عززت المكاسب التي حققتها البورصة المصرية أمس الثلاثاء الأمل في إمكانية استعادة الزخم الاقتصادي، وعودة الاستثمارات مجددًا الى السوق المصرية، مع عودة الاستقرار وتحقق الديمقراطية. وقال محللون دوليون إن إجراء الانتخابات البرلمانية، التى بدأت مرحلتها الأولى أمس الأول -الاثنين- سوف يسهم فى كبح خسائر الاقتصاد المصرى وعودة الثقة بشكل نسبى الى المستثمرين. وأوضح المحلل المالى الأمريكى جون سوليفان -فى تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن استعادة الاقتصاد المصرى لعافيته تستلزم عددًا من الاشتراطات تتمثل فى إجراء الانتخابات العامة بنزاهة وتشكيل حكومة من "التكنوقراط" تحظى بإجماع القوى الوطنية وإعادة الأمن. وحذر سوليفان -الخبير فى أسواق المال الأمريكية- من أن استمرار الانقسامات والمشاحنات بين القوى السياسية على الساحة المصرية سوف ينعكس بشكل سلبى على ثقة المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب فى الاقتصاد المصرى مشددًا على ضرورة استعادة الاستقرار السياسى فى أسرع وقت ممكن وتعزيز الصادرات وعائدات السياحة من أجل زيادة احتياطى النقد الأجنبى الذى هبط بشكل "دراماتيكي" عقب ثورة 25 يناير . وأضاف أن تسريع خطوات المرحلة الانتقالية فى مصر لتنتهي بحلول نهاية شهر يونيو المقبل يعد خطوة إيجابية فى صالح الاقتصاد المصرى داعيًا الحكومة المقبلة الى تنفيذ "خريطة طريق" للإنقاذ الاقتصادى تركز على زيادة الصادرات وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور. من جانبه اعتبر إدوارد كونرى -كبير المحللين الماليين بمؤسسة كابيتال للاستشارات المالية الدولية بواشنطن- أن تحسن الاقتصاد المصرى عقب الانتخابات البرلمانية يتوقف على احتواء حالة عدم اليقين التى تسيطر على الساحة السياسية المصرية محذرًا من أن التداعيات السلبية الناجمة عن تقليص التصنيف الائتمانى لمصر. وأضاف أن المستثمرين المحليين والأجانب ينظرون الى الانتخابات المحلية باعتبارها "إشارة" إلى قدرة صانع القرار فى مصر على إعادة الاستقرار السياسى والأمنى وضخ دماء جديدة فى الاقتصاد المصرى. وأشار إلى أن معدل النمو الاقتصادى المتوقع فى مصر لن يزيد على 1.2% العام الحالى نتيجة تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية وعائدات السياحة مشيرًا إلى أن السياسات التى أقرتها الحكومة المصرية السابقة استهدفت بشكل نسبى تحقيق الاستقرار الاجتماعى بدرجة أكبر من استرداد ثقة المستثمرين الأجانب فى الاقتصاد المصرى. وأوضح أن الاضطرابات التى شهدتها مصر خلال الأشهر القليلة الماضية تسببت فى تراجع معدلات الإنتاج والعملة المحلية منوها بأن حالة عدم الاستقرار النقدى والمالى قلصت احتياطى النقد الأجنبى فى مصر بنحو 40% ليصل إلى حوالى 22 مليار دولار وهو ما يغطى متطلبات الواردات لمدة أربعة أشهر. فى السياق ذاته قال أنطونى جيوباردى -خبير الأسواق الناشئة والمدير التنفيذى لمؤسسة التقييم الائتمانى بكوريا الجنوبية- إن الحكومة المصرية ينبغى عليها اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لكبح تراجع العملة المحلية والذى يتسبب فى ارتفاع فاتورة الواردات ومستويات التضخم. وأضاف أن انخفاض الجنيه المصرى سوف يفاقم معاناة الفئات الفقيرة فى مصر والتى يبلغ معدلها حوالى 40% من إجمالى عدد السكان وهو ماسينعكس سلبًا على الاستقرار الاجتماعى فى مصر. من جانبه قال خبير اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط بمؤسسة اطلانتك الدولية بالولايات المتحدة مايكل دوني إن صانع القرار فى مصر ينبغى عليه التحرك بسرعة لتهدئة مخاوف المستثمرين بشأن ضبابية الأوضاع السياسية والاقتصادية، لافتًا إلى أن البنك المركزى المصرى رفع معدل الفائدة مؤخرًا -للمرة الأولى خلال عامين- لدعم العملة المحلية وجذب المستثمرين الأجانب. وحث دوني الحكومة المصرية الجديدة على كبح التضخم وإصلاح نظام الدعم فى الميزانية والذى يلتهم أكثر من ثلث حجم الانفاق الحكومى وتفعيل دور المصارف المحلية فى تمويل المشروعات الحكومية على المدى القصير منوها بأن الحكومة المصرية زادت مخصصات دعم الغذاء فى الميزانية عقب ثورة 25 يناير. وأوضح أن استرداد ثقة المستثمرين الأجانب فى الاقتصاد المصرى سوف ترتكز إلى حد كبير على الوفاء باستحقاقات المرحلة الانتقالية وخاصة القضايا المرتبطة بالعدالة الاجتماعية كالحد الأدنى للأجور والتشغيل وخفض معدلات الفقر ودعم سيادة القانون واستعادة الأمن.