غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    عاجل- رئيس الوزراء يبحث تعزيز العلاقات المصرية البولندية وتطورات الأوضاع الإقليمية خلال لقائه نظيره البولندي في قمة أنجولا    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق: حماس خدعتنا لسنوات.. وهجوم 7 أكتوبر كشف إخفاقنا    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة الأهلي ضد الشارقة مباشر دون تقطيع | دوري أبطال آسيا للنخبة    الحبس 6 أشهر وغرامة 20 ألف جنيه لفادي خفاجة بتهمة سب وقذف مجدي كامل    قائمة برشلونة لمواجهة تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    الأعلى للإعلام يعاقب عبد العال    المرأة وكبار السن وذوي الهمم يتصدرون المشهد الانتخابى بالشرقية    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 24-11-2025    روني يهاجم صلاح ويطالب سلوت بقرار صادم لإنقاذ ليفربول    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش"    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    تنميه تعلن عن تعاون استراتيجي مع VLens لتعجيل عملية التحول الرقمي، لتصبح إجراءات التسجيل رقمية بالكامل    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    ضبط المتهمين بالرقص بدراجاتهم النارية داخل نفق بالشرقية    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    اشتباكات عنيفة بين الأمن السوري ومسلحين في اللاذقية    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    رئيس الوزراء يصل أنجولا للمشاركة في القمة السابعة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    وزيرة التنمية المحلية تتابع سير انتخابات مجلس النواب بمحافظات المرحلة الثانية    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    "الأكاديمية العربية" تتقدم عالميًاً في تقييم نضج بيئة الأبحاث والابتكار    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    محمد أبوعوض: الدولة تقف على الحياد بالانتخابات ورسائل القيادة السياسية حاسمة    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    مدير أمن القليوبية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب للاطمئنان على سيرها بانتظام    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    زيلينسكي يتحدث عن تحقيق تقدم في محادثات السلام رغم الحاجة إلى مزيد من الجهود    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب ويؤكد : المشاركة مسؤولية وطنية    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    أحمد مراد يكشف كواليس فيلم «الست»: مغامرة إنتاجية تستعيد حضور المرأة في السينما المصرية    مسلم ينشر أول فيديو بعد رجوعه لزوجته يارا    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عفيفي مطر..
المومياء المتوحشة.. وسيرة ليالي الظمأ
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 04 - 2011

في فجر الثاني من شهر مارس 1991 اقتحمت منزل الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر بقرية رملة الأنجب- مركز أشمون- محافظة المنوفية قوة مسلحة بالرشاشات والعصي والدروع، حيث قام أفراد منها بقيادة ضباط بالملابس العسكرية والمدنية بالتفتيش الدقيق لمسكنه وكتبه وأوراقه الشخصية دون تقديم اذن من النيابة او السلطات القضائية او تحديد الغرض من هذا الهجوم المسلح المفزع، وبعد التفتيش تم اقتياده بالقيود الحديدية التي وضعت في معصمه الي عربة الترحيلات بين صفين من الجنود الذين كانوا يقفون وقفة الاستعداد لاطلاق الرصاص.
وقد أقام حتي منتصف نهار يوم 2 مارس 1991 في حجز قسم شرطة شبين الكوم، وبعد الإجراءات البوليسية المعتادة من تصوير وأخذ بصمات وبيانات.. إلخ، أخذوه الي عربة الترحيلات التي اسرعت به وسلمته الي المسئولين في مبني مباحث امن الدولة بميدان لاظوغلي بالقاهرة، حيث بدأت علي الفور إجراءات وممارسات التعذيب وإهدار الآدمية، وترويعه وقهره بطرق واساليب بينها مطر في البيان الذي أصدره بعد خروجه من الاعتقال: وتلك الأساليب هي:
وضع القيود المعدنية الحديثة في يديه وقدميه لمدة عشرة أيام هي مدة بقائه تحت التعذيب في امن الدولة بلاظوغلي.
ثانيا: ربط عينيه برباط ضاغط كثيف لايرفع أبدا ولايعدل وضعه مما نتج عنه تجمع الصديد وتحجره تحت الجفنين حتي امتلآ بما يشبه اسنان الزجاج المهشم، فتكون الحركة التلقائية للعينين والجفوف المطبقة حركة شديدة الإيلام، وتورم لحم الأذنين والتصق بالرأس التصاقا قاسيا، وضغطت عقدة الرباط علي الجمجمة من الخلف ضغطا يميت الاحساس بجلد الرأس.
ومع الضرب وإلقاء الجسد علي طوله فوق الأرض بالوقوف المفاجيء تغوص عقدة الرباط شيئا فشيئا داخل جلد الرأس، وقد تخلف عن ذلك جرح عميق برأسه باتساع يكفي لدخول اصبعين فيه- علي حد تعبير »مطر«- وظل ينزف بالصديد اكثر من شهر ونصف الشهر، حتي اندمل وتركم اثره المحسوس، مما احدث اضطرابا شديدا في ابصار عينه اليمني.
