تباينت آراء قادة الأحزاب والقوى والحركات السياسية حول قرار لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين اليوم بالإبقاء على مجلس الشورى تحت مسمى "مجلس الشيوخ"، فبينما أكد المعارضون أن الإبقاء على الشورى استنزاف لموارد الدولة وإعادة إنتاج للنظام السابق، رأى المؤيدون أن مصر تحتاج إلى المجلسين. قال أحمد بهاء الدين شعبان منسق عام الجمعية الوطنية للتغيير إنه مستاء جداً من قرار لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين بالإبقاء على مجلس الشورى لأنه يصطدم مع الرأى العام المصرى الذى يرى أن دور هذا المجلس هامشى وليس له أى تأثير إيجابى يذكر على البلاد
وأعرب شعبان، عن اعتقاده بأن "الإبقاء على هذا المجلس يمثل استنزافاً لموارد الدولة التى تعانى من حالة اقتصاية سيئة".
ولفت إلى أن "انتخابات مجلس الشورى وما يليها من مستلزمات مثل بدلات نوابه وغيره تتكلف مليار جنيه تقريباً وهذا مبلغ ضخم جداً سيزيد من الأعباء المادية على الدولة".
وأشار شعبان إلى أن مجلس الشورى كان فى العهود السابقة باباً لاحتواء إما المغضوب عليهم من رجال الدولة أو الذين يراد تكريمهم فى آخر عمرهم المهنى أو السياسي "لدرجة أنه أصبح كمخزن للتحف أو الأشياء التى لا نرغب فى استخدامها".
وتعليقاً على الصلاحيات الإضافية التى منحتها اللجنة لمجلس الشيوخ الجديد قال شعبان إن قانون مجلس الشورى القديم كان ينص على الكثير من الصلاحيات له لكنها كانت فى النهاية صلاحيات ورقية لم تتحق فى أرض الواقع "وفى حقيقة الأمر فإن قضية الرقابة على أداء الحكومة والدولة فى مصر شكلية وغائبة".
وقال "الوقت الآن ليس مواتياً للإبقاء على هذا المجلس لأنه سيحدث ارتباكاً فى خارطة الطريق التى وضعت فى 3 يوليو الماضى لأنها نصت على وضع الدستور وانتخابات مجلس النواب والإنتخابات الرئاسية فقط ولم تنص على إنتخابات مجلس الشيوخ الأمر الذى قد يطيل من المرحلة الانتقالية ويؤدى إلى زياددة التوترات والخلافات".
وقال الدكتور إبراهيم درويش أستاذ القانون الدستورى ورئيس حزب الحركة الوطنية إن لجنة الخمسين "وقعت اليوم فى خطأ جسيم" لأن مصر دولة موحدة وليست دولة مركبة كالولاياتالمتحدةالأمريكية أو الهند أو فرنسا.
وأوضح أن "الدولة الموحدة يجب أن تتكون السلطة التشريعية بها من مجلس واحد بينما الدول المركبة تحتاج إلى مجلسين الأول منها يأتى بناءً على معيار عدد سكانها و الثانى يأتى بناءً على تمثيل ولاياتها بالتساوى".
وتابع "كان أول ظهور لهذا النوع عام 1976 حين تم وضع الدستور الأمريكى وتحديد الموقف من وجود مجلس للنواب لكن الولايات الصغيرة وقتها رأت أن هذا الأمر ليس عادلاً لأن الولايات الكبيرة سيكون لها الحق الأكبر فى التمثيل فى المجلس لأنه قائم على معيار عدد السكان لذلك حاولوا إرضاءها بمجلس آخر أطلق عليه مجلس الشيوخ".
وقال "مصر دولة موحدة وفقيرة ولا تحتاج إلى المجلسين".
وكشف درويش أن الرئيس السادات طلب منه إعداد تشكيل هذا المجلس فى ذلك الوقت لكنه رفض، وقال "السادات قال لي نصاً (أريده أن يكون مجلساً للعائلة) فقلت له إن هذا لايجوز".
ولفت إلى أن "هذا المجلس على مدار تاريخه لم يقم بعمل تشريعي ولا يمكن أن يقوم"، واصفا قرار لجنة االخمسين ب"العك".
