رغم جمال الوردة وعطرها الزكي -هذا إن كانت الورود تفوح عطراً هذه الأيام- إلا أنني في الحقيقة أرفض أن يتم الإشارة إلى كياني البشري بوردة ملقاة في صورة، فالوردة على جمالها، عمرها قصير وتأثيرها في الكون محدود، ولا يتعامل معها سوى صنفين من البشر، إما الرومانتيكيين السابحين في فضاء غير ملموس، وإما النصابين الذي يستخدمونها لتغطية أفعالهم الدنيئة. وشكرًا أيضًا لمن قد يستبدل الورد بالجوهرة أو سبيكة الذهب أو غيرها من المعادن والأحجار النفيسة، فأنا أرفض أن يتم استبدال جسدي بأشياء مهما غلى ثمنها لأنني لست شيئًا، أنا امرأة وأمتلك جسدًا، إذا لم يستطع الرجال أن يواجهوا ذلك الجسد بتحضر، فليذهبوا إلى الجحيم، أو ليبحثوا عن عالم لا يوجد فيه نساء، أو يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، حيث كانت المرأة تُباع وتشترى في أسواق النخاسة، أو يذهبوا ليحصلوا على دروس في علم الأحياء ليفهموا تشريح جسد المرأة وتطمئن هواجسهم لكونه جسدًا بشريًا من لحم ودم، يتعرض لكل ما قد يتعرض له جسد الرجل، من مرض وشيخوخة وتشوه في حالة الحوادث، وأن المرأة تأكل وتشرب وتمارس فن الإخراج في المراحيض العامة والخاصة، وأنها مثل الرجل تستيقظ صباحًا وهى تكاد ترى أمامها شبرًا، مغمضة العينين وعابسة الوجه، وأنها تغضب وتفرح وتثور وتهدأ، وأنها عندما تموت يتحلل جسدها ويأكله الدود، تمامًا مثل الرجل. جسد المرأة لا يختلف عن جسد الرجل وإن كان جسد المرأة مثيرًا في أعين الرجال، فجسد الرجال مثيرًا أيضًا في أعين النساء، وكما للرجال شهوة، فللنساء شهوة أيضًا.. وبالتالي على حزب النور إن أراد أن يمالئ السلطة ويضع في آخر قائمته وردة ليذروا بها الرماد في أعين قانون الانتخابات، أن يضع صورة تلك التي من المفترض أن نفكر في منحها صوتنا، أو فليستبدل صور الرجال بحزم من الفجل، ليكون لدينا قائمة انتخابية تتكون من عدد من ربطات الفجل إضافة إلى وردة.. وليتقبل الله منا ومنكم يا حزب النور. أما الإخوة الإخوان أصحاب "سحب الخرفان" العظيم، فلا أدري كيف بالإمكان أن أوجه لهم ألف تحية، وهل يجب عليّ أن أوجه لهم هم التحية أم للمجلس العسكري، أم لحكومة شرف الموقرة. فحتى الآن الإخوان المسلمين ورغم تكوينهم لحزب سياسي معترف به رسميًا، إلا أن الجماعة نفسها بكافة أجنحتها العسكرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ما زالت قائمة، بل تم الإشارة إلى حزب الحرية والعدالة، باعتباره الجناح السياسي للإخوان، وبالتالي أصبحنا في مصر نواجه جماعة الإخوان التي لا ندري في حقيقة الأمر إن كان تم تسجيلها رسميًا في وزارة التضامن الاجتماعي أم ما زالت كيانًا محظورًا، أم تحولت إلى كيان فضائي؟، وكذلك حزب الحرية والعدالة. ورغم أنه من المفترض أن سياسة الأخوان تُلعب في أروقة الحزب، إلا أن الفصل بين أنشطة الجماعة والحزب تكاد تكون مستحيلة، فمسابقة السحب على الخرفان التي أقامتها الجماعة الموقرة في يوم وقفة عرفات في الخامس من نوفمبر، قامت بها باعتبارها واحدة من أنشطتها الخيرية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، أعاده الله عليكم وعلى جميع المسلمين بخير، وكل سنة وأنتم طيبين والناس محتاجة تاكل لحمة والغلابة في البلد ما أكثرهم، وكلهم في عرض كيلو لحمة، فما بالك بخروف! هذه المسابقة المتطورة والعالمية والتي يواجهها المصريون الغلابة في الأحياء الفقيرة لأول مرة، لا يمكنني أن استبعدها وأغمض عيني وأمارس فن البلاهة وأقول إنها نشاط خيري لا علاقة له بالانتخابات، بل إن الأمر في صلب الانتخابات، لكن تقوم به جماعة الإخوان بمعزل عن الحزب السياسي، الذي يظل بكيانه المستقل بعيدًا عن ممارسة الدعاية الانتخابية بربطها بالدين، لكن بالطبع الجماعة نفسها رفعت عن كاهله هذا العبء وربطت الدين بالانتخابات للتأثير في أصوات الناخبين خاصة في الأحياء الفقيرة. بإمكانكم الآن أن تتساءلوا لماذا وجهت تحية إكبار وإجلال للإخوان المسلمين وحكومة شرف الموقرة والمجلس العسكري العظيم؟ والإجابة بسيطة فتحيتي للإخوان، لكونهم أذكياء يعرفون كيف يسددون الهدف، فهم أسسوا حزبًا سياسيًا يخترقون به عالم السياسة والمناصب في مصر، في حين الجماعة ما زالت قائمة تمارس نشاطها الدعوى والعسكري والخيري وتخدم به الحزب وانتشاره بين الناس بشكل غير مباشر وبدون أي اختراق للقانون. أما تحيتي لحكومة شرف والمجلس العظيم، فلكونهم حتى الآن لم يفكروا في إلزام جماعة الإخوان المسلمين بأن يكونوا جمعية رسمية. فأمام القانون ما زالت الجماعة محظورة، لم يحاول أحد لا من الإخوان ولا من الحكومة استئناف الحكم القضائي بحظرها، ومن ثم انخراطها في العمل الاجتماعي كجمعية دعوية خيرية يجب أن تتبع وزارة التضامن الاجتماعي ويتم محاسبتها ومراجعة ميزانيتها من قبل الوزارة والجهاز المركزي للمحاسبات، وإلزامها بكافة الضرائب اللازمة. من هذا المنطلق أعلن لكم أيها الإخوة في الوطن المنهوب والمسفوك والمنتهك، أنني نزعت عن فمي "الريالة" منذ زمن.. فماذا عنكم؟