يقيم معرض الشارقة للكتاب حفل توقيع لرواية "شتات الروح" للكاتب الصحفى الفلسطينى عبد الله مكسور، وذلك فى تمام الثانية ظهر الخميس المقبل 27 أكتوبر. "شتات الروح"، كما تراها الكاتبة الفلسطينية رفقة شقور، رواية تحاكى أحلام الفلسطينيين فى شتات الأرض الرحبة، وتسير فى ممرات ضحلة عبرها مغتربو العرب من شخصيات الرواية، ممن تنسحب عليهم الكثير مما أعلنته هذه السطور من حقائق تصيب من يهربون من تضييق الحريات إلى مطرقة الغربة وسندان الذاكرة الحائرة فى دروب المحاولات للمضى قدما فى زحمة وقائع الحياة ونوائب الدهر. تتكاتف الظروف، ويحتشد جنود القدر حتى تصل شخوص هذه الرواية إلى مسرح واحد وهو أرض فرنسا، وبالتحديد فى العاصمة باريس، كل منهم معبأ بجعبة من الأمنيات والأحلام المختلفة المشارب والجنسيات، إلا أن الكاتب يبدى تأثره البالغ بحالة الانقسام العربية، ويحيل سطور هذه الرواية إلى سيفٍ يمزق عبره الصورة المألوفة عن اختلافات المصالح السائدة الآن بين الأقطار العربية، لتأتى الرواية تظاهرة قومية عربية بامتياز، ليثبت وعبر تصاعد الأحداث أن العرب يجمعهم مصير واحد وهوية واحدة ولا يفرقهم سفاسف الأشياء. تمثل ذلك عبر مكنونات وحوارات شخوص هذه الرواية من بعض الشباب الذين تسرى فيهم دماء عربية نقية. يسافر الكاتب عبر شخوص الرواية بالقارئ إلى تفاصيل كثيرة حول قصور الأحلام التى شرع ثلة من الشباب العربى في بنائها على أرض اختار القدر أن تكون منفاهم الأخير عن صدور أوطانهم، ويبدو عبر المونولوجات التى تدور فى خلد الشاب الفلسطينى محور الرواية لوحة كاملة من معاناة فلسطينيى الشتات، وعلى امتداد هذه الأرض الواسعة، الحلم بحضن الوطن، وتنشق رائحة الزعتر والزيتون، حتى كاد أن يتماهى على الإطلاق مع شخص منار الفتاة العازفة على العود ذات الأصل اللبنانى والتى تذكره بفتيات فلسطين، إلا أنها تتحول مثلها مثل الوطن فرحة مؤجلة لا يطالها رغم كل المحاولات لإبقائها وطنا تستقر فيه روحه. ويسلط الكاتب الضوء على آلية تجنيد الصهاينة اليهود لبعض شباب العرب، وكيف تحولهم إلى أداة طائعة من أجل خرق الصفوف العربية والإطاحة بالحلم تلو الآخر، مقابل مال أو نساء وذلك عبر اللوبى الصهيونى والمنظمات الماسونية العالمية. تضيف رفقة شقور: "شتات الروح"، هى حديث أرواح ممزقة بين أحلام النفوس وخاطفى تلك الأحلام، زارعى العقبات فى وجه الشباب العربى المغترب، والذى يفكر فى عمل ما من أجل استحضار الأوطان كما يروها فى مخيلتهم عبر تخليصها مما هى عليه من تبعية للغرب وأوهام السلام المزعوم. ويعكس الكاتب فى جنبات الرواية حالات مختلفة من الانفعالات والتفاعلات حيال الكثير من الوقائع العربية، من كل قطر يقع عليه اختيار القلم وشخوص هذه الرواية، ويقدم اقترابات هادئة وسلسة من أجل النهوض من القاع إلى القمة بشكل مرحلى وعبر تقلّد مفاتيح الحكمة التى ضاعت مع انقضاء رموزها العرب الذين أكل الدهر على ذكراهم وشرب. ويوظف الكاتب الكثير من الاقتباسات النادرة فى زوايا الرواية بما يخدم عملية طرح المقاربات المنطقية للحلول، وبيان صواب التشخيص الذى يطرحه من خلال عدة نوافذ فتحها وأبواب تركها مشرّعة لكل من يخط بهذا الجانب من أدب القضية الفلسطينية والقضايا العربية بالمجمل. إلا أن الرواية تبقى تتجاذب هذا الخيط الرفيع الذى يفصل ما هو مباح أو غير مباح فى أدب الرواية العربية، مما يزيد حبكتها تشويقا، وجنوحا فى بعض الأحيان للخروج عن المألوف. لتبقى الكثير من القيم العربية الممزقة بعنف بفعل ازدواج البيئات محط استفهام وتساؤلات، تغرى بالدراسة من أجل فهم دوافعها المعلنة وغير المعلنة، حتى يظهر بعض شخوص الرواية فى حالة شتات فعلى للروح رغم الملمة الظاهرة لكل المكونات، حتى تنساب الأرواح والأجساد تعبيرا متكاتفا عن كل ما يدور فى البال من رغبات وعواصف وعواطف. تميز الأسلوب بالطرح الواقعى المنطقى دون تجميل لواقع شخوص الرواية الذين قد يكونوا يمثلوا الآلاف ممن هم فى شتات هذه الأرض من الفلسطينيين والعرب، ويميل الكاتب فى ثنايا السطور إلى بيان الروح العالية التى يتمتع بها ثلة من هؤلاء الشباب، والتى تكاد أن تطال السماء أملا فى قطف النجمات، وإعلاء صوت قضايا أوطانهم وإيصالها بكل الطرق الممكنة إلى الغرب رغم كل العقبات سواء بالقلم أو بالنوتة الموسيقية أو أوتار عود.