الزيارة التي قام بها الدكتور محمد البرادعيالمرشح المحتمل لرئاسة الجمهوريةإلى مقر حزب الحرية والعدالة الأسبوع الماضي ولقائه مع قيادات الحزب وعلى رأسهم الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب والدكتور سعد الكتاتني الأمين العام وما أعلنه البرادعي من انه سيدعو بقية الأحزاب للانضمام للتحالف الانتخابي الذي شكله الحرية والعدالة والوفد بمشاركة 28 حزبا وحركة سياسية تدعونا للتساؤل هل يبحث البرادعي عن شرعية له بين الكوادر الاخوانية لدعمه في الحصول على كرسي الرئاسة، أم انه مجرد تقارب لنفي لما تردد من تباعد واختلاف في المواقف ومواجهات فضائية بينهم خلال الفترة الماضية. أولا البرادعي رغم حصوله على المركز الأول في استطلاع الرأي الذي أجراه المجلس العسكري على صفحته بالفيس بوك, إلا انه بدأ يشك في مساندة التيار الإسلامي له بعد إعلان عدد من قيادات هذا التيار الترشح لانتخابات الرئاسة، فكان لا بد من السعي لاستجلاء الموقف ومع من سيقف الإخوان في هذه الانتخابات، فهل أعطاه الإخوان وعدا بالمساندة مقابل أن يساند هو تحالفهم الانتخابي، أم أن اللقاء كان لردم الهوة بينه وبينهم والتي ظهرت جلية خلال الفترة الماضية. دعونا أولا نعود إلى فترة ما قبل ثورة يناير فقد كان التناغم الواضح بين الدكتور محمد البرادعي والإخوان المسلمون مثار حفيظة بعض أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير التي أسسها البرادعي عقب وصوله الى مصر بعد انتهاء فترة عمله في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي دعا كل من الدكتور حسن نافعة والإعلامي حمدي قنديل للاستقالة من الجمعية الوطنية للتغيير. وقد تحول هذا التحالف بين البرادعي والإخوان إلى وقوف الأخوان خلف فكرة التوكيلات فقدموا للبرادعي أكثر من مليون توكيل بالمطالب السبعة للإصلاح والتي حدث اتفاق عليها بين القوى السياسية الأمر الذي دعم مشروع الزعامة السياسية التي يبحث عنها البرادعي في إطار سعيه لكسب الانتخابات الرئاسية. من جهته دافع البرادعي عن الإخوان بكل الطرق أمام وسائل الاعلام المصرية والعالمية، وظل يؤكد طوال الوقت أنهم قوى أساسية في المجتمع المصري وان من حقهم المشاركة السياسية والدخول في الانتخابات وأنهم ضد العنف والإرهاب إلى ما غير ذلك. غير أن حملة التوقعيات هذه استنفدت غرضها بتجييش أكثر من مليون وثلاثمائة وخمسين ألف مواطن ليكونوا نواة للمظاهرات التي شهدتها مصر قبل الثورة وخلالها، يضاف اليهم ملايين أخرى تشجعت وخرجت للتظاهر عندما وجدت هذه الآلاف لا تخاف من بطش قوى أمن النظام المخلوع، وبدأ الطرفان "البرادعي والاخوان" في انشاء تحالفات جديدة عقب الثورة خاصة خلال فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية. سعى البرادعي إلى العودة لحلفائه التقليديين من ليبراليين ويساريين نظرا للمشترك الفكري والايدلوجي بينهم، وكذلك فعل الاخوان بالتحالف مع السلفيين والجماعة الاسلامية والتيارات الاسلامية الاخرى، وظهر ذلك جليا خلال فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي عارضها البرادعي واليساريون والليبراليون بينما أيدها الاخوان والسلفيون وغيرهم من فصائل التيار الاسلامي الاخرى. ويبدو أن الفجوة زادت اتساعا عقب عملية الاستفتاء حيث بدا أن الدكتور البرادعي وحلفاءه غير راضين عن نتيجة الاستفتاء وبدأوا في خوض معركة