إنها محاولة بقدر الإمكان لتقديم بعض النقاط للحكومة وللإعلام المصرى والساسة وموجهى الرأى العام والمسؤولين وكذلك بين كل مؤسسة وجمهورها.. إنها نقاط محددة لابد من تفعيلها أكثر من ذلك لأن الناظر إلى حال إعلامنا المصرى بكل مكوناته وأدواته وأنواعه يلاحظ أنها تفتقر إلى هذه النقاط ..وتلك النقاط أيضا ليس للإعلاميين فقط بل لكل إنسان مصري مهما كان موقعه لذا أقدم هذه المحاولة البسيطة لوضع نقاط رئيسية لكل إنسان مصري عسى أن يتم تفعيلها ..وأتمني استعمالها وتطبيقها في مواثيق شرف في جميع المصالح والمؤسسات الحكومية والخاصة والإعلامية وبخاصة التي تتعامل مع الشعب والجمهور.. ونحن بصدد دراسات وتحليلات واقتراح حلول ابتكارية عن كيفية تفعيل وتقييم لكل من المعايير التالية..وهى: 1 - الإحساس والإيمان الحقيقى بالقضية التي يتم تقديمها أياً كانت.. وهذا يعنى أن تجعل كل ما تملكه من قوى ومهارة وأدوات فى خدمة هذه القضية التى تقدمها وذلك ينبع عن مدى إيمانك بها ..ويزيد من تأييد القضية عند من يتلقاها وقناعته بها.. * إذا نظرنا لواقعنا الإعلامى نجد أن هناك نقص فى هذه النقطة فى معظم القضايا.. سواء عند مقدمى البرامج أو الضيوف من الكتاب والساسة وأصحاب الرأى ..و لكن في أحايين أخرى نجد إيمانا كاملا ببعض القضايا .. فمثلا، فى موضوع المصريين بالخارج نجد أن كثير من الإعلاميين وكتاب الرأى وغيرهم يتحدثون عنهم كمرور الكرام عند طلباتهم أو فكرهم وعلمهم مما يوحى بنقص الإيمان بتلك القضية رغم أهميتها ومن المفترض أن مثل هذه الأمور يكون لها رغبة فى نشرها ورغبة فى الإستفادة منها وتقديمها للقادة عن طريق الإعلام وكل هذا لن يحدث طالما لا يوجد من يؤمن بالقضية. *ولهذه النقطة تأثير كبير على إستمرارية تواجدها، لأنها تؤذي إحساس حوالى ثلاثة عشرمليوناً من المصريين بالخارج وتصيبهم بفقدان الأمل ونوع من خيبة الأمل وتوحى لهم بقلة أهميتهم لدى المجتمع وهذا ينبع من سيناريو التجاهل المستمر مما يؤدى للإقصاء والبعد عن إتخاذ القرار أو حتى إبداء الرأى.. لكن إذا تم تغيير تلك النظرة وظهر الإيمان بتلك القضية تجد روحاً تفاعلية تعاونية بين دولة وثرواتها الخارجية فنتعاون للخروج من أى أزمة أياً كانت وكل ذلك بسبب الإيمان الكامل بالقضية .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتغير هذه النظرة القاصرة "؟!!.. 2 - مصر فوق الجميع ولها قيمتها العالمية ": قيمة أى مصرى من قيمة مصر.. ومصر فوقنا جميعا .. فوق المصالح الشخصية والحزبية والعملية وفوق كل خلافات حتى لو فى الرأى وفوق جماعة ترهب وفوق هيئة معارضة وفوق أى خلاف سياسى هذة النقطة لابد أن توضع دائما فوق كل عقل لا رأس. * ولما تنظر لواقع إعلامنا ولكلام بعض الساسة والكتاب وأصحاب الرأى تجد أن هناك قصور فى هذة القاعدة وهى " مصر فوق الجميع ولها قيمتها العالمية" فنجد أن هناك من الكثير من يتحدث عنها بقوة وإيمان كامل بقيمتنا لكنه يأتى ببعض التلمحيات بين السطور وبين الكلام توحى ببعض الضعف والبعد عن إيمانه بقوة بلده وقيمتها وهناك من يتحدث وبكل قوة فى نفى تلك القاعدة وهذة النقطة فمثلا .. هناك من يظهر بكلامه بأن " قطر " كانت الأب الروحي لمصر فى حكم الإخوان، وكأنها كانت تطعمنا وتسقينا، وتبدلت قطر اليوم ب "السعودية" .. فهل هذا صحيح ؟! لا والله، فمصر لها قيمتها بين دول العالم وهى الرائدة بين العرب ولكل الدول العربية لها قيمتها عندنا والكل يشعر بقيمته فى ظل علاقات أخوية تجمعنا بكل الدول العربية. 