية والاقتصادية، وكذلك الاجتماعية، خاصة مع بدء أولى خطوات الاستقرار، المتمثلة في الموافقة على التعديلات الدستورية. وقال خبراء، على أن التوقعات والطموحات الكبيرة للشعب ربما ستكون التحدي الأكبر أمام الرئيس القادم وكذلك الحكومة، حيث أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، تتمثل في تراجع معدلات النمو، وانخفاض معدلات الاستثمار خاصة داخل القطاع الخاص، وارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم عجز الموازنة، فضلاً عن انعدام الاستثمارات الخارجية نتيجة عدم وجود استقرار على الصعيدين الأمني والسياسي. وفى أول أيام الاستفتاء ارتفعت مؤشرات البورصة، بصورة جماعية، لأول مرة منذ مايو 2010، وهو ما اعتبره البعض أحد بشائر الاستفتاء على الدستور، فيما أبقت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، على أسعار الفائدة دون تغيير، حيث قررت تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، و هو ما عزاه خبراء إلى إمكانية السوق لاستيعاب التخفيضات السابقة وتجنبًا لعودة ظاهرة الدولرة، من خلال قيام البعض بتحويل مدخراتهم من الجنيه إلى الدولار مما يضغط على العملة المحلية. في البداية، قالت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن البطالة تعد أهم تحديا أمام الدولة والرئيس القادم، خاصة بعد ارتفاع معدل البطالة لأكثر من 13% فيما بعد ثورة يناير، مشيرة إلى أننا الآن لدينا 3 أزمات وهي الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار. و أضافت الحماقى: أن "الأمل الوحيد خلال المرحلة المقبلة هو تحريك فرص الاستثمار العاطلة وإيجاد فرص عمل للشباب العاطل عن العمل". و قال الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير اقتصادي ورئيس أكاديمية السادات الأسبق، إن البطالة أصبحت اليوم متزايدة وبشكل كبير، فضلاً عن أنها تسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية، وهو الأمر الذي يمثل تحديًا صارخًا أمام الدولة والرئيس القادم وكذلك الحكومة. وأضاف عبد العظيم، أن هناك تحديات أخرى، تتمثل في التضخم وغلاء الأسعار وكذلك البعد الاجتماعي، والمعاشات الاجتماعية وزيادتها التي وضع الدستور الجديد لها حدا أدنى، فضلاً عن مطالب بتطوير الإسكان والمرافق وتوفير المياه وكذلك الصرف، كل هذه التحديات تحتاج لفترة زمنية حتى يمكن تنفيذها. وطالب الخبير الاقتصادى، بأهمية وجود تنمية حقيقية خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الاهتمام بعمليات جذب الاستثمار العربي والأجنبي، لذا يجب توفير الاستقرار السياسي والأمني أولاً، مشيرًا إلى أن التوجه السريع نحو بناء المؤسسات ووضع الخريطة المستقبلية لمصر وتحديد جدول زمني، سيدعم رؤية المستثمرين في السوق، وسيؤتي ثمارا جيدة على الاقتصاد. بينما أكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد خبير اقتصادي، إن الرئيس القادم لا ينتظره أعباء بل ينتظره مطالب شعب وحتميات لابد أن يراعيها، ولابد أن يثبت أنه رئيس يختلف عن كل الرؤساء السابقين. وأوضح عبدالحميد: أن "أول هذه المطالب يتجسد في محور البطالة، خاصة أن الدستور الجديد، ينص على أن الدولة والحكومة لابد أن تضع حلولا جذرية لأزمة البطالة وخاصة أن هذا الرقم التراكمي من أعداد البطالة يحتاج إلى حلول ابتكارية". وتابع: أن "الفقر مطلب آخر يواجه الرئيس، حيث تتراوح نسبة تحدي الفقر ما بين 25 إلى 40% ولذلك يجب العمل على تقليل هذه النسبة، فضلاً عن العمل على محور الأمية الذي وصل إلى 30% من الشعب، فنحن لن ننهض إلا بالتخلص من هذه الأمية". وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن الرئيس القادم أمامه قضية التعليم وإصلاحه لأنه أصبح استثمارا كما أنه أحد الموارد البشرية في الاقتصاد وتقدمه، والدستور حدد نسبة معينة من الميزانية بالتعليم، لابد من تطبيقها، فضلاً عن أنه لابد وأن يطبق تحسين مستوى الصحة. تابع: "لابد من وضع مقترح ومنظور اقتصادي يجمع كل التحديات والمشكلات، يتم وضعه ببرنامج إصلاح زمني يكون كمرحلة معالجة، فضلاً عن مواجهة ارتفاع