شنت كاتبة سعودية هجومًا حادًا على ولي عهد بلادها الأمير نايف بن عبدالعزيز، و اعتبرت أن تعيينه في هذا المنصب خلفا لشقيقه الأمير سلطان سيؤدي لمزيد من القمع، و تعزيز مكانة ما سمته بالدوائر الوهابية. و اقتحمت الكاتبة مي يماني العديد من المساحات المثيرة، كثروات الأسرة الحاكمة، و خريطة توزيع المناصب. كما عقدت مقارنة بين مستقبل بلدها بعد وفاة الأمير سلطان و مستقبل ليبيا بعد مصرع الزعيم الليبي معمر القذافي، غير أنها وقعت –في سبيل إثبات وجهة نظرها– في العديد من الأخطاء المعلوماتية، كقولها إن الأمير خالد بن سلطان شقيق للأمير بندر. ونقلت قناة "العالم" الإيرانية عن الكاتبة مي يماني أنه بتولي الأمير نايف -ذي القبضة الحديدية- ولاية العهد ستتجه المملكة إلى المزيد من القمع وتعزيز مكانة الدوائر الوهابية المتشددة في مفاصل الحكم في البلاد. وذكرت يماني -وهي كاتبة غير معروفة لمتابعي الشأن السعودي- أن التباين الواضح بين وفاة العقيد الليبي معمر القذافي ووفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز -بفارق يومين فقط- يمثل الهزل المبتذل في ختام العمر في مقابل تفسخ حكم الشيوخ الطاعنين في السن. ومن المرجح أن تقود وفاة الرجلين إلى نتيجتين مختلفتين تمام الاختلاف: التحرر لليبيين، والركود والجمود للسعوديين. وتمثل وفاة الأمير سلطان عن عمر يناهز 86 عامًا بداية فترة حرجة من عدم اليقين على الصعيدين المحلي والخارجي فيما يتصل بمستقبل المملكة؛ ذلك أن الملك عبد الله الذي يبلغ من العمر 87 عاما، والأخ غير الشقيق للأمير سلطان، لا يزال محتجزًا في مستشفى بالرياض في أعقاب عملية كبيرة أجريت له الشهر الماضي. ويزداد النظام هناك شيخوخة ومرضا، ويعتبره أهل السعودية نظامًا لا يستطيع البقاء إلا بفضل أجهزة دعم الحياة، وفي الوقت نفسه، لا يزال الجدل دائرًا حول الخلافة. وتُعَد وفاة سلطان المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل دفن أحد أفراد الأسرة المالكة السعودية بهدف منح الأسرة الحاكمة الوقت لاتخاذ القرار بشأن ولي العهد التالي، وهي علامة توحي بحدوث انشقاق داخلي (واتفاق على استمرار الحكم الوراثي). وأضافت :"الآن يعتمد استقرار النظام السعودي على قدرته على الحفاظ على الوحدة، وترسيخ نظام واضح في إقامة الخلافة". فبوفاة ولي العهد باتت الانشقاقات تهدد استقرار المملكة (واستقرار صادرات النفط) بشكل خاص، لأن أسرة آل سعود الحاكمة تضخمت إلى أن بلغ عدد أفرادها 22 ألف عضو، الأمر الذي سمح بنشوب خلافات وصدامات بين العدد المتزايد من المطالبين بالسلطة المنتمين إلى الفصائل المختلفة. كان الأمير سلطان في حكم المتوفى سياسيا طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، ومنذ يونيو/حزيران 2011، عندما غادر إلى نيويورك لتلقي العلاج الطبي، تكهن الشباب السعوديون على العديد من مواقع الإنترنت بوفاته فعليًا أيضًا، وتابعت قائلة:"الواقع أن شيخوخة خلفاء الملك عبد الله تذكرنا بالسنوات الأخيرة من عمر الاتحاد السوفييتي، عندما تعاقب الزعيم المسن تلو الأخر على السلطة لفترة وجيزة من الحكم الخامل الواهن". ويشعر العديد من الرعايا السعوديين بنفس النمط من عدم اليقين المستمر والسُبات. ولكي يزداد الطين بلة، فإن نظام الخلافة يتسم بالغموض؛ فبعد أن خلف عبد الله على العرش شقيقه فهد، الذي حكم المملكة طيلة 32 عامًا حتى وفاته في عام 2005، أنشأ مجلسًا للبيعة يتألف من هيئة عائلية غامضة ومبهمة أشبه بمجلس الكرادلة في الفاتيكان، ولكن القيود هنا لا تستند إلى السن كليا، بل على تسلسل النسب، ولقد ضم المجلس الأمراء الملكيين الباقين على قيد الحياة من بين ثلاثة وأربعين ابنًا أنجبهم بن سعود-مؤسس المملكة- وأبناء إخوانهم