عالم خفي ؛ المال فيه لاعب رئيس لكن السياسة لا يمكن أن تغيب عنه .. أسماء براقة تظهر في هذه القناة ، لتقول وتقول ، ثم تنسحب وسط ضجيج لتظهر في قناة أخرى بذات الكلام ، و لكن بسعر أعلى ، وهكذا يحق للمشاهد أن يسأل : من هؤلاء ؟. ومن يقف وراء هذا التكاثر في عدد الفضائيات ، وما هي أهدافه ؟. منذ عدة أشهر مضت، وتحديدا في شهر مارس الماضي، أعلن أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بأنه قد تمت الموافقة على ترخيص ست عشرة قناة فضائية جديدة، وأنه جار العمل على وضع ضوابط جديدة في المجال الإعلامي وأهمها إلغاء الاستعلام الأمني عن المستثمرين الراغبين في إنشاء قنوات فضائية وذلك بهدف رفع سقف حرية التعبير، وإلغاء قصر ترخيص القنوات على العمل كمتخصصة فقط. ومنذ عدة أيام صدر قرار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء بشأن وقف إصدار تراخيص القنوات الفضائية الجديدة مؤقتا، وتكليف هيئة الاستثمار باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفضائيات المثيرة للفتن والمحرضة على أعمال العنف. وقرار مثل ذلك لابد وأن يثير البلبلة، بين من يقولون إنه ردة للوراء وامتداد لسياسات النظام قبل ثورة 25 يناير، وبين مؤيدين له، وفي جميع الأحوال لابد وأن يخضع قرار مثل هذا إلى التحليل والدراسة، وهل هو انعكاس حقيقي للتخبط الواضح بين سياسات الجهات الحكومية متمثلة في وزارة الإعلام من جهة ، وهيئة الاستثمار من جهة أخرى في التعامل مع هذا الملف الهام. ولتوضيح ذلك لابد من سرد وجهة نظر كل من الدولة ثم المستثمر أو صاحب القناة الفضائية ثم ما هي حدود العلاقة بينهما؟، وما هو دور إعلام الدولة في هذه الحالة؟ أولا: الموضوع من وجهة نظر الدولة فطبقا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 المعمول به في المحروسة، فالدولة تشجع رأس المال الوطني والأجنبي في الاستثمار في كافة المجالات طبقا للقانون المذكور ، و أحد هذه المجالات هو الاستثمار في الإعلام و إنشاء القنوات الفضائية الخاصة، وفي سبيل ذلك أقامت الدولة استثمارات ضخمة متمثلة في الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي EMPC ، والشركة المصرية للأقمار الصناعية Nile Sat ، والأولى تحتوي على العديد من الشركات العاملة في مجال الإعلام ومنها الشركة المصرية للقنوات الفضائية CNE، ليشكلوا معا مثلث صناعة الإعلام المرئي في مصر، بل في جزء كبير من منطقة شمال أفريقا والشرق الأوسط حيث يمتد نطاق عمل النايل سات، ويتم الإنتاج في مدينة الإنتاج الإعلامي، ويتم البث عن طريق النايل سات والتشفير عن طريق الشركة الثالثة CNE . ومن الجدير بالذكر أن شركة النايل سات أسست عام 1996 وتم إطلاق القمر الصناعي الأول عام 1998، وهي شركة مساهمة.. (اتحاد الإذاعة والتليفزيون بنسبة 40% ، بنكا الأهلي المصري، والقاهرة بنسبة 15 % مناصفة، الهيئة العربية للتصنيع 10%، الشركة المصرية للمشروعات الاستثمارية 15%، اكتتاب عام 20% ) ويوجد الآن على القمر أكثر من 600 قناة فضائية ، و 104 قنوات إذاعية، ومعظمها يتم بثها من خارج جمهورية مصر العربية، طبقا للموقع الرسمي للشركة علي الانترنت، وقد تم التفكير في إطلاق هذا القمر كمحاولة للحفاظ علي الأمن القومي، وعدم ترك الفضاء المصري أمام أي أقمار أخرى. وكذلك الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي EMPC ، و هي شركة مساهمة ..