3 -الإنسان المصرى هو المورد الحقيقى ": الإنسان المصرى .. نعم .. هو من يزرع ويصنع وينتج ويحارب ويثور ويحكم .. فهو أعذب مورد بكل فئاته ب "رجاله وأطفاله وشيوخه وأخيرا الساعد الأساسى وهو الشباب".*ولما ننظر لوقع حالنا نجد أن الإنسان المصرى يشعر بنوع من العجز بقيمته عند الكثيرين وخصوصاً الدولة والحكومة.. الكل يتحدث عن قيمته.. مكانته ودوره لكن أين هذا فى الواقع .. نجد من يقول: "تمكين الشباب" فأين هو هذا التمكين ؟!.. هل تمكين الملايين من الشباب عن طريق تعيين شاب واحد نائباً لمحافظ أو لوزير؟! * إن لهذا التناقض الواضح فى تلك القاعدة تأثيرا على هذا المورد خصوصا على الشباب والسفر غير الشرعي إلى الخارج هو أكبر دليل على ذلك، وقد ينتج عنه الموت غرقاً أو عدم العودة، وحتى لو أن هنا فى مصرنا العديد من الشباب والفئات لكنها فاقدة للأمل ولديها إحساس بنقص بالقيمة والأهمية والدور وقد يصل إلى نقص الانتماء.. لذا لابد أن يتغير هذا الواقع عن طريق إعلامنا وحكومتنا ومؤسساتنا. 4 - المعرفة والتخصص بالموضوع المعروض: ويرتبط مفهوم المعرفة والتخصص بالتخصص المعرفي بواقعنا الآن ارتباطا وثيقاً وفقا لطبيعة الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية والتكنولوجية في عصرنا هذا حيث التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي يسود العالم ويؤثر على جوانبه. * فنجد الآن فى واقعنا الإعلامى بأن الصحفى أوالإعلامي أو الوزير يتحدث فى الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والتكنولوجية والدولية وغيرها.. فهل هذا يصح ؟! فنجد اليوم بأن الصحفى المصرى أو الإعلامى أو الضيف توحى للمشاهد أو القارئ بأنه يعرف كل شئ فنحن شعب لا يعرف كلمة ( لا أعلم) وكأنها عيب أو خطأ!! * علماً بأن التطور الحديث الذي شهدته وسائل الاتصال والإعلام أثر بشكل مباشر على ارتفاع المستوى الثقافي في المجتمعات ما أدى إلى الزيادة والمطالبة بإصدار الصحف والمجلات المتخصصة بل وظهور الإعلام المتخصص المرئي والمسموع. * لذا فمن الضرورى بذل المزيد من الجهد في تدريب وتأهيل العاملين بالمجالات الإعلامية وإحتكاكهم بالباحثين والخبراء في المجالات المتخصصة وذلك من خلال إعداد الدراسات والبحوث والمؤتمرات والندوات وحلقات النقاش التي تجمع فيها الإعلاميين والباحثين والمهتمين في مختلف المجالات وكذلك الاهتمام بتحديث برامج التدريس في الكليات والمعاهد الإعلامية ومواكبة عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال. 5 - التركيز فى القضية المعروضة وتوصيل المعلومة المطلوب توصيلها: أي التركيز التام فى القضية والموضوع وعدم الخروج عنه وتشعبه لأن ذلك يقلل من قيمة عرضة مما يقلل من فهمة للمتلقى وإقناعه بها. * من الملاحظ في واقعنا الآن نجد أن نادرا ما تجد قضية يتم التركيز عليها هى فقط، لابد من تشعبها وإدخال تشويشات عليها؛مما يقلل من قيمتها وصحة عرضها ومصداقيتها عند المتلقي.. فلابد من توصيل المعلومة التى نريد أن نوصلها بلا مزايدات أو تشعبات؛ لذلك وجب على كل إعلامى وصحفى وصاحب رأى عند التحدث أو الكتابة لابد وأن يركز على الموضوع الاساسى محل النقاش أو الخلاف ويوصل المعلومة التى يريد توصليها باختصار ليساعد على سهولة تلقيها وفهمها. 