في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني تخفيف التوتر مع الولاياتالمتحدة جاء هتاف "الموت لأمريكا" اليوم الجمعة، ليرسخ شكوك الغرب في استعداد طهران للتوصل لاتفاق لدى استئناف المحادثات المتعلقة ببرنامجها النووي الأسبوع المقبل. نصر روحاني الانتخابي القوي في يونيو الماضي كان بمثابة تفويض شعبي للعدول عن سياسة خارجية كثيرا ما تدخل البلاد في مواجهات ومحاولة لالتقاط الأنفاس من عقوبات دولية فرضت على إيران بسبب القلق من احتمال أنها تسعى لإنتاج أسلحة نووية.
كما أن هذا النصر أكسب روحاني تأييدا حذرا من قبل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي له القول الفصل في الشأن الإيراني. لكن المحافظين في المؤسسة السياسية المعقدة بالجمهورية الإسلامية ركزوا على التحفظات التي عبر عنها خامنئي وبدأوا حملة لكبح مبادرات روحاني الدبلوماسية. وتصاعد الجدل داخل إيران حول المدى الذي ينبغي ألا تتجاوزه البلاد في محاولتها تسوية الكثير من خلافاتها مع الغرب ومع الولاياتالمتحدة على وجه الخصوص.
وخلال زيارة روحاني للأمم المتحدة الشهر الماضي جرى اتصال تليفوني بينه وبين الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وكان هذا أول حديث مباشر بين رئيسي البلدين منذ أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه المدعوم من الغرب عام 1979. وهذا الشهر قال الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني وهو مناصر بارز لروحاني إنه لا يرى إمكانية لجني ثمار من ترديد هتافات تنادي بالموت لبلدان أو أفراد.
وأورد مقال في صحيفة معتدلة رأيا يقول إنه آن الأوان لأن تذهب هتافات دأب الناس على ترديدها مثل "الموت لأمريكا" كما ولت شعارات "الموت للاتحاد السوفيتي" و"الموت للصين" بعد الثورة الإيرانية.
لكن آية الله أحمد خاتمي الذي أم الصلاة في جامعة طهران -وهو المكان الرئيسي لصلاة الجمعة في إيران- والمحافظ البارز الذي عينه خامنئي اختلف مع هذا الرأي. وقال خاتمي للمصلين اليوم "أمريكا هي الشيطان الأكبر".
ونقلت عنه وكالة أنباء فارس قوله "على مر السنوات الخمس والثلاثين الماضية هل صغر هذا الشر أم كبر؟ إذا كانت أمريكا ثعبانا بالأمس على ساحة التآمر على إيران فهي الآن أفعى سامة. أي مؤامرة تحاك ضد إيران تنبع من أمريكا." وقال "انطلاقا من هذا المنطق نقول الموت لأمريكا. وعلى الأمريكيين ... أن يعلموا أن هذا الشعار هو سر المقاومة الإيرانية. وما دام هناك شر أمريكي سيظل هذا الشعار يتردد في أرجاء الأمة الإيرانية." وأخذ الجمع يردد "الموت لأمريكا". وهذا الأسبوع ثار جدل حول مقال نشر في صحيفة محافظة نسب إلى وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله إن حديث روحاني مع أوباما كان خطأ.
ونفى ظريف أنه أدلى بمثل هذا التصريح وقال إنه أمضى ساعات في المستشفى بعد آلام تملكته لدى قراءة المقال يوم الثلاثاء الماضي. ومن المقرر أن يرأس ظريف وفد التفاوض مع القوى العالمية الست في جنيف الأسبوع المقبل في أول جولة محادثات منذ انتخاب روحاني وما بعثه من آمال في إنعاش المحادثات المستمرة منذ عشر سنوات حول برنامج إيران النووي.
ونقلت وكالة أنباء تسنيم عن ظريف قوله اليوم الجمعة "تنتظرنا مهمة كبرى الأسبوع القادم وهي تحتاج إجماعا داخليا ووئاما قوميا أكثر من أي شيء".