( اتحاد الإذاعة والتليفزيون بنسبة 42% ، بنك الاستثمار القومي 18% ، بنك الأهلي المصري وبنك مصر 10% مناصفة، الشركة المصرية للمشروعات الاستثمارية 5% ، شركة مصر للتأمين 5%، اكتتاب عام 20% ) ، وتحتوى مدينة الإنتاج الاعلامى على ستة مجمعات للاستوديوهات ( أ،ب،ج،د،ه،ك ) تشمل استوديوهات متنوعة من 900 إلى 100 متر مربع يتم من خلالها تنفيذ الإنتاج التليفزيوني والتي غطت معظم أوقات البث التليفزيوني في القنوات المصرية والعربية المختلفة على مدار السنوات الماضية ... تتنوع فيها مساحات الاستوديوهات، لخدمة مختلف أنواع الإنتاج التليفزيوني، وغيرها من مناطق التصوير المفتوحة. ثالث الشركات وهي المصرية للقنوات الفضائية CNE وهي شركة مساهمة مصرية تأسست عام 1991 كأول شركة تلفزيونية مشفرة في العالم العربي بواسطة اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري والمساهمون في الشركة هم اتحاد الإذاعة و التليفزيون (52 %) ، الشركة المصرية للمشروعات الاستثمارية (4%) ، الشركة العربية للتوزيع الرقمي – موريشيوس (44%) ، وعن طريقها يتم تشفير قنوات ART والجزيرة الرياضية وشبكة الشوتايم و..... غيرها . والشاهد مما سبق ذكره أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يمتلك نصيب الأسد في الثلاث شركات المذكورة ( 40 ، 42 ، 52 % على الترتيب)، وبالتالي فله اليد العليا في السيطرة والهيمنة على السياسات الإعلامية في مصر، وحتى طبقا لمبدأ فصل الإدارة عن الملكية، فاتحاد الإذاعة والتليفزيون له الحق الأصيل، في إطار السياسة العامة للدولة، في وضع إستراتيجية الإعلام في مصر. وقد تكلفت الدولة مليارات الجنيهات، بدون مبالغة، في إقامة تلك الشركات، وإن كان يغلب عليها طابع الشركات المساهمة والتي تساهم فيه شركات تأمين وبنوك مصرية وشركات قطاع أعمال عام، وبالتالي فملكيتها ترجع في نهاية الأمر للدولة. وقد أنشأت الدولة تلك الشركات واستثمرت فيها مليارات الجنيهات في سبيل إقامة صناعة جديدة وهي الإعلام المرئي الخاص والسيطرة وحماية المجال الفضائي للدولة ونشر ما يسمى بالقوة الناعمة للدولة Soft Power، ومن ثم تشجيع الاستثمارات في هذا المجال لعدة أمور منها أنه لابد من وجود عائد لهذه الاستثمارات متمثلا في تشغيل العمالة وجلب العملة الأجنبية والتكنولوجيا الحديثة، ولكن يلاحظ الاتي: 1- من ناحية العمالة: يلاحظ أن هناك أعدادا هائلة تركت التليفزيون المصري بما فيه من أجور متدنية وإمكانيات ضعيفة واتجهت إلى القنوات الخاصة والتي يغلب عليها طابع الاستثمارات الوطنية أو رأس المال الوطني ويندر وجود استثمار أجنبي باستثناء بعض القنوات العربية (رأسمال عربي)، وبالتالي هدف تشغيل عدد اكبر من العمالة يعتبر لا يمثل قيمة مضافة من جلب هذه الاستثمارات، باستثناء بعض العمالة الموسمية وخاصة أنها صناعة كثيفة التكنولوجيا وليست كثيفة العمالة. 2- من ناحية جلب التكنولوجيا: فهذه الصناعة كما ذكر كثيفة التكنولوجيا Tech Intensive بمعنى أنها تستخدم آلات ومعدات ذات تقنية عالية وكلها تستورد من الخارج ويتم تدريب المختصين عليها. 