قد لا يمكن عزل التطورات السريعة والمتوالية والمذهلة التي عرفتها وتعرفها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، عن سرعة التغيرات التي يعرفها النظام العالمي الجديد، ففي رحم زخم هذه التغيرات السريعة يحدث التحول المفاجئ والرهيب لوسائل الإعلام الحديثة، التي بدأت هي نفسها تتحول شيئا فشيئا من سلطة رابعة إلى سلطة خامسة شديدة البأس مهابة الجانب، تحول معها العالم إلى قرية كونية صغيرة. لكن هذا التطور الرهيب قد أضحى كابوسا يزعج وباستمرار حقوق الإنسان وحرماته تحت مبرر حرية الإعلام والاتصال، وحرية الإعلام والنشر التي هي من صميم حقوق الإنسان وحرياته ولهذا يخطىء من يتصور ان الصحافه هي المؤثر الوحيد فى الراى العام ولابد من النظر الي تطوير منظومة الاعلام في مصر لتصبح منظومة متكامله لتؤدى دورها ووظائفها بالشكل المطلوب فى الحرية وحق الفرد في الحصول علي المعلومة الصادقة ومن هنا يجب عدم تسرع حكومه الدكتور الببلاوى وراء مطالبات نقابة الصحفيين فى إعادة تشكيل المجلس الأعلي للصحافة ومشروع تعديل قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 ، ولكن مطلوب التروى والنظر الى الاعلام بصفة عامة، وخاصه فى ظل التغيرات السريعه والمتلاحقه لوسائل الاعلام والتى غيرت كثيرا من مهمه الصحافه المكتوبه فقط الى الصحافة التليفزيونية وبرامج التوك شو والصحافة الالكترونيه وانتشار المدونات والتاثير الفعال للمواقع الاجتماعية الى امتداد تاثيرها على الراى العام فى تشكيل الاتجاهات وتغير السلوك ومن هنا يجب وقبل تشكيل مجلس أعلي للصحافة، التفكير فى تكوين لجنة من خبراء واساتذه اعلام لهم تجارب واتصال دولي ، ومن شباب الصحفيين بالصحف الالكترونيه لوضع منظومة اعلامية ومواثيق شرف لمهنة الاعلام لضبط ايقاع العمل الاعلامي الذى اصبح يمثل القوه الناعمة للدبلوماسية فى العلاقات الدولية التى تعتمد عليها دول العالم المتقدم من خلال منظومة الاتصال الدولى لخدمة اهداف الدولة وابرز مثال سلبى على ذلك ماتسبب فيه من يطلق عليهم اعلاميين رياضيين بالفضائيات من افساد للعلاقة بين دولتين وشعبين هما مصر والجزائر رغم ما يجمعهما من علاقات تاريخية وثقافية واقتصادية، ويعزى ذلك للجهل باهمية هذه العلاقات والتسبب فى ازمه دوليه والآن لقد حان الوقت لضبط منظومة الاعلام فى مصر دون تسرع ودون الانصياع لرغبات البعض من خلال نظرهم لنصف الكوب الملىء بالماء دون النظر للكوب باكمله ، وياتى ذلك من خلال الاطلاع على تجارب اعلاميه لدول اخرى فى ضبط منظومه اعلامها ، علي سبيل المثال اسبانيا عقب الثوره على فرانكو فى السيعينات حيث اعادت للاعلام الرسمى دوره في أداء وظائفه المنوطه بالاعلام من خلال اعادة بناء الثقه بينه وبين الجمهور فى المجتمع ، ومع انهيار جدار برلين سنة 1989، ومع آثار حرب الخليج الثانية 1990، وظهور مفهوم النظام العالمي الجديد، الحامل في طياته عودة الليبرالية المتوحشة، والمكرس للدفاع المزعوم عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والاتصال. وفي صلب هذه التحولات حدثت تطورات رهيبة عرفتها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ما أدى إلى ظهور الصحافة الإلكترونية، والنشر الإلكتروني والانترنت، كآليات جديدة، أضحت تنافس الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. وبدون شك أن هذا سوف يترك بعض أثره على الإطار القانوني المنظم للإعلام والاتصال وخاصة بعد هيمنة الرأسمالية وعودة قيم الليبرالية المتوحشة، وتحول الدولة إلى دولة شبه حارسة، بعدما انتهى دورها التدخلي، حتى غدت في ظل سيادة الليبرالية الجديدة والخصصه "دولة للبيع"، فعادت إلى الصورة التي كانت عليها في القرن 19، ولكنها هذه المرة أضافت إلى دور الحراسة الذي تقوم به، دور "الدولة المنظمة" أو "الدولة المقوننة". وهنا لنا سؤال يجيب عليه ثوار الاعلام ، باى قانون يتم محاسبه المخطئين بالإعلام الفضائى والالكتروني عند نشر اكاذيب مضللة من شأنها احداث بلبله فى المجتمع وتكدير السلم العام مثل مافعله رئيس تحرير اكبر صحيفة قوميه يعود تاريخها الى 137 عاما من العمل الصحفى الذى يجله ويحترمه الجميع ، وايضا فى نشر خبر انفراد يتم تكذيبه من قبل السلطات القضائية وغيرها ، ويترك القارىء في حيرة من امره نحو تلقى المعلومة فى ظل تدفق المعلومات بغزارة الا انه اصبح التحقق من صدقها اصعب واخطر من ندرتها ، ومثل مايحدث على شبكة المعلومات الدولية "الأنترنت فى انتهاك حريات الإنسان بدون قيد ولا تنظيم لوسائل الإعلام الحديثة، وتأثيرها على حقوق الإنسان وحرياته. فلابد من اصدار قوانين ومواثيق شرف تحد من جبروت تأثير وسائل الإعلام الحديثة على حقوق الإنسان، وتعديل قوانين قائمة لتساير هذا التطور. مواجهة التوسع الشديد والاستغلال السيء لحرية الاعلام التى قد تتعدى حماية الحياة الخصوصية للأفراد ضد القذف والسب، والتشهير والافتراء والكذب.وفى نفس الوقت العمل علىحماية واحترام الديمقراطية وحرية الإعلام والاتصال دون السير ونحن فى القرن الحادى والعشرين باتباع اعلام جوبلز فى عهد هتلر ( اعطنى اعلاما بلا ضمير اعطيك شعبا بلا وعى). فإذا كان النظام الاقتصادي الجديد كفكرة قد دعا إلى دمقرطة حرية الإعلام فإن ذلك ترك بصماته على الجانب القانوني المنظم للإعلام والاتصال. وسوف يتضح الأمر أكثر عندما يتم التعاون مع اليونسكووالتعرف على مابذلته من جهد لمواصلة برنامج تنمية وسائل الإعلام للوصول للاسس التي يمكن أن يستند إليها هذا النظام بما في ذلك تطبيق تقنيات الاتصال الجديدة، وهمسة فى اذن الحكومه والخبراء بامكانيه الاستعانه بخبير الاعلام الدولى الاستاذ الدكتور سامى طايع عضو المجلس الاستشارى باليونسكو لما له من علاقات وخبرات دوليه فى هذا المضمار . ------------- المنسق الاقليمى للشبكه الدولية للصحفيين والباحثين الشبان