قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن قرض المليار دولار الذي قدمه المجلس العسكري للبنك المركزي المصري يمثل محاولة من المجلس لتقديم نفسه باعتباره طوق النجاة الاقتصادي لكنه أيضا تذكير بسلطة وامتيازات كبار الجنرالات الخاصة. و الذي يبذل اعضاء المجلس جهودهم للحفاظ عليها إلى الأبد. وهذا نص التقرير: قام المجلس العسكري بتقديم قرض للبنك المركزي قيمته مليار دولار دعما للجنيه المصري المتعثر، لإظهار المجلس على أنه الداعم لإستقرار الدولة وفي محاولة لتحسين صورته حيث يحاول ان يقدم نفسه على أنه طوق النجاة الاقتصادي وأن بامكانه المساعدة في تخفيف ضائقة المصريين المالية، حيث يواجه المجلس انتقادات لعدم رغبته في تسليم السلطة و ايضا نظرا للمعاملة الوحشية للمتظاهرين . هذا القرض الذي تناقلته وسائل الاعلام الرسمية يوم الاربعاء، ليكون جزءا من حملة علاقات عامة واسعة النطاق. يشير الاقتصاديون إلى أن سهولة توفيره حاءت لوجود ودائع مالية في حسابات عسكرية لم يكشف عنه خارج سيطرة الحكومة المركزية -- هو أيضا تذكير بسلطة وامتيازات كبار الجنرالات الخاصة. و الذي يبذل اعضاء المجلس جهودهم للحفاظ عليها إلى الأبد. وحتى بعد الانتخابات وعد المجلس بحكومة مدنية جديدة واضطر اليها بسبب اندلاع احتجاجات ضد الحكم العسكري في الشهر الماضي وحملة انتقادات لاحقة ضد الجنرالات . كما اضاف خبراء اقتصاديون "ان إقراض مليار دولار يعني أنهم قد حصلوا على مبلغ أكبر من ذلك بكثير" وقال راجي أسعد، الخبير الاقتصادي المصري في جامعة مينيسوتا ، في مقابلة عبر الهاتف. "انهم يريدون ان يظهروا انهم يحاولون المساعدة بقدر الامكان ، ولكنه في نفس الوقت تذكير بأن لديهم هذه الميزانية الكبيرة المستقلة". وجاءت أنباء القرض في اليوم نفسه الذي دخل الرئيس السابق حسني مبارك الى قاعة المحكمة بكرسي متحرك لاستئناف محاكمة كانت محط إحباط شعبي. فمن الثابت ان مبارك متهم بالتآمر لقتل المتظاهرين خلال 18 يوما من الاحتجاجات التي أنهت حكمه ، وباستخدام منصبه لتحقيق ثراء شخصي له ولأبنائه وصديق له. ولكن بعد خمسة أشهر فقط و خمسة جلسات استماع هناك شكوك بأن يحصل على البراءة . مما يمكن أن يفجر الوضع، هذا بالنظر إلى أن معظم المصريين يرون أن مبارك المسؤول في النهاية عن العنف والفساد الذي ميز عقود حكمه.وأضاف أسعد "لا أعتقد أنها (المحاكمة) تسير على ما يرام" . كما ذكر حسام بهجت ، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. "إن الطريقة التي تجري بها المحاكمات الآن ، تشعر الكثيرين بامكانية تبرئته". مثل هذه النتيجة يمكن أن تلحق ضررا سياسيا بالمجلس العسكري، من هنا كان القصد من اقراض مليار دولار للمساعدة في درء التهديد الأكثر إلحاحا. لأن الاقتصاد قد تعطل منذ الاطاحة الظاهرية بمبارك -- كما ان الاستثمار الأجنبي والسياحة على حد سواء يهرولان نحو الحافة -- لذا يؤكد اقتصاديون وتجار السندات أن مصر سوف تضطر الى خفض قيمة عملتها نتيجة ارتفاع معدل التضخم. مما سيؤدي الي ارتفاع الأسعار، والضغط على الأغلبية