في الفضائيات المصرية وبرامج التوك شو والصحف الكثيرة والواسعة الانتشار التابعة لهم لوضع الدستور أولا قبل اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وهو الأمر الذي عارضه الاخوان وبقية فصائل التيار الاسلامي المنضوية في تحالفهم، وهو ما يزال صداه ومعاركه الكلامية تتجدد كل يوم في التصريحات الصحفية والبرامج المختلفة على القنوات الفضائية المصرية. في هذه المعارك الكلامية اليومية تحاول التحالفات التي تضم البرادعي والتيارات اليسارية والليبرالية جاهدة وصم الاخوان والتيار الاسلامي بأنهم ضد الدولة المدنية التي يتساوى فيها جميع المصريين في الحقوق والواجبات، بينما كوادر الاخوان وغيرهم من فصائل التيار الاسلامي تصفهم بأنهم يتربصون بالمادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن "الاسلام دين الدولة الرسمي واللغة العربية لغتها الرسمية وان مباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، وانهم يحاولون الانقلاب على نتائج الاستفتاء لتغيير هذه المادة أو على الأقل تغيير وتعديل صياغتها لتضم مباديء جميع الأديان وليس الدين الاسلامي فقط. وليس بعيدا عن هذه الزيارة ظهور مرشحين للرئاسة من التيار الاسلامي أبرزهم الدكتور محمد سليم العوا المفكر الاسلامي والقيادي في حزب الوسط والذي خرج في التسعينات من القرن الماضي من عباءة الاخوان، والدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح القيادي السابق وعضو مجلس شورى الاخوان والذي تم فصله عقب اعلان ترشحه للرئاسة ومخالفته قرار مكتب الارشاد بأن الاخوان لن يرشحوا أحدا منهم للرئاسة وكذلك القيادي السابق بالاخوان الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل والقريب من التيار السلفي . فرغم أن شيوخ الاخوان وقادتهم يرفضون ترشيح أحد منهم للرئاسة الا أن شبابهم يلتفون حول ثلاثة مرشحين من الاربع هم بالترتيب العوا وأبو الفتوح وحازم أبو اسماعيل، وهذا الأمر ربما جعل البرادعي يعيد التفكير في تحالفاته بخاصة ان القوى التي يتحالف معها ليست لها قدرة تصويتية كبيرة اذا ما قورنت بالاخوان، وانه اذا ظل في تحالفاتهم فانه لن يجد مناصرا من الاسلاميين حيث أصبح لهم مرشحون وان قيادات الاخوان رغم سطوتهم فانهم لن يستطيعوا السيطرة على الشباب وتوجيههم لانتخابه وهو الأمر الذي ربما جعله يعيد حساباته للتقرب من الإسلاميين فسعى إلى زيارة حزب الحرية والعدالة. ورغم أن الإخوان لم يعلنوا الى من سيعطون أصواتهم في الانتخابات الرئاسية حتى الان، الا انه ظهرت أصوات بينهم وبين التيار الاسلامي بشكل عام تقول اذا كنا نحن الوحيدون الجاهزون الآن للانتخابات وتولي المسؤولية فلماذا لا نحصل على حقنا المشروع في ذلك بدلا من تأجيل هذا الحق الى فترات لاحقة ربما تتغير فيها الأمور وتعود السلطة الى عصور القهر والاسعباد اذا تولى الحكم دكتاتور جديد خلفا لمبارك، وهذه الاصوات تجد صداها لدى الشباب بشكل كبير وتجعلهم يتجهون للتصويت لاحد المرشحين من ذوي التوجهات الاسلامية. هذه العوامل وربما غيرها من الاشياء التي خفيت علينا جعلت العلاقة بين البرادعي والاخوان تدور خلال الفترة الماضية بين التحالف تارة والمجافاة تارة أخرى فإلي أين تتجه العلاقة بينهم خلال الفترة المقبلة وهل ستلتئم العلاقة بينهم ويعودون إلى تحالفهم السابق؟هذا ما ستسفر عنه الأيام وربما الشهور القادمة.