6 - المصداقية ..صحة ودقة وموضوعية المعلومة: وكل هذا من معايير الإعلام وكل المؤسسات الحكومية والخاصة وأخلاقياتها، فالمعلومة التى تقدمها أنت مهما كان مكانك لابد أن تكون صحيحة وحقيقية ودقيقة مثلا في الارقام والإحصائيات فلابد أن تكون صحيحة. ونجد الآن أن بعض الإعلاميين والمسؤليين يقدم معلومات خاطئة وغير صحيحة، فلابد من بذل المجهود في التأكد من صحة المعلومات قبل عرضها على المتلقي، فنجد أرقاماً غير حقيقية مثلا فى الأخبار فى بعض الصحف أو بعض القنوات عن خبر ما ونكتشف في نهاية الأمر أن الخبر كله كاذب ! ولهذا تأثير كبير على المشاهد والمتلقى عموما لأن الواقع الإخبارى والإعلامى أوصل المتلقى إلى أن يكون لسان حالة "من أصدق" فالقارئ يحتار فى كلام الصحف وبعضها وبين القنوات وغيرها.. فهو فى تشتت واضح بين الأخبار والمعلومات والأرقام.. وهذا هو الحال في غالبية إصدرات المؤسسات الحكومة و الخاصة. لذا كان من الضرورى توخي الحذر والدقة خصوصاً فى المعلومات لأنها أمانة فلابد وأن يكون كل ما يقدم يتوافر فيه "الدقة والموضوعية والأمانة والصحة". 7 -الأخلاق حتى في وقت الخلاف: وتشمل هذة النقطة كل الأخلاق الحميدة سواء من صدق وأمانة فى توصيل المعلومة وحق وعدل وحيادية.. كل هذا لابد وأن يتحلى به الجميع. * لكن للأسف واقعنا يقول غير ذلك فنجد بأننا فى "أزمة أخلاق" نجد السب أصبح عرفاً علنياً فى كل مكان مما أدى إلى تصدير سوء للأخلاق إلى العامة، فلماذا كل هذا؟! فأين الاحترام فى الكلام، والاحترام فى النقد! *نحن نحتاج لثورة أخلاق لتغير سلوكنا وكلامنا ونرسخ قاعدة "الاختلاف لا يفسد للود قضية" ونؤمن بها ونصدقها. لكننا للأسف الشديد أفسدنا الود وضيعنا القضية.8 -السعى لتقديم حلول ابتكارية: والحلول الابتكارية هى الإبداعية الجديدة والتى تأتى من خارج الصندوق والتوقعات والأساليب التقليدية. * نادراً ما يقدم إعلامنا وتقدم دولتنا حلولا إبتكارية لأى مشكلة أو لأى قضية.. لكن عندما يكون هناك حل ابتكاري خارج الصندوق والتوقعات يؤتي نجاحاً باهراً فى غالبية الأوقات وعلى سبيل المثال.. "حملة تمرد" التى نالت من النجاح ما لم يتوقعه أحد.. وقع عليها الملايين والملايين، وساعدت فى عزل رئيس رغم بساطتها.. كل هذا لأنها حل ابتكاري.. فلماذا لا تقدم أنت حلولا ابتكارية أياً كان موقعك؟!9 - احترام عقلية المتلقى: للمتلقى عقلية كما للصحفى والإعلامى وكل مسئول حكومي والمرسل للمعلومة عامة، لذا فلابد من احترام عقلية المتلقى لأن لديه عقلا يجعله يفكر ويستنتج ويقرر.. سواء كان قارئاً لجريدة أو لكتاب أو مشاهدا لقناة ولبرنامج أوحديث. * وواقعنا الإعلامى افتقر لهذا الأمر الهام.. فهناك من يستخف بعقلية المشاهد.. فيقوم بفبركة خبر أو صورة أو رقم أو معلومة.. وهذا يتنافى مع شرف المهنة والآداب عامة.. وكذلك عندما يعرض الإعلام قضية أو مشكلة ويطول الحديث ويعسل الكلام لكن أين الحلول الواقعية والتنفيذية لهذه المشكلة..