وزير المالية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    استقرار سعر السكر في السوق المحلية اليوم    إعلان حالة التأهب الجوي في كييف وجميع المقاطعات الأوكرانية    الصين: اعتزام اليابان نشر أسلحة هجومية قرب تايوان يهدد بإثارة التوترات الإقليمية    بسبب إصابته قبل مواجهة زيسكو، فحص طبي ل محمود بنتايك    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    كأس العرب - متى يتحدد منافس مصر الأخير في دور المجموعات    الأرصاد تحذر من تقلبات جوية خلال ساعات .. اعرف التفاصيل    بدء محاكمة البلوجر لوشا بتهمة بث فيديوهات خادشة    محافظ الجيزة يتابع جهود منظومة النقل الحضاري لاستبدال وإحلال «التوك توك»    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    الصحة: استمرار موجة انتشار الفيروسات التنفسية حتى نهاية فبراير المقبل    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    بعد واقعة مدرسة «سيدز الدولية».. «التعليم» تطلق حملة لتوعية الطلاب بالحفاظ على السلامة الجسدية    دولة التلاوة.. وترزية الجباية    في تعاونها الثاني مع كريم محمود عبدالعزيز .. دينا الشربينى تروج لفيلمها الجديد طلقنى عبر حسابها على إنستجرام    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    تألق مصري فى كونجرس السلاح بالبحرين وجوائز عالمية تؤكد الهيمنة الدولية    بعرض استثنائي لميسي.. إنتر ميامي يتأهل إلى نهائي المنطقة الشرقية    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    الرئيس البرازيلي السابق يبرر إتلاف سوار المراقبة بهلوسات ناجمة عن الدواء    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    كيفية تأثير الأجهزة اللوحية على نوم الأطفال ؟    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    أسامة نبيه: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. وموهبة لا تُنسى تركت إرثًا في الزمالك    إيمان أبوالدهب: فخورة بنجاح "لينك" وتحقيقه أعلى نسب مشاهدة على DMC وWATCHIT    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس غريبا اتهام طلاب الهندسة بقتل الشهيد!!
نشر في المشهد يوم 03 - 12 - 2013

يذكر لنا الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر كيف اعترف بما هو أغرب من هذا ألف مرة.. تحت وطأة التعذيب وعقاقير الهلوسة التي أرغموه على تناولها اعترف: اعترف
س : ما الأسماء الصريحة لرفاقك الإرهابيين:
سقراط وابن رشد والسمندل والنفرىّ وأورفيوس والسعلاة إلى آخر ما وجدنا في أوراقك من أسماء حركية..
- سنعرف كيف تنطق حين نواجهك باعترافاتهم صوتا وصورة..
وحين ووجهت بتقارير المخبر أفلاطون،
وجدالات التهافت ومناهج الأدلة، ونار الطقس المبدئ المعيد، وبشارة الإيذان بالوقت،
والملابس الداخلية لأوريديكي،
وزمزمة السفاد في بوادي الجن،
وسمعت تسجيلا لصرخات الهلع من زرقاء اليمامة..
اعترفت بأدق التفاصيل
***
اعترف محمد عفيفي مطر بأدق التفاصيل..
فلماذا العناد يا طلاب كلية الهندسة؟!
***
يدرك ذلك من قرأ "احتفالية المومياء المتوحشة " وهو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكبير محمد عفيفي مطر الذي عبر فيه عن تجربته في لاظوغلى إثر معارضته للحرب على العراق ، لقد أوجز الشاعر الكبير ما حدث له في جملة يفوق تكثيفها أي شعر، ويزيد ألمها عن أي خيال:"عوملت في لاظوغلى كما تعامل الحيوانات" ، وربما يظن القارئ الذي لا يعلم حقيقة ما يحدث هناك أن الجملة تعنى بعض الإساءة اللفظية، أو دفعة باليد فذلك أقصى ما يمكن أن يجول في أذهاننا بالنسبة لشاعر بارز على المستوى الوطني والعربي، ثم أنه في العقد السادس من عمره، لكن ذلك لم يحدث، فالذي حدث أنه تعرض للتعذيب بشكل مكثف ووحشي على مدى عشرة أيام بمقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلى، صعقوا الشاعر الكبير بالكهرباء، ثم علقوه لفترات طويلة من معصميه، ضربوه بجسم صلب على رأسه و أجزاء متفرقة من جسده، و خلال الأيام العشرة، ظل الشاعر الكبير، المشرف عمره على الستين، ظل، طوال الأيام العشرة معصوب العينين، ومقيدا بقيد حديدي يضيق كلما حرك الرسغين مما سبب له ألما فظيعا، ربطوا عينيه وأذنيه برباط ضاغط كثيف، مما نتج عنه تجمع صديدي تحجر تحت الجفنين، وتورم لحم الأذنين والتصاقه بالرأس التصاقا قاسيا، مع الضرب، و إلقاء الجسد بشكل مفاجئ نتج عنه جرح عميق بجلد الرأس أخذ ينزف بالصديد لمدة شهر ونصف و أحدث له ضعف إبصار بالعين اليمنى، كما أجبر على تناول عقار عبارة عن برشامتين صغيرتين كانتا تسببان له اضطرابا وهلوسة بصرية وسمعية يفقد على إثرها الوعي، كما جرى تعليقه كالذبيحة لمدة طويلة من يديه المقيدتين ووضع رباط على قدمه مما يجعل جسمه كله مرتكزا على الرسغين، وتعرض أيضا للصعق بالكهرباء على الأماكن الحساسة، و أجبر على الوقوف عاريا أمام تيارات الهواء البارد، والتعرض لعدد كبير من حالات الضرب الشامل، ولفترات طويلة من التجويع.