وقال إن السيد عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين طلب مقابلته لكنه اعتذر "لأنه ليس له صفة"، لكنه أرسل إليه كتابا به مشروع لدستور مصر مكونا من 48 مادة فقط.
واعتبر الدكتور أحمد دراج القيادى بحزب الدستور أن الإبقاء على مجلس الشورى أو الشيوخ هو بمثابة الدوران فى دائرة مغلقة وهو الأمر الذى سيؤدى بنا إلى نفس النقطة التى بدأنا منها فى ثورة 25 يناير وحتى 30 يونيو.
وقال "أتعجب من هذا العدد الكبير الذى يطالب بالإبقاء على هذا المجلس فى حين أن المجالس المتخصصة بإمكانها القيام بدوره دون أن تكلف الدول أعباء مادية إضافية".
وقال "ما أقرته لجنة الخمسين اليوم يجعلنا نضع ألف علامة استفهام أمام أعضائها"، معربا عن أسفه لأن "من يمثلون مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو يؤيدون إنتاج ماقبلها"، وصفا الشورى بأنه "مجلس غير ضروري وغير مؤثر في الحياة السياسية فى مصر".
وقال "أوافق على الإبقاء عليه فى حالة واحدة وهى أن يصر كل من سينضمون إليه على عدم الحصول على أى إمتيازات مادية أما غير ذلك فيعتبر إعادة إنتاج لما فعله النظام السابق".
بالمقابل اعتبر ممدوح رمزى المحامى وعضو مجلس الشورى السابق أن ما فعلته لجنة نظام الحكم اليوم بالإبقاء على مجلس الشورى أو الشيوخ وفقاً لمسماه الجديد هو تصور صحيح أثبتت من خلاله اللجنة أنها على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها وأن لديها حسا سياسيا عاليا.
وأضاف أن كل دول العالم تعمل بنظام الغرفتين البرلمانيتين ومن أبرزها روسيا وبريطانيا وأمريكا، وقال "بلد مثل مصر يزيد تعداد سكانها عن 90 مليون نسمة لا يكفيها مجلس نواب فقط لكن لابد لها من مجلس آخر للعقلاء الذين بإمكانهم تقديم المشورة لمجلس النواب، خاصة أن مجلس الشيوخ سيجمع صفوة المجتمع".
وأشاد رمزى بموقف اللجنة من إقرار كوتة للمرأة والأقباط فى مجلس الشيوخ، مشيرا، في الوقت ذاته، إلى أنه "إذا أجريت الانتخابات بالنظام الفردى فمن الأفضل الإبقاء على هذه الكوتة لكن فى إحالة إقرار النظام المختلط بين الفردى والقائمة النسبية فلا حاجة لنا بها لأن القوائم النسبية من شأنها المساعدة فى تمثيل عادل للفئات الأقل تمثيلاً كالمرأة والأقباط".
وقال الدكتور إيهاب الخراط القيادى بالحزب المصرى الديموقراطى الاجتماعي وعضو مجلس الشورى السابق إنه من مؤيدي بقاء مجلس الشورى، مطالبا بأن "نغض النظر عن أداء المجلس السابق لأنه كان يحكمه غلبة من التيار الإسلامى".
وتابع "يجب أن ندرك أنه وقت إنشاء مجلس الشورى المصرى كان عدد الدول التى تسير وفقاً لنظام المجلسين 25 دولة فقط فى حين أنها وصلت إلى 77 عام 2011 وقد تكون تجاوزت المائة الآن".
وقال "إننى أوافق على الإبقاء على الشورى ليس على سبيل المجاملات والترضيات الشخصية لكن لأنه يوفر على الدولة مبالغ كبيرة من خلال خروج قوانين تشريعية وسياسات للدولة بطريقة متقنة".
واكد الخراط أن ما يتردد عن مبالغ ضخمة تصرف على المجلس أمر غير حقيقى بالمرة، وقال "حتى وإن كانت تصرف عليه مبالغ، أياً كان قدرها، فهى فى النهاية تكون فى صالح تقديم مردود أفضل من جانب مجلس الشورى".
وقال إن "كل المطالبات بإلغاء هذا المجلس هى فى الحقيقة غير متأنية وغير مدركة لفائدته".