ثالثا: تم إرغامه علي تناول عقار لايعرف اسمه أو سبب تناوله- لأكثر من مرة- مما سبب له اضطرابا شديدا وهلوسة بصرية وسمعية افقدته الوعي بمعايير وقيم الزمان والمكان، مما جعله اسيرا لأخيلة شديدة الفوضي.
ويري »مطر« انهم ارغموه علي تناول هذا العقار لتدمير الارادة بداخله وتحطيم بنية الشخصية والعقل.
رابعا: تعليقه كالذبيحة لمدة طويلة، من يديه المقيدتين بالقيود الحديدية، مع ضربه بالعصي وغيرها مما لايعرف من ادوات الضرب، وتطويح جسمه اثناء ذلك مما جعله يحس بالألم والرعب، كما تم تهديده بادخال العصي بين فخذيه.
خامسا: إدخال يديه الأثنتين في جهاز للصاعق الكهربائي مما جعله يعوي كالذئب الجريح لساعات طويلة ويتخبط محترقا بالألم والظمأ وانتفاضات التيار الكهربائي في اعضائه، مما اوصل اطراف الأصابع الي حالة من التهتك والتفحم، ونتج عن ذلك فقد الاحساس.
سادسا: تم خلع ملابسه وأوقفه رجال أمن الدولة عاريا امام تيارات هواء باردة قارسة الوخز لفترة طويلة، ولم ينقذه من تلك الممارسات الإبادية دخوله في حالة اغماء.
سابعا: التعرض لعدد كبير من وجبات الضرب الشامل، حيث كانت تنهال عليه الضربات الساحقة من كل ناحية وبإيقاع سريع مروع، وسحق الوجهين والفكين والوجه بالضربات الخاطفة المتقنة، مما ترك جسمه كله ملونا بالخطوط والبقع الدموية الزرقاء الواسعة، وترك جرحا انكشفت منه عظام الأنف وأثاره بدت واضحة علي وجه »عفيفي مطر« بعد ذلك، كعلامة ودلالة علي قدر الشاعر المثقف وقدرات السلطة في ذلك الوقت.
ثامنا: التعرض لفترات طويلة من التجويع والحرمان من مقومات الحياة إلا في حدود الضرورة الدنيا لبقاء الحي حيا دون حساب لمرض او دواء او اغطية، وجعل قضاء الحاجة مناسبة لاهدار الكرامة، اذلالا وانهاكا لبقايا الشعور بالأدمية وقد سجل »عفيفي مطر« هذه التجربة القاسية في واحد من أهم دواوينه الشعرية وهو »احتفاليات المومياء المتوحشة« والذي كتب عددا كثيرا من قصائده في المعتقل، ويهديه الي طفلته الصغيرة - وقتها- »رحمة« قائلا- »بعبارات ذات دلالة عميقة علي مالاقه من صنوف التعذيب:
»إلي طفلتي رحمة/ لم أكن ألتفت لشي سوي يديك النائمتين/ حول »الدبدوب« المحدق بعينيه اللامعتين/ ولم أكن أخاف شيئا سوي يقظتك بمفاجأة الجحافل وهي تلتقطني/ أما الأثر الدامي علي عظام الأنف الذي لاتكفين عن السؤال حوله فهذا هو الجواب«.
وفي قصيدته »زيارة« يرصد »مطر« ما حدث له ليلة اعتقاله، مستعينا بصورة »رحمة« التي تحمل دبدوبها في براءة، في المقابل نجد صورة رجال الأمن بوجوههم الغليظة.
أسلمني »الدبدوب« النائم بين ذراعي »رحمة« والفجر المنفوش الصوف إلي سنة من غضب اليأس وفزع الرؤيا.
فانتبهت أعضائي في حلم المذبحة الكونية: ابتديء الركض لأخذ موضع أسمائي الحركية والعلنية في قافلة المذبوحين وقائمة الأسري.. أيقظني الفولاذ البارد،
كنت أميرا يمرق في »تشريفة« صفين من الأشباح، وكانت شاحنة السجن ترضرض فوق ثعابين الأسفلت فيسلمني الإيقاع إلي سنة من خدر المجهول الفاضح، كانت رائحة الغيطان المبلولة اغواء دم تتفتق شهوته ركضا في النوم وتعرية لظلام الخضرة في الأحلام وعصف الروح.
وفي قصيدة »وجوها ينظف الدم« ينتقد »مطر« السياسات التي افقدت الشعب حريته، حيث يتجلي صوت الشاعر الباحث عن انسانية الإنسان في ظل الواقع المادي الطاحن حيث يعري كثيرا من ادوات الزيف التي يعتمد عليها اصحاب السلطات المطلقة:
والشعب تحت عراء العار يرتجف
قد يسلم الترف المأبون في زمن ديوثه الصحف
ها انت تحت سياط الكهرباء وبين القيد والظلمات السود.
-تعترف؟
- إن الكلاب ملوك، والملوك دمي، والأرض تحت جيوش الروم تنجرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.