3- من ناحية إدخال عملة صعبة، فيمثل ذلك عبئا كبيرا على المشروعات العاملة في هذا المجال، حيث تتطلب الجهة الإدارية متمثلة في المنطقة الحرة العامة الإعلامية التابعة للهيئة العامة للاستثمار التعامل بالدولار الأمريكي، مما يجعل المشروعات تطلب الدولار ويمثل ضغطا على سوق الدولار، وحيث ان تلك المشروعات لا تجلب دولارات أو عملة صعبة لأنها لا تصدر سلعة، وإنما تقدم خدمة عن طريق البث الفضائي، وبالتالي يمثل الإطار الحاكم للاستثمار في هذا المجال ضغطا على المشروعات. ناهيك عن الترهل الإداري في الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، والفساد الإداري المتوحش بها، وإن كانت تدل على شيء فهي تمثل نموذجا لحكومات متعاقبة غير رشيدة وليس لها سلم أولويات في إقامة المشروعات الكبرى. ثانيا : وجهة نظر المستثمر أو صاحب القناة الفضائية منذ عام 1998، ظهر عالم آخر للإعلام، وخاصة الإعلام المرئي، ومع مرور السنوات بزغت اقتصاديات الإعلام المرئي الخاص، وبدأ يثار التساؤل هل إطلاق القنوات الفضائية، والذي يتم بصورة مستمرة، له عائد مجز لأصحاب هذه القنوات، خاصة وأن أصحابها من كبار رجال الأعمال في مصر، و أن معيار الربحية Profitability هو المعيار الأساسي لأصحاب الأعمال، فما بالنا بكبار رجال الأعمال !! أما فيما يخص معيار الربحية من الناحية المحاسبية ، ولتوضيح ذلك فبداية في حالة رغبة أحد الأفراد أو مجموعة من الأفراد في إقامة قناة فضائية، فلابد من إنشاء شركة ككيان قانوني، وتمثل القناة التليفزيونية أو عدد من القنوات المراد بثها منتج هذه الشركة، وبالتالي يستلزم ذلك ضرورة إيجار أستوديو داخل مدينة الإنتاج الإعلامي أو تملكه بنظام الانتفاع لعدد من السنين – طبقا للنظام المتبع من مدينة الإنتاج الإعلامي - وذلك في حالة وجود إنتاج برامج، ثم إيجار سعة فضائية على القمر الصناعي نايل سات من الشركة المصرية للأقمار الصناعية وذلك لبث محتويات ما يتم إنتاجه سواء للشركة أو من غيرها، ويستنتج من ذلك حجم المصروفات الواقع علي عاتق الشركة من مصاريف إيجار أستوديو ومصاريف بث فضائي وإنتاج برامج وما يصاحب ذلك من مرتبات عاملين وشراء أصول لاستخدامها في الإنتاج (كاميرات، معدات إضاءة، ومعدات متخصصة، تركيبات ديكورات متغيرة، أثاث ومهمات، أجهزة كهربائية، أجهزة كمبيوتر). على الجانب الآخر يتمثل إيراد الشركة في حصيلة الإعلانات على القناة الفضائية، وذلك طبقا لنوعية البرنامج ومقدمه -حيث يمثل المذيع نقطة جذب جماهيرية أم لا– و بالتالي يتحدد على أساسها الراعي الرسمي للبرنامج، وغالبا ما تكون إحدى الشركات الكبرى صاحبة منتجات استهلاكية، أي أن حصيلة الإعلانات تتوقف على نوعية، وجماهيرية، ومقدمي البرامج التي تبث، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل تكفي حصيلة تلك الإعلانات و إيرادات ال SMS لتغطية نفقات أي قناة ؟! في الواقع، إن امتلاك وإدارة قناة يختلف عن امتلاك مشروع إنتاجي آخر، فالمجال خدمي وليس صناعيا أو زراعيا، ويندرج بعضها تحت ما أصطلح عليه حديثا القوة الناعمة للدولة Soft Power ، وبالتالي دراسة الجدوى لتلك الشركات تختلف عن أي دراسة جدوى أخرى، وبالتالي فهي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة وتقريبا تكلفة المنتج فيها (أي برنامج) مرتفعة جدا..، وغالبا في الثلاث سنوات الأولى من بداية عمر المشروع يحقق خسائر- إلا قليلا- كأي مشروع إنتاجي آخر حيث تكون تكاليفه الثابتة وتكاليفه الاستثمارية أعلى من إيراداته بمراحل وبالتالي يحقق خسائر، وفي ظل استمرار عمر المشروع يتبين استمراره من عدمه. إلا أن هناك عامل مهم جدا لابد أن يأخذ في الحسبان وهو الناحية السياسية، فقناة مثل قناة البغدادية (وتملكها شركة الواحة للقنوات الفضائية) وقد حققت خسائر متراكمة منذ إنشائها نهاية عام 2005 وحتي 2010 بلغت 14.5 مليون دولار، قناة الرافدين (وتملكها شركة الرافدين للقنوات الفضائية) رغم تحقيق خسائر متراكمة بلغت حوالي 10 ملايين دولار