قام مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية ، بتوثيق كتابات ونقوش بلدة القصر بالمكتبة الرقمية للنقوش والخطوط ، وذلك في إطار اهتمام المركز بزيادة الوعي الأثري لتراث الخطوط والكتابات بالصحاري المصرية، وما تحمله تلك المناطق من صفحات صادقة لتاريخ وحضارة مصر في كل عصورها. وحرص مركز دراسات الكتابات والخطوط على توثيق النقوش في أماكنها الطبيعية بالبلدة نفسها وبأعلى درجات الاحترافية من قبل مصور محترف على الرغم من بعد المسافة وعدم وجود طرق مباشرة لبلدة القصر، وتم تشكيل فريق بحثي متخصص برئاسة المتخصص في الكتابات والعمارة التقليدية في صحراء مصر الغربية الدكتور سعد شهاب، وللأسف اندثرت بعض النقوش الموجودة على الأعتاب، وسرق البعض الآخر، ولولا جهود وزارة الآثار في الحفاظ على تلك الثروة الثقافية لضاعت واختفت تماما النقوش التي تمثل وثيقة تاريخية هامة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأهل المنطقة والعائلات العربية التي استقرت بها، وأهم الصناع بها، وعرض لأهم الوظائف السياسية والشخصيات التاريخية التي استقرت ببلدة القصر. وتمثل كتابات بلدة القصر مدرسة خاصة في الخط العربي وفي خط الثلث الجلي تحديدا، استطاعت أن تخلق لنفسها نمطا محددا من الضروري توثيقه، لأنه يعطي صورة للأنماط الفنية لكتابات الأطراف التي سادت في مصر خلال العصر العثماني، خاصة بعد انتشار سرقة تلك الأعتاب بصورة ملحوظة. كما قام فريق مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية بتوثيق ما يزيد على 50 عتبة خشبية في مداخل المنازل، ومحفور على كل عتبة كتابة بارزة بالخشب باسم صاحب الدار، وتاريخ إنشاء المنزل واسم الصانع الذي صنع العتبة. يذكر أن عائلة علام النجار كانت أشهر العائلات في صناعة الأعتاب، وأقدم عتبة بالقرية يرجع تاريخها إلى عام 914ه في منزل محمد خطب، وصنعها المعلم لطف الله، ويعتبر بيت القاضي عمر بن القاص سباعي العثماني الواحي القصري من أضخم بيوت القرية، وعدد أدواره أربعة وبني عام 1113 هجرية. كما استطاع فريق التوثيق بالمركز توثيق الكتابات "منزل وطاحونة حسانين" بالكامل التي توجد في في شارع البرج بالقرية، ومازالت الطاحونة قائمة على حالها، إلى جانب توثيقه لكتابات المحكمة، التي كانت تستخدم كمدرسة. وقال أخصائي بحوث بمركز الخطوط الباحث محمد حسن، إنه تم إدراج نقوش بلدة القصر بالكامل على موقع المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط، على أن يتم إخراج كتاب موسوعي للدكتور سعد شهاب يضم النقوش كاملة والتحليل الفني والتاريخي لها خلال النصف الأول من عام 2014م. بدوره، أوضح نائب مدير مركز الخطوط أحمد منصور، أن توثيق نقوش بلدة القصر حدث مهم في تاريخ نشر الكتابات نظرا لندرة مجموعة النقوش الموجودة بها والتي تتيح نظرة مختلفة على حياة الصحاري تتسم بالاتساع وعدم الاقتصار على كتب التاريخ والاجتماع، فالنظرة التي تلقيها النقوش كوثيقة تاريخية على القضايا الشرعية والممارسات المتعلقة بالتملك وحياة الناس وتصور مدي المرونة التي اتسمت بها الحياة في بلدة القصر. وأكد منصور أن هذا العمل بمركز الخطوط لم يكن ليتم بتلك الصورة المشرفة لولا التعاون الصادق من وزارة الأثار، التي سمحت بالتصوير والتوثيق لفريق مركز الخطوط، وجميع مفتشي الآثار بالمنطقة الذين قدموا يد العون للمشروع. وتقع بلدة القصر في منتصف الصحراء الغربية على بعد 530 كيلومتر جنوب غربي القاهرة، وفي الشمال الغربي من مدينة موط عاصمة الواحات الداخلة على بعد 35 كم منها، وتعتبر البلدة أولى الأماكن التي استقبلت القبائل الإسلامية عند وصولها الواحات سنة 50 ه، وبها بقايا مسجد من القرن الأول الهجري. وازدهرت "القصر" في العصر الأيوبي وبها قصر الحاكم ومأذنة لبقايا مسجد مكونة من ثلاث طوابق بارتفاع 21 متر، وتتميز شوارع البلدة بأنها جميعا مسقوفة بالأخشاب وجذوع النخل، وقد هيأ لها موقعها أهمية تاريخية منذ القدم؛ نظرا لكونها نقطة التقاء لعدة دروب قديمة، وكانت بمثابة الطرق الخاصة بالقوافل التجارية وللغزاة والفاتحين خاصة إلى بلاد المغرب العربي، كما كانت مقرا لكثير من الأمراء في العصر العثماني، ويؤكد ذلك ما عثر عليه من نصوص إنشائية على أعتاب بعض أبواب المنشآت. يذكر أن المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط تعد سجلا رقميا للكتابات الواردة علي العمائر والتحف الأثرية عبر العصور، وتهدف المكتبة إلى إتاحة دراسة النقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، منذ عصور ما قبل التاريخ حتي العصر الحالي، في جميع أنحاء العالم بنهج جديد ورؤية جديدة من خلال إنشاء مكتبة رقمية متكاملة للنقوش الأثرية المختلفة من أجل الحفاظ على التراث الحضاري والتاريخي للآثار.