يجب أن أقرر أن كل تعذيب مدان أيا كان ضحيته و أيا كان مبرره، التعذيب جريمة، والقائمون به مجرمون، وحتى لو غزا النظام الذي يقوم به أجواز الفضاء وحقق المجد والثروة والنصر للوطن، حتى لو لم يكن النظام القائم به نظاما فاسدا همجيا يقود وطنه و أمته إلى الخراب، حتى لو ساد من يقومون به العالم فإنهم مجرمون أمام الله والتاريخ والإنسان.
كان محمد عفيفي مطر ينزف من أجل الوطن، وكان شعره نزيفه:
أرضك مفترق تتسع به أرض الأغيار..
وتعبره أمم وجيوش..
للأقوى وعبيد الأقوى، ميراث أنت لمن يرثون..
على كتفيك تكسرت الأمواج تواريخ مجاعات ..
وطغاة منكسرين ومزهوّين..
----------
ذهبوا إليه واصطحبوه إلى لاظوغلى، وفي فجره الأول هناك ساموه سوء العذاب:
الليل صقيع و روائح لحم الإنسان المشوي طرائد..
منسرح الريح..
الشاعر يتلقط لحم جوارحه..
ويسح دم..
والشاعر يركض علّ المطر الأسود يغسله ويذيب جوارحه في البرق وينثره خرزا..
انتبهت أعضائي في حلم المذبحة الكونية..
أبتدئ الركض لآخذ موضع أسمائي الحركية
والعلنية في قافلة المذبوحين وقافلة الأسرى..
أيقظني الفولاذ البارد..
كنت أميرا يمرق في "تشريفة" صفين من الأشباح..
***
كل جدار، كل معبر، كل زوايا الأرصفة..
أقدام شرطي يسير سيره المنتظما..
وبحجم ذلك الكائن الخرافي الوحشي يكون حجم خوفكم:
وقفت بين النطع والسياف..
مستجمعا مملكتي الخفية..
وارتعشت في يدي مواسم القطاف..
وانفجرت خلية خلية..
تحجرت وارتعدت مفاصلي من خوف أن أخاف..
***
أفي الفجر الثالث له في لاظوغلي حيث يصف ما حدث له:
أقسى من الموت ارتعاش الموت في الشلو الذبيح..
من معصميك لكاحليك..
كابدت وحدك أيها النحات..
ليس من شئ لشيء غير عصف الروح في عصف الرماد..
مستحدث الكيمياء يكشط من ظلامك طينة..
للخلق فالملكوت يسطع..
والحشود المبهمات، و أنهر الدم، والملوك..
على الأرائك يتكي الجلاد منتظرا سقوط الصقر محترقا بجائش حلمه..
ويقصد الشاعر بمستحدث الكيمياء تلك الأقراص التي أرغموه على ابتلاعها، والتي كانت تسبب له اضطرابا شديدا في أحاسيسه وفقدانا للوعي، كان في السادسة والخمسين من عمره، وكان يعذب كل هذا العذاب. يصف الضابط الجلاد الذي يجلس متكئا على الأريكة في انتظار انهياره، وتحت ظلام العصابة التي عصبوا بها عينيه ينفجر الضوء بين قوائم عرش الجلاد:
ست وخمسون ارتمت عنها مهلهلة الثياب..