منذ إنشائها في عام 2006 وحتى 2010 وكلاهما شركتان عراقيتان، وكلاهما له منهج فكري وعقائدي مختلف، في هذه الحالة لا ينظر إلي الربحية بقدر ما ينظر إلى نشر الثقافة والمنهج الخاص بالقناة لاعتبارات سياسية في المقام الأول. وكذلك العامل الديني والذي يهدف إلى نشر الدعوة الإسلامية ومن أمثلتها منشأة الرحمة للإنتاج الفني والإعلامي وصاحبها هو إبراهيم بن صالح الدسيماني (سعودي الجنسية) ومحققه خسائر متراكمة ما يقرب من 400 ألف دولار منذ إنشائها (نهاية 2007) وحتي نهاية 2010. أما لو مشروع عادي يخضع لاعتبارات المكسب والخسارة المجردة من أي عوامل أخرى، فهناك من حقق ربحا وهناك من حقق خسائر، وعلى سبيل المثال شركة هوالميتد المالكة لقناة أون تي في حققت خسائر عام 2008 بلغت 12 مليون دولار زاد إلى 15 مليون دولار عام 2010، وشركة مودرن للقنوات الفضائية حققت خسائر متراكمة منذ مايو 2007 وحتى نهاية 2010 بلغت 12.2 مليون دولار وبلغت تكاليفها الاستثمارية 16 مليون دولار عن نفس الفترة. ومن الشركات التي تحقق ربحا شركة بانوراما للإنتاج الإعلامي المالكة لقنوات بانوراما وصاحبها مهدي عويس والتي حققت ربحا عن الفترة القصيرة التي تم بثها ما يقرب من 10.1 ملايين دولار وبتكاليف استثمارية بلغت 26 مليون دولار وشركة النيل للإنتاج الإذاعي و التي تمتلك قناة نجوم FM الإذاعية وقناة FM TVويمتلكها عماد أديب وشركة جود نيوز وقد حققت ربحا عن عام 2010 ما يقرب من 15.2 مليون دولار ، وشركة تي إن تي في لصاحبها طارق نور وتبث قناة القاهرة والناس وقد حققت صافي ربح خلال عام 2010 (تبث خلال رمضان 2009 فقط) ما يقرب من مليون ونصف دولار و شركة الأفق للقنوات الفضائية والتي حققت ربحا منذ إنشائها في فبراير 2008 و حتي ديسمبر 2010 ما يقرب من 2 مليون دولار . وقد يتهم بعض أصحاب هذه القنوات بغسيل الأموال – وغسيل الأموال هو نشاط إجرامي لاحق لنشاط جمع مال بطرق غير مشروعة، وخوفا من المساءلة عن مصدر الأموال كان لزاما إضفاء مشروعية على هذا المال حتى يسهل التعامل معه من دون إضفاء الشكوك والأدلة القانونية على الأعمال الاجرمية السابقة، وغسل الأموال هي إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة في مجالات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال ولتبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع ومن أمثلة هذه الأعمال غير المشروعة (الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات- الرقيق-الدعارة- الأسلحة). ونظرا لعدم تحقيق بعضها لأرباح وفي نفس الوقت تستمر تلك الشركات وتظل قائمة، وبعضها يعتمد على ضخ الأموال من الخارج. وقد انطلقت بعض القنوات الفضائية الجديدة بعد ثورة 25 يناير ومن أهمها:
شركة ترنتا (وتعني بالاسبانية ثلاثون وهو اسم له مدلول ) المؤسسون: وليد مصطفي حسن، سمير يوسف حسن، إيهاب جلال إبراهيم، محمد عادل زكريا رأسمالها: مليون دولار قناة النهار ( وطلع النهار ) لاحظ الاسم شركة المستقبل المؤسسون : محمد الأمين رجب ، سناء علي حسن ، سهير يحيى عبد الرحمن بدوي رأسمالها : 5 مليون دولار CBC مجموعة قنوات الشركة العالمية للإنتاج الإعلامي المؤسسون : محمد أسامة محمد فؤاد ، صادق عبد الرحمن ، مها السيد أبو العز ، عمرو محمد زكي ، حسام أبو بكر الصديق الشحات ، محمد محمد مرسي عيسي رأسمالها : مليون دولار قناة مصر 25الناطقة باسم جماعة الإخوان المسلمين
