كشف تقرير بثه التليفزيون الألماني "دويتش فيلة" من القاهرة عن حظوظ الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية المنتظرة 28 نوفمبر الحالى، حيث عقد مقارنة بين التيارات الإسلامية في مصر محاولاً رسم صورة عن حجم كل من فصائلهم المتعددة في الشارع المصري. وأكد التقرير أن "الإخوان" يلّقبون منذ ما يقرب من عشرين سنة ب "المحظورة"، في وقت قبعت فيه كوادر "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" في معتقلات النظام السابق، بينما كان "الصوفيون" محرمون من الاندماج سياسيًا، فيما انشغل "السلفيون" بنشاطهم الدعوي الديني، الذي وصل في "سلميته" إلى درجة تكفير الخروج على الحاكم، ومن ثم تحريم مشاركة أتباعهم في الأيام الأولى من الثورة. واشار التقرير إلى أن تركيز السلفيين طوال الأعوام الماضية على النشاط "الدعوي" لم يمنع الجناح "الجهادي" للجماعة السلفية من القيام بعمليات متفرقة –نُسبت إليهم حتى وإن لم يعلنوا هم بتبنيها- على شاكلة تفجيرات الحسين 2009، وشرم الشيخ 2006، وميدان عبد المنعم رياض 2005. وأكد منير أديب -المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية في تصريحات للتليفزيون الألماني- أن من بين كل هذه التيارات الإسلامية التي يتاح لها لأول مرة خوض الانتخابات رسميًا فإن "الفصيلان الأقوى هما الإخوان والسلفيون"، موضحًا أن قوة الأخوان بشكل عام تكمن في تنظيمهم. أما السلفيون فقوتهم تتمثل في أن عددهم أكبر". وقال:"ليس هناك إحصاء رسمي للسلفيين بعد، لكن في الإجمالي عددهم يصل إلى 9 ملايين. فالسلفيون لهم قاعدة شعبية عريضة في الشارع المصري، لأنهم ركزوا على العمل الدعوي طوال السنوات الماضية". وعن الإخوان المسلمين، يقول أديب "كانوا دائمًا محل جدل لأنهم مارسوا النشاط السياسي بذكاء ولأن الجميع شهد لهم بقوة التنظيم، التي جعلتهم جبهة المعارضة الحقيقية الوحيدة أمام النظام السابق". وأضاف "الجهات الأمنية كانت تقول إن عددهم لا يتجاوز 100 ألف فقط، للتقليل من (فوبيا) الإخوان في الانتخابات الماضية". في المقابل، لم تكن الأجهزة الأمنية تخشى من السلفيين، "فهم تيار مؤدلج لكنهم كانوا يفتقرون إلى التنظيم. وهذه هى النقطة المفصلية، التي أرعبت الحكومة من الإخوان. فالنظام كان يعلم أن الإخوان لو قرروا النزول للشارع، سيتسنى لهم حشد 100 ألف شخص على الأقل خلال ساعات"، الأمر الذي يفتقر إليه السلفيون. ويخلص أديب إلى أن "سر بقاء الإخوان في تنظيمهم، بعكس السلفيين الذين لم يبدأوا العمل السياسي إلا بعد الثورة". ورغم قوتهم العددية التي تفوق الإخوان، يؤكد أديب أن "10 منظمين أفضل من 100 غير منظمين". ويؤكد "حظوط الإخوان أكبر بكثير من السلفيين لأنهم مدربون على خوض الانتخابات البرلمانية والطلابية والنقابية وفي الأندية. الطالب الإخواني منذ أن يكون عمره 16 عامًا مدرب على الحشد الانتخابي والتصويت. يتخرج هذا الطالب من الجامعة فينتمي لنقابة، فيمارس فيها الأمر نفسه". ويمضي أديب قائلاً "السلفيون غلابة، كان بعضهم يكفر