وصرصر هبت فخشخشت الضلوع..
لوّحت من هلع الذهول..
وصرخت فابتدرت يد الجلاد ناصيتي وشد وثاق عينىّ المشاكستين بالرؤيا
ومكنون التذكر والعناد..
فرأيت جوهرة الظلام على قوائم عرشه انفجرت نهارات مضوّأة وأشهدنى مقام الذل تحت يد الأذلاء المهانين:
الدهور تفجرت أجداثها بالثأر،
فالأمم المؤبّدة الذحول..
هبت دفائنها وقام الوحش وانتشر الجراد..
وتخشعت أمم الحشائش والهوامش والخواء المستذلّ..
تفاصحت في الموت أعلام الذبول..
وتحللت إرمٌ وعاد
في الغائط الكلبىّ والنفط..
البلاد وظلمة الملكوت عهن طائر،
وتخطفت جسدي المناسر والعصىّ
معلقا ومثبت الرسغين في الأفلاك
في أقصى الظلام..
***
يصرخ محمد عفيفي مطر:
الأجواء غربان وبوم..
والخلائق محض قيء من جحيم الروح والهولات ترقص في فضاء الرعب..
خذي كفي من قيد الحديد ألملم الشفّ المشقق..
كان جلاد بكعب حذائه يهوى علىّ فطقطقت ضلع
ارتميت..
وليس من وطن سوى هذا الرماد..
***
في سادس أذان للفجر له هناك، حين راح يحلم في عذابه الجنوني المجرم بشربة ماء:
تحت العصابة كان وقت من دم..
والأفق مشتعل بوهج حريقه الممتد..
أنت تهز رأسك..
تستفيق من المخدر وانتهاك الذاكرة..
شيئا فشيئا تخرج النهر المخبأ تحت جلدك..
أغيمة تبدو أم الإبريق صلصلة من الظمأ المفضض في العراء..
قلت اغسل القدمين والرسغين، أطفئ جمرة الفولاذ تحت أساور الصلب المحبك..
وارتخت في القيد أطرافي..
وكنت أفيق من خلط المخدر وانتهاك الذاكرة..
شيئا فشيئا..
قبل أن تبتل أطرافي انتبهت على فحيح الموت
يفهق في العصي وفي كعوب الأحذية:
- قم، طأطىء الرأس، استدر، واصعد، وقف..
كان الهواء رطوبة وحرارة وزهومة تعلو عفونتها..
ورائحة الشواء كأنها نتن الخليقة في سهوب الموت..
وكان القيد في الرسغين جمرا نابضا:
- ( هيئه واحذر أن يموت فعهدة الأفراد كاملة الدفاتر)
كنت مشبوحا وسلك الكهرباء على يديّ
وكان برق من وحوش الطير ينهش ظاهر الكفّين..
تنبش ثم تلقط..
لا دمى يكفي ولا يكفي طحين العظم..
فانظر هل ترى..
لا شئ يبقى من بلادك غير جير العظم..
هل وطن سوى هذى المسافة بين لحمك في الجحيم وبين سلك الكهرباء
***...
خمسين عاما..
كلما نضجت جلود الميتين تقلبوا في الجمر
واتسعت مسافات الحريق..
الأبيض المتوسط انفجرت زعازعه بفيض الدمع والدم..
- ليس من نصر يجئ –
...
خمسين عاما كنت شاهدها الضحية..
والمقاود جررت فولاذها الريح العفية..
عسكر الثوار، حفارو القبور المخبرون..
نخاسة الأفكار في الزيف الأجير..
فخدّدَت في نازف الأرض الطرائق للخيول وشاحنات السجن
وسّعت المسالك للمدافن والنعوش..
...
أنصت إذن لدماك تنزف من فتوق الذاكرة..
أبناؤك التفوا - وهم ذبح سينضج وقته..
فاجدل منادمة من الدم والكلام..
هل ثم شئ كائن إلا نزيف الذاكرة..
ومسابح الدم والكلام ..
***
كان الليل تحت عصابة العينين ينبض ملحه المسنون..
بالبرق المفتت والدخان ومشهد الموت الأخير..
...
ومئذنة يؤذن فوقها الجزار :Ave Mary
ومريم كانت اتكأت تهز النخل لا رطب ولا نجم سوى الفولاذ منصهرا.. يئزّ يؤجّ يهطل..
والدخان معارج الموتى وقافلة الحجيج..
صوت المؤذن من رفات العامرية طالع متوضئ..