المتوفين على سبيل المثال- نسل الملك الراحل فيصل. ولكن مع تدهور صحة سلطان التف الملك عبد الله حول المجلس الذي أنشأه وعين الأمير نايف وزير الداخلية نائبًا ثانيًا. أي أن نايف سوف يُنَصَّب بعبارة أخرى وليًا للعهد، ولكن وعلى نحو يتناسب مع هذه الإمبراطورية المتحجرة يعاني نايف من سرطان الدم. و تحدثت الكاتبة عن ثروات كبار الأمراء، فقالت:" تُقَدَّر ثروة سلطان بنحو 270 مليار دولار، وهي الثروة التي وزعها بين أبنائه قبيل وفاته بهدف دعم موقفهم السياسي في ساحة التنافس بين الأمراء. والواقع أن كلاً من كبار الأمراء وضع أبناءه المفضلين في مناصب مهمة في المملكة؛ فأمَّن سلطان منصب وزير الدفاع لنجله خالد، وأعاد شقيق خالد السيء السمعة بندر ليتولى رئاسة مجلس أمن الاستخبارات، وضمن عبد الله لولده متعب منصب رئيس الحرس الوطني، أما ولي العهد الجديد المنتظر نايف فقد سمى ولده محمد الوزير التالي للداخلية. باختصار-على الرغم من إبداعات عبد الله في عملية الخلافة- فإنه ليس سرًا أن لا شيء يضمن الانتقال إلى جيل أكثر شبابًا من القادة،أو أن حاكمًا فعّالًا قد يبرز إلى الوجود. والحقيقة أن قصة الصراع على خلافة آل سعود لم تَعُد تُتناقل همسًا خلف الأبواب المغلقة؛ فقد فتحت شبكة الإنترنت نافذة على كل مخططات الأسرة الحاكمة، وطموحاتها وصفقاتها المزدوجة". وأضافت الكاتبة:"إن آل سعود أشبه بشركة عائلية تأسست في عام 1932؛ فقد تمكن بن سعود من فتح وتوحيد أراضي شبه الجزيرة العربية الشاسعة، وأطلق عليها اسم عائلته، ثم أبعد وقسم وسيطر على أبناء عمومته وإخوانه حتى يتسنى له تأسيس خط نسب واضح لا نزاع عليه للخلافة عبر أبنائه. وبعد وفاة بن سعود، حافظ أبناؤه -على الرغم من عدم توحدهم بشكل كامل- على القدر الكافي من التماسك لاستمرار "الشركة" في العمل على النحو اللائق. بيد أن هذا لا ينطبق الآن على الآلاف من الأمراء الذين أنجبهم أنجال بن سعود،ومع زوال الجيل القديم، راح أبناء الجيل الجديد يتقاتلون على مرأى من "العملاء". والواقع أن التحدي المتمثل في إدارة امتيازات الأمراء ورواتبهم وطلبهم على الوظائف لم يكن أكثر شراسة في أي وقت مضى كما هو الآن، بعد أن أصبحت نسبة الأمراء إلى عامة الناس واحد إلى ألف. وتشتمل الامتيازات الملكية على وظائف عاطلة مؤمنة مدى الحياة، والهيمنة على الخدمة المدنية، الأمر الذي يمكن الأمراء من منح العقود وتلقي العمولات زيادة على رواتبهم. وواصلت يماني:" النظام السعودي منقسم إذن، وأصبحت شرعيته موضع تساؤل وتشكيك، هذا فضلاً عن التوترات الطائفية الآخذة في النمو. وعلى الرغم من ازدهار عائدات النفط، فإن الجيرة أصبحت مشتعلة بلهيب الثورات، ومن المتوقع في الأمد القريب أن يدفع نايف ذو القبضة الحديدية -بوصفه وليًا للعهد- المملكة إلى المزيد من القمع، بتعزيز مكانة الدوائر الوهابية المتشددة في وشائج السلطة في البلاد. وسوف يتم تخصيص مبالغ هائلة من المال -بدعم من العقيدة الوهابية- لضمان خضوع الشعب وصمته. وفي حين تحدث عبد الله على الأقل عن الإصلاح (ولو من دون عواقب حقيقية)، فإن نايف لا يستطيع إلا -بالكاد- حمل نفسه على التلفظ بكلمة (الإصلاح)". و أضافت:" لا يزال الإنكار يشكل العقلية المهيمنة بين الحكام السعوديين؛ فيتصور أفراد الأسرة المالكة أن خدمة الأماكن الإسلامية المقدسة تمنحهم مكانة خاصة في العالم العربي، وأنه من غير الممكن أن تمسهم ثورة. وإذا حاول أي شخص، فلسوف تتبع نصيحة نايف: "ما أخذناه بالسيف لا نحميه إلا بالسيف". في مختلف أنحاء المنطقة، يحاول الشباب العربي الذين انتفضوا حديثًا (فأصبح ممكن لهم بالتالي) دفع بلدانهم نحو الإصلاح والتحرر. ولكن من المؤسف أن المملكة العربية السعودية، تسير في الاتجاه المعاكس" .