الأسعار وانضباطها. تابع أننا كمنظومة اقتصادية، توصلنا إلى أنه على من يرشح نفسه للرئاسة، لابد وأن يكون لديه برنامج اقتصادي شامل يتناول كل هذه القضايا على مدى زمني محدد، خاصة وأننا الآن أصبحنا في مرحلة ال 8 سنوات رئاسة فقط، فبالتالي لابد أن يكون مدى برنامج أي مرشح رئاسي الزمني 8 سنوات على الأكثر. قال إننا نحتاج إلى كلام اقتصادي محدد، ورئيس واع تمامًا للأخطاء، فنحن أسقطنا نظامين في فترة زمنية لا تزيد عن 3 سنوات، موضحًا أنه بطبيعة الحال لابد وأن يولد نظام اقتصادي أكثر عدالة وليس سياسيا. أوضح أن نسبة المساعدات الأمريكية لمصر ضئيلة جدًا، فتلك النسبة هي نفس المساعدات تقريبا منذ عام 1974، أي منذ ما يقرب من 40 عامًا، وخلال هذه الفترة شهد الناتج نموًا بشكل كبير، فهذه المساعدات لا تمثل 1% من الاقتصاد المصري الذي وصل لمرحلة كبية من النمو، لافتًا إلى أن هذه المساعدات إذا توقفت فلن يتأثر الاقتصاد المصري بل سيزداد النمو والأنتاج. أشار إلى أن الاقتصاد المصري لديه القدرات الهائلة ولكنه يحتاج إلى الاستقرار السياسي والأمني، فمصر الجديدة تملك قرارها بيدها وأكبر دليل على ذلك ما حدث في 30 يونيو. أكد أن الاقتصاد المصري قادر على أن يتعافى خلال 5 سنوات حتى لو لم تكن هناك مساعدات أمريكية، موضحًا أن سلبية المساعدات أو إيجابياتها لا تفرق كثيرًا، ولكن الأهم أن يكون هناك استقرار سياسي وأمني في المقام الأول، لافتًا إلى أن المساعدات الأمريكية تفيد الجانب الأمريكي أكثر من الاقتصاد والمجتمع المصري، وما حدث بالكونجرس الأمريكي يعد خير دليل على أنه الأكثر استفادة من الاقتصاد المصري. تابع: أن من الأفضل للاقتصاد المصري أن ينمو بأقل درجة من المساعدات والقروض، وأكبر درجة ممكنة من جذب الاستثمارات الأجنبية، مؤكدًا أنه إذا نجح الرئيس القادم في جذب الاستثمارات الأجنبية كمنافس للمساعدات والقروض، سيكون أفضل من الاعتماد على المساعدات، معربًا عن تمنيه حدوث ذلك خلال المرحلة القادمة، فتجربة الصين وماليزيا وغيرها من الدول خير دليل على نجاح ذلك. فيما قال أنه على الرئيس القادم فقط أن يوفر فرص استثمار واضحة، لجذب أكبر قدر من الاستثمار، وتنمية المشروعات الكبيرة كمشروع تنمية السويس، والذي يمكنه بمفرده جذب استثمارات تقدر ب 50 مليار جنيه، الأمر الذي يدخل الاقتصاد المصري مرحلة متقدمة من النمو، لذا لابد وأن نعمل على تحسين مناخ الاستثمار، فالإرهاب موجود في العالم كله ولكنه لا يعيق أي استثمار لأنه يمكن السيطرة عليه. أضاف أن نجاح عملية الاستفتاء على الدستور، وكذلك نجاح عملية تأمينه، يعد خطوة ممتازة نحو الاستقرار الأمني والذي سيتبعه استقرار سياسي بانتخاب الرئيس المقبل، وبالتالي في أقل من عام سنحقق الاستقرار الأمني والسياسي، وبالتالي سنحقق الاستقرار الاقتصادي. أوضح أنه رغم الزيادة ال 12 مليار دولار في الديون، خلال السنة السوداء، إلا أننا في قمة النسبة الآمنة، فمصر تسدد أعباء دينها الخارجي قبل شهر من موعده، وهذا ما حدث في شهر ديسمبر الماضي، موضحًا أن مصر ملتزمة تمامًا في السداد والجدولة، والتي تقدر بحوالي 1.5 مليار سنويًا يتم دفعها بشكل منتظم، فلا خوف من تأثير ذلك على الاقتصاد. بينما قال مجدي صبحي، الخبير الاقتصادي ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الميزة في الدستور الجديد عن دستور الإخوان أن باب المقومات الاقتصادية والاجتماعية محدد بشكل أكثر، وأنه واضح أكثر وأنه في الحقيقة لا يعطي حقوقا مجانية مقابل الاهتمام بهوية الدولة وبالذات تحويل الدولة إلى دولة دينية، وكان واضحا ودقيقا في الحقوق والمكتسبات التي تعطى للمواطنين مقارنة بأي دستور سابق في حقيقة الأمر. أضاف أن المادة 27 من الدستور والتي تتحدث عن تحقيق رخاء اقتصادي، وضرورة تحقيق معدلات تنمية، لابد أن يترجم في شكل سياسة محددة تستطيع أن تحول هذه المبادئ العامة إلى شيء ملموس، وإلا سيطالب الشعب بتغييره. أكد أن تحويل هذه الوعود إلى برنامج قابل للتنفيذ سيتضح في شكل خطة للتنمية وفي شكل سياسات اقتصادية محددة ملموسة تفيد بالذات الفقراء.