أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء مشروع دستور 2013، رغم تضمين مواد باب الحقوق والحريات صياغات وتوجهات أفضل من مثيلاتها في دستور 2012، على حد وصفه. وقال المركز، في بيان أصدره اليوم، إن "الدستور لا يوفر نظامًا سياسيًا يضمن ويحمي الحريات والحقوق النسبية التي ينص عليها، والتي جرى ويجري الاعتداء عليها تشريعيًا وأمنيًا أثناء وبعد كتابة الدستور وبالمخالفة الصريحة لنصوصه التي لم يجف حبرها بعد". وأشار المركز إلى أن الدستور أفسح المجال أمام تقييد حقوق الإنسان التي نص عليها، والانتقاص منها بالقانون، إذ ترك الدستور أمر تفسير عدد من مواده للقانون. وقال "أبقى الدستور على العديد من المواد الإشكالية في دستور 2012 المعطل، مثل دسترة المحاكمات العسكرية للمدنيين". وأوضح أن "التعديلات التي لحقت هذه المادة في الدستور لا تعدو أن تكون مجرد تعديلات شكلية، تضمن استمرار محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية تفتقر لأدنى معايير الاستقلالية والنزاهة". وأبدى المركز انزعاجه من نص المادة 201 التي أوصدت الباب أمام تعيين وزير دفاع مدني ونصت على تعيينه من بين ضباط القوات المسلحة، وكذلك المادة 234 التي جعلت تعيين وزير الدفاع مرهونًا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك لدورتين رئاسيتين كاملتين. وقال إن هذا النص يصيب العلاقات المدنية العسكرية بخلل بالغ ويجعل المؤسسة العسكرية بمثابة سلطة موازية للسلطة المدنية المنتخبة، على حد تعبيره. واتهم مركز القاهرة لجنة الخمسين بتلبية مطالب مؤسسات الدولة في الدستور بمعزل عن المؤسسات الأخرى؛ الأمر الذي أسفر عن دستور "يهدد سيادة الدولة واستقرارها في نهاية المطاف، والدور التكاملي الذي من المفترض أن تلعبه مؤسسات الدولة". وقال إن "باب مقومات الدولة لم يتم تنقيحه، مما يؤثر سلبًا على باب الحقوق والحريات، ويتيح للسلطة التغوّل على الحريات والديمقراطية باسم تفسير معيّن للدين الإسلامي". ولفت إلى أن النص المعدل للمادة 7 بأن الأزهر هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية "يحفظ للأزهر نفوذه التشريعي" و"يفتح الباب أمام إمكانية تدخُّل الأزهر في العملية التشريعية، لتكون له اليد العليا على مجلس النواب المنتخب وفي الحياة السياسية". وقال إن "المادة الثالثة التي نصت على أن مبادئ شرائع المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية والشئون الدينية واختيار قياداتهم الروحية، تتجاهل من ناحية وجود أقليات وطوائف دينية أخرى، ومن ناحية أخرى تُنشئ المادة نظمًا قانونية متعددة وموازية بخلاف المتعارف عليه في الدولة الحديثة. كما تضع هذه المادة قيودًا على حقوق المواطنين المسيحيين في الطلاق والزواج، وتجعلهم رهائن للقرارات الكنسية". وفيما قدمت المادة 53 نصًا جيدًا يؤكد على المساواة الكاملة بين المواطنين ويجرم التمييز والحض على الكراهية ويُنشئ مفوضية مستقلة للقضاء على كافة أشكال التمييز، إلا أن المادة 64 قامت بالتمييز بين المواطنين حين نصت على أن القانون ينظم حق إقامة دور العبادة لما أصبح معروفًا بالأديان السماوية فقط، معتبرا أن هذا "إخفاق آخر في حماية الحقوق الأساسية للمواطنين، ودسترة للتمييز". واتهم المركز المادة 67 بأنها "ترسخ رقابة السلطات على الفكر والرأي وتفتح الباب بنص دستوري أمام حل الخلافات الفكرية في ساحات القضاء. فضلا عن أن الصياغة الملتبسة للمادة تسمح بتقنين فرض عقوبات سالبة للحرية، على أصحاب الرأي بدعوى التمييز بين المواطنين أو التحريض على العنف". وتنص المادة 67 على أنه "لا يجوز تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها". وقال المركز إن الشق الأخير من المادة 67 في المادة 71، التي تسمح بفرض رقابة على الصحف في زمن الحرب والتعبئة العامة، "يشير إلى أن اللجنة لم تستطع تجاوز فهم عتيق للرقابة على النشر في زمن له طبيعة مغايرة." وفيما لم تسمح المادة 76 بإنشاء النقابات بالإخطار مثل الجمعيات والمؤسسات الأهلية وجعلت ذلك حقًا يكفله القانون؛ فقد مضت المادة 77 على نهج دستور 2012 في الوقوف ضد مبدأ التعددية النقابية ونصت على ألا ينشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، حسب بيان المركز. وقال المركز إنه "يشعر ببالغ القلق من فشل تجربتين متتاليتين خلال عام واحد، لصياغة دستور دولة مدنية ديمقراطية يوفّر الضمانات اللازمة لحماية الحقوق والحريات بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويليق بالتضحيات المبذولة من أبناء الشعب المصري قبل وبعد ثورة 25 يناير".