من المصريين الذين يعيشون تحت او بالقرب من خط الفقر. وذكر المستشارون الاقتصاديون للمجلس العسكري انه مع حرمان الاقتصاد من الأستثمارات الأجنبية، سينخفض احتياطي العملات الأجنبية بمعدل 2 بليون دولارتقريبا شهريا. لذا قامت الحكومة بحجز نحو 30 مليار دولار قبل ثورة يناير ، أحصى نحو 22 مليار دولار في اكتوبر الماضي وتستلزم المشاريع 15 مليار دولار بحلول نهاية الشهر المقبل. كما صرح محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، ان المتوفر 5 مليارات دولار لتغطية الالتزامات، ولم يتبق سوى 10 مليار دولار -- ما يكفي لتغطية شهرين من الواردات وليس كافيا لضمان استقرار العملة. وقال السيد نصر في حين أن الحكومة المصرية تقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لتحصين احتياطياتها، مثل بيع سندات في الخارج و طلب المساعدة الدولية السريعة، قامت وسائل الاعلام يوم الاربعاء باعلان ان الجيش سيقوم من جانبه باقراض الحكومة مليار دولار من "ارباحه الإنتاجية "-- وهذا هو المراد ذكره، -الأرباح من الوزارة غير العادية - التي تمتلك إمبراطوريته تجارية. من المعلوم ان القوات المسلحة لم تكن قد فتحت دفاترها لرقابة عامة أو برلمانية منذ عام 1952. وفي العقود الأخيرة، بنيت دوائر مصالح متداخلة ومترامية الأطراف لكبار الجنرالات تحت مظلة الوزارة، حيث ترتبط تلك الدوائر بمصالح مع صانعي السيارات والالكترونيات والفنادق والمنتجعات والمنتجات مثل المياه المعبأة في زجاجات. كما يتلقي الجيش أيضا 1.3 مليار دولار من المساعدات الأميركية المباشرة على الرغم من أن اغلبها يكون علي شكل أسلحة وغيرها من السلع. وتحت حكم مبارك، كثيرا ما قام الجيش بتقديم المساعدات لتخفيف و حل المشاكل الاقتصادية -- على سبيل المثال، قام بادارة المخابز عندما انخفض الانتاج من الخبز. وجنبا إلى جنب مع أخبار القرض المشار اليه، ذكرت وسائل الاعلام الرسمية ان الجيش كان يقوم ببناء الطرق 1.3 مليار دولار وارسال مساعدات الى المناطق التي تضررت من الفيضانات الأخيرة من أسوان. كما ظهر كبار الجنرالات على شاشات التلفزيون من اجل الاعلان عن مشروع جديد للإسكان العام. و علي مرأي من مبارك المتواجد داخل القضبان الحديدية اصبح المصريون محكومون بشكل اكبر. حيث بدا ثبات حالته منذ بدء محاكمته يوم 3 اغسطس. و كما حدث في السابق، وصل على متن مروحية. ودخل الي قاعة المحكمة، مستلقيا على ظهره محاط بالحراس الشخصيين. و مغطي ببطانية خضراء سميكة لتحميه من البرد صباح اليوم، وكان مادا يديه خلف رأسه. محامو عائلات شهداء الثورة يقولون انهم قلقون على نحو متزايد أن الرئيس مبارك قد يفلت من هذه التهم. الادعاء على ما يبدو سيعتمد على شهادات المسؤولين السابقين في عهد مبارك، وأبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحالي الذي لم و لن يقدم أي بيانات إدانة. ويقول جمال عيد، أحد محاميي دفاع الحق المدني إن ممثلي الادعاء في هذا التحقيق كانوا " ضعافا واهنين" كما ذكر "انه لو كان محامي مبارك لتمكن من الحصول على البراءة له، "