باللحم والدم وانصهار الرمل والفولاذ بالموتى
و أنت تخب في عار النجاة تقلب الكفين من مقهى إلى مقهى..
ومن عار الحداثيين في لغو القراءات الدنيئة والضمير المسترق..
من المهارشة الخصية من مصارعة الديوك على بقايا الغائط النفطي.. والتنوير في ظل النعال..
و أنت في عار النجاة تخب..
والصوت المؤذن رائق الترجيع..
كان يثوّب (يوقظ) الموتى..
فينبعثون من روح الظلام..
جماعة يتقطر الدم من وضوئهمو ومن قتلى الظهيرة في الميادين التي امتلأت كتائب من سرايا الأمن..
تبدأ ركعة الميعاد على ربوبيات لاظوغلي..
ونهش الكهرباء على المعاصم والمحاشم..
***
واسّاقط الكفن المعقود ألوية: مجد ولا شرف..
والشعب تحت عراء العار يرتجف -
قد يسلم الترف المأبون في زمن ديّوثه الصحف..
ها أنت تحت سياط الكهرباء وبين القيد والظلمات السود:
- تعترف ؟
- إن الكلاب ملوك، والملوك دمى..
والأرض تحت جيوش الروم تنجرف..
...
زحزحت في قيد التعذيب قيد يدي
فاشتدّ واهتزت - في قطرة علقت تحت الجفون - سماء الله:
التقفت رأس القتيل جروح الصدع في كبدي
...
دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد الكحل والقطران من رهج الفواجع في الدهور..
عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في عظام الرأس عقدتها..
و أنت مجندل يا آخر الأسرى ولست بمفتدى..
فبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبيا..
وهذا الليل يبدأ..
تحت جفنيك البلاد تكومت كرتين من لحم الصديد..
الليل يبدأ..
والشموس شظيّة البرق الذي يهوي على عينيك من ملكوته العالي..
فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحلّ وجهك جيفة تعلو روائحها فتعرف أن هذا الليل يبدأ..
...
هذا الليل يبدأ..
فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك..
أيها الجسد الصبور..
***
س : ما الأسماء الصريحة لرفاقك الإرهابيين:
سقراط وابن رشد والسمندل والنفرىّ وأورفيوس والسعلاة إلى آخر ما وجدنا في أوراقك من أسماء حركية..
- ...
سنعرف كيف تنطق حين نواجهك باعترافاتهم صوتا وصورة..
وحين ووجهت بتقارير المخبر أفلاطون،
وجدالات التهافت ومناهج الأدلة، ونار الطقس المبدئ المعيد، وبشارة الإيذان بالوقت،
والملابس الداخلية لأوريديكي،
وزمزمة السفاد في بوادي الجن،
وسمعت تسجيلا لصرخات الهلع من زرقاء اليمامة..
اعترفت بأدق التفاصيل..
...
هل كانت بلادك أم جنونك - هذه؟!..
أم أنت من فجر الخليقة لازب الطين المقدر للغواية والجنون
متقلب الأشكال بين يدي " خنوم "..
طالع من وقدة الفاخورة العظمى..
ومصطف صفوفا كلما بليت أعيدت في براح العصف والخلق الرميم المستعاد؟!..
- : اخلع ثيابك..
(لفحة الخوف المشوش بالحياء وزمهرير الفجر،
صفان خنوميان تلمع في أكفهما عصى الخيزران،
وحارسان يصلصلان برجفة الجنزير:
كلب في علوّ البغل يقعى،
آخر في هيئة الوحش الخرافي اشرأبّ )..
- أدر إلى الجدران وجهك..
لا كلام ولا تلفّت..
...
طأطىء ولا تنظر وراءك واحتبس أنفاسك..
( الزمن انفجار الرعب :
هل سيمزق الكلبان لحمك من وراء أو أمامْ )
...
هذه كانت حدود العبقرية في المكان:
سجن وجلادون..
أدوار الخنوميين ما بين الهزائم والخراب..
ضريت كلاب الصيد فانتظروا المواسم..
...
- :البس ثياب السجن، لا تنظر وراءك، لا كلام ولا تلفّت..
( لا كلام سوى دوى الإرث من ليل القراءة في دم التعذيب والهول المؤبد..
في بلادك والخنوميين في منفي التواريخ التي أبقت دم القتلى يبيد ويستعاد.. )
***
ملحوظة: المقال نقلا عن صفحة الدكتور محمد عباس وهو تلخيص شديد لثلاثة فصول في كتابه: "إني أرى الملك عاريا"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.