لاتجد .. فمعظم القضايا التى تعرض لا تكون حلولها سوى كلام من الدولة حتى أصبحنا دولة كلام ولسان حالنا "كفانا كلام" نريد تنفيذ على أرض الواقع لحلول كل مشكلة. 10 - لا للتحيز والتحزب: والتحيز هو أن يكون الشخص ممثلا لحزب أو جماعة أو فكر أو أيدولوجية معينة، ويكون هذا واضحاً فى الكلام والأفعال والتصرفات والآراء .. ظاهرة التعصب دليل على الرجعية والتخلف في أشد حالاته.. ليتنا نترفع عن هذه الجهالة التي لن ترتقي بنا ولا بفكرنا وهي أشبه ما يكون بقانون الغاب لا يمكن التعايش معه دون سفك الدماء. * حينما ننظر لواقعنا الآن نرى أنا خير مثال للتحيز والتعصب والتحزب، فنرى أحزاب كثيرة وجماعات وحركات وتيارات وأيديولوجيات وتوجههات أكثر.. نرى التحيز للأشخاص،والجماعات والصحف والإذاعات والقنوات الإعلامية.. نجد مثلا تحيز بعض القنوات للإخوان كالجزيرة وبعضها الآخر متحيز لملاكها وقنوات حزبية تعبر عن أيديولوجيات حزبية وقنوات حكومية تعبر فقط عن سياسة الحكومة،وكما تحيز الرئيس المعزول للإخوان وتحيز مبارك المتنحي للحزب الوطنى؛ لذا وجب التساؤل: هل ستستمر تلك السياسة ؟!! * جميل أن نرى من يطالب في مجتمعاتنا بالترابط والالتحام.. في حين تكثر الأصوات المساندة له.. جميلة تلك الشعارات في حال تطبيقها بحذافيرها.. وصولا إلى الترابط والالتحام الحقيقي.. ونحن معهم في هذا الشأن ونشد على أيديهم.. بل نصفق لهم على تلك المبادرات السمحة المتأصلة.. ولكن أتعجب لمن يطالب بهذا الأمر!! ومن ثم يتخذ مكانه في غار بعيداً عن كل الناس (الانعزالية والتعصب والتحيز والتحزب) أي أن يكون المجتمع بأسره في واد وهو في واد آخر. 11 - الشفافية الإعلامية والحكومية: الشفافية والمصارحة الكاملة والتوضيح الكامل أمر هام على كل عضو فى الدولة وعلى الدولة نفسها متمثلة فى الحكومة؛ لذا فمن الضرورى أن تتعامل الحكومة بشفافية مع المواطن، وبخاصة في الموضوعات والقرارات التي تمسه مباشرة، من خلال اطّلاعه عليها ومشاركته فيها.. ولابد من مخاطبة الجمهور والشعب بكل شفافية بلا إخفاء لمعلومات أو أرقام وإحصائيات وعلى القنوات الإعلامية أيضا أن لا تخفى خبراً ولا معلومة ولا تعتم قضية أو مشكلة لأى سبب كان، ويكون هذا في شروط التعاقد ومن يخالف يتعرض للمحاسبة. * يلزم توفير مبادئ الشفافية والعلانية والمساءلة حتى يتم إحداث تغيير؛ فقد لا يكون مجرد إتاحة المعلومات أمرًا كافيًا لمنع تفشي الفساد إذا كان يصعب تحقيق مبادئ العلانية والمساءلة في حالات مثل التعليم وانتشار وسائل الإعلام والانتخابات الحرة النزيهة؛ فيلزم أن تصل المعلومات إلى غالبية العامة إذا كان الغرض منها التحفيز على إحداث تغيير في المناطق التي يتم بها نقل المعلومات. وقد يكون من المهم تعزيز قدرة الأشخاص على التصرف بناءً على المعلومات التي يحصلون عليها من خلال اتباع مبدأ الشفافية، لزيادة مدى فعالية تلك المعلومات. 12 - الإخلاص والحب بين كل الأطراف: عندما يكون هناك إخلاص بين كل الأطراف ومحبة تربطهم ببعضهم يكون الناتج عنهما كبير وغير متوقع وتكون العلاقات ناجحة بينهما.. * واقعنا الآن بحالته هذه يوحى لنا بنقص الإخلاص والحب فى قلوبنا لذا علينا تفعيل هذا الأمر .. ونحن كلنا طرف .. ومصر طرف .. فلابد من إكمال الإخلاص والحب بين الطرفين. أستاذ دكتور بجامعة سان هوزي الأمريكية بكلافورنيا