العلماء ما زالوا مستمرين في تجارب غير مسبوقة حول نقل أعضاء الإنسان للحيوان والعكس، الأمر الذي دعا مجلس الأخلاق الألماني إلى التساؤل عن الخطوط التي يجب ألا يتجاوزها البحث العلمي حول الإنسان والحيوان والكائن المختلط؟ يقول البروفسور "إمريش"، الباحث في المعهد المتخصص في الخلايا والمناعة بمدينة لايبتسيغ الألمانية: "قمنا بتجربة زرع خلايا دموية بشرية في جسم فأر لدرجة أن 30% من خلاياه الدموية أصبحت خلايا ذات أصل إنساني". ويضيف إمريش بأن السؤال الذي يحاول العلماء الإجابة عنه هو: "ما سبب رد الفعل المثير لجهاز المناعة بعد عملية زرع الأعضاء؟ نتمنى أن يساعدنا الجواب على إنجاح عملية زرع الأعضاء بشكل جيد، حتى لو كان العضو المزروع لحيوان، نريد يومًا ما أن نقضي على النقص الحاصل في مجال التبرع بالأعضاء البشرية للمحتاجين إليها في سنة 2009 نجح فريق طبي من مدينة شتوتجارت في زرع قصبة هوائية مأخوذة من خنزير استعملت لعلاج الجهاز التنفسي لأحد المرضى. وفي مدينة هيلدبرغ تجرى تجارب على قلب الخنزير لجعله قابلاً للعمل في جسم الإنسان. قبل عملية الزرع يتم تطهير أعضاء الخنزير من الخلايا الحيوانية ويتم تطعيمها بالخلايا الإنسانية بقصد تفادي رفض الجسم الإنساني للقلب الغريب. عملية زرع الأعضاء البشرية في الحيوان أو العكس ليس عيبًا والعمل جارٍ بها منذ سنوات كما يقول "فولف ميشائيل كاتنهوزن"، الذي يشغل منصب الناطق الرسمي باسم مجموعة البحث حول الكائن المختلط من إنسان وحيوان والتابع لمجلس الأخلاق الألماني. لكن الإشكال المطروح، يضيف كاتنهوزن هو "هل يمكن أن نتصور مستقبلاً متطورًا في مجال زراعة الأعضاء يصل درجة تغيير هوية الإنسان أو الحيوان؟ مجلس الأخلاق يجيب بنعم، لأن العديد من التجارب أدت إلى نتائج عكسية. ففي سنة 1980 تم زرع خلايا دماغ طائر السمان في دماغ كتاكيت الدجاج قبل أن تفقس. وبعد خروجها من البيض بدأت الكتاكيت تقلد صياح طائر السمان. وفي معهد البحث في التطور الأنثروبولوجي بمدينة لايبتسيغ تم مؤخرًا اكتشاف جينات بشرية تغير طريقة التعبير الصوتي عند الفئران يرى كاتنهوزن أن مثل هذه التجارب يجب أن تكون تحت المراقبة ويجب تجنبها بالكامل نظرًا لنتائجها المفاجئة. ويشدد كاتنهوزن بالخصوص على ضرورة جعل الدماغ من المحرمات التي لا يحق لأحد التأثير فيها لارتباط الدماغ بالذكاء. فكما هو معروف هناك أدمغة حيوانية تشبه كثيرًا الدماغ البشري، وأفضل مثال على ذلك قرد الشامبانزي الذي يطلق عليه اسم "القرد الإنسان". علماء أحياء الأعصاب، مثل البروفسور "أحمد منصوري" من معهد ماكس بلانك بمدينة غوتينغن، على علم بالتخوفات حول مسألة تأثير الخلايا البشرية على سلوك الشامبانزي وذلك بعد تلقيحه بها. وحسب رأيه الذي يتقاسمه مع العديد من زملائه فالمسألة مستبعدة جدًا والقول إن القرد سيكون بمقدوره يومًا ما التفكير كالإنسان، هو من ضروب الخيال. ورغم ذلك، فإن مجلس الأخلاق الألماني يصر ليس فقط على حظر زرع الخلايا الجنينية البشرية في جسم الحيوانات، بل أيضًا على حظر زرع الخلايا الجنينية الحيوانية في جسم الإنسان. مجلس الأخلاق يرى أيضًا أن المنع يجب أن يطال زرع الخلايا البشرية في البيض الحيواني التي يهدف من ورائها الحصول على سلالة من الجينات البشرية، ففي بريطانيا مثلا أنتج باحثون سنة 2008 بهذه الطريقة أبقارًا أسطورية ذات جينات بشرية، مما تسبب في رد فعل مندد على الصعيد العالمي. أما في ألمانيا فإن مثل هذه التجارب غير ممنوعة قانونيًا، لكنها لم تجر بعد.