الانتخابات تصويتًا وترشيحًا، فليس لديهم أي خبرة. ولم يشاركوا أبدًا في أي الانتخابات. خبرتهم التفاوضية ضعيفة وتجاربهم الانتخابية منعدمة". ويدلل على ذلك بقوله "السلفيون أتوا بكوادر ضعيفة وغير معروفة في دوائر مهمة بها منافسون أقوياء" ، وكان ذلك أحد أسباب الخلاف بين الإخوان والسلفيين في تكنيك إدارة العملية الانتخابية. أما الخلاف الأكبر فيتحدث عنه أديب قائلاً "هناك خلاف عميق بين كل التيارات الإسلامية، ولأنه خلاف شرعي وليس سياسيًا، فهو جذري وخطير". ويضيف "هذه الاختلافات لا تظهر في الوقت الراهن لأنهم اختاروا مواجهة التكتلات العلمانية بإظهار التكاتف". ويوضح "أنهم يطبقون نظرية العدو الأكبر، وبعد القضاء عليه ستظهر كل خلافاتهم الفقهية على السطح. سيسير البرلمان بالتوافق، لكن عندما تثار القضايا الخلافية الشرعية، سيكون هناك طحن وتلاسن وسباب يمكن أن يصل لدرجة التكفير تحت قبة البرلمان. اختلافهم للأسف لن يكون رحيمًا". وبالنظر إلى وجود تيارات إسلامية كثيرة أصلاً على الساحة يتضح بداهة أن هناك اختلافات فقهية كبيرة فيما بينهم. ولو كان السلفيون متفقين فكريا مع الإخوان لكانوا قد انضموا إلى تنظيمهم القوى، خاصة أنهم يفتقرون إلى ذلك، وهو ما لم يحدث. ويتوقع أديب أن يحصل السلفيون في أفضل تقدير على 50 مقعدًا، من إجمالي ما يقارب ال 350 مقعدًا. ويمثل السلفيون في الانتخابات 3 أحزاب هى بترتيب الأهمية "النور" وثقله في الإسكندرية، و"الأصالة"، مركزة في القاهرة، و"الفضيلة"، وهو الأقل شعبية. أما الإخوان، التي يمثلها حزب واحد فقط هو "الحرية والعدالة"، فيتوقع لهم فوزًا مريحًا لا يقل عن 250 مقعدًا. وإلى جانب الأخوان والسلفيين، تخوض "الجماعة الإسلامية" الانتخابات من خلال حزب "البناء والتنمية". ويقول عنهم أديب إنهم "يتمتعون بقاعدة شعبية لأنهم أيضًا ركزوا على العمل الدعوي لسنوات طويلة". لكنه توقع ألا يحصلوا في أحسن التقديرات على أكثر من 5 أو 6 مقاعد من واقع 29 مرشحًا دفعوا بهم في الانتخابات، مشيرًا إلى أن نقطة تمركزهم في الصعيد والوجه القبلي. أما "الجهاد"، فلم يتسنَ لهم خوض هذه الانتخابات، إذ أن حزبهم "السلامة والتنمية" ما زال تحت التأسيس. ويقول منير أديب "ليس له قاعدة شعبية لأن عملهم اعتمد على النشاط العسكري طوال الفترة الماضية دون العمل الدعوي". والمعروف أن "الجهاد" والجماعة الإسلامية" هما اللتان خططتا ونفذتا عملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في السبيعينات، بعدما أطلقهم من سجون الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ليحتضنهم بهدف ضرب قوى اليسار السياسي في مصر خلال فترة السبعينيات. وأخيرا يأتي الصوفيون، الذين يمثلون بدورهم قوة عددية بالملايين، لكنهم يتسمون ب "الخواء السياسي". ورغم خوضهم الانتخابات، منضوين تحت "حزب التحرير المصري" المتركز في الوجه القبلي، إلا أن حضورهم الجماهيري لا يعدو كونه روحانيًا فقط. ويؤكد أديب "ليس لديهم أي مشروع سياسي يذكر، لذلك سيفشلون فشلاً ذريعًا".