وطبعا هؤلاء المؤسسون لا أحد يعلم من يمولهم ومن هم أساسا، نظرا لغياب الاستعلام الأمني، من ضمن ما يقال ان قناة مثل قناة التحرير تمول من الشيخه موزة زوجة أمير قطر، مع عدم اليقين من ذلك، إلا أن غياب الشفافية في هذه الموضوعات تطلق العنان إلى تصديق ما يقال. ولكن الموضوع أكثر تعقيدا من اتهام البعض بغسيل الأموال أو تلقي أموال من الخارج لا يعرف مصدرها، وذلك للأسباب السابق ذكرها - السياسية والدينية. ثالثا: القنوات الفضائية والحرية المسئولة: زادت في الفترة الأخيرة نغمة أن الإعلام متسبب في الكثير من شحن معنويات الشعب المصري بشحنات سالبة ومثير للفتن - برنامج توفيق عكاشة على قناة الفراعين خير مثال علي إثارة الفتنة والتشفي في الخصوم - وأصبحت بعض برامج التوك شو تعكر صفو الأمن والسلم العام. وفي العام الماضي وبمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للتليفزيون العربي (ديسمبر 2010) طرحت احدى الصحف المصرية وقتها ملف الفضائيات الخاصة وقد أجرت عدة حوارات مع أصحاب القنوات الخاصة، كانت الحوارات تركز بصفة أساسية على مدى الحرية الإعلامية التي تتمتع بها تلك القنوات، والجميع أجمع على أن الحرية المسموح بها وقتها في إطار الضوابط الموضوعة سواء المعلنة أو غير المعلنة، ويستنتج مما سبق أن القنوات المصرية الخاصة كانت قبل 25 يناير تعمل في إطار حدود معينة وإن كان السقف المسموح به قد ارتفع قليلا ثم ما لبث أن انهار في أواخر أيام الرئيس السابق وفي إطار السياسات العامة للدولة، ومن جهة أخرى فقد فرضت الظروف العالمية (ثورة المعلومات) ووسائل الاتصال الحديثة نفسها علي الجميع، حيث لم تعد باستطاعة الدولة كبت المشاعر العامة بنسبة 100% وبالتالي كان هناك متنفس متمثلا في بعض برامج المسماة التوك شو، سواء تم الاستجابة لما يتم طرحة فيها من موضوعات أو لا، ولكن كان الأهم بالنسبة للدولة الرسمية هو التشدق بحرية التعبير وقتها. وبالتالي أصبحت القنوات الخاصة مجرد إعلام مميز يساعده رأس المال الضخم والإنتاج الكبير، وهذا ما يثير تساؤلا آخر ما هو جدوى التصميم على وجود القنوات الأرضية التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، إذا كان الاتحاد قادرا على المساهمة في كيانات كبيرة كالمشار إليها، فلماذا لا يضع حدا للمال العام المصروف على القنوات الأرضية التي لا يشاهدها أحد، وحتي القنوات المتخصصة الموجودة على القطاع الفضائي هي نفسها ما تبث أرضيا فلماذا توجد القنوات الأرضية، أعتقد انه تساؤل يستحق الدراسة الفنية والاقتصادية من جانب القائمين على الأمور في هذا القطاع، خاصة في ظل كيان هلامي مثل كيان اتحاد الإذاعة والتليفزيون والذي يضم أكثر من 40 ألف موظف !!!!!! ولذلك أصبحت تلقى على عاتق هذه القنوات الكثير من المسؤولية الإعلامية وأصبحت الرسالة الإعلامية في حاجة إلى التوازن وتقييم الأمور بميزان الصالح العام، وأصبح على الدولة ضرورة انتهاج سياسة واضحة هل هي في حاجة إلي قنوات فضائية جديدة مستغلة إمكانياتها أم اكتفت بما هو موجود وأصبح الأمر في حاجة إلى رقابة من الدولة وعودة إلى التقييد من جديد وردة إلى عهد النظام السابق قبل 25 يناير؟ الواضح أن الدولة في حاجة شديدة إلى إعادة هيكلة مؤسسية قائمة على توزيع اختصاصات محددة للقائمين على الأمور بين وزارة الإعلام والجهات الاخرى، وأن الدولة تفتقد الرؤية الواضحة لسياسة الإعلام وأن هناك ترهلا إداريا تعاني منه كل مؤسسات الإعلام بدءا من الوزارة وحتى مدينة الإنتاج الإعلامي، ولابد من حل جميع المشكلات من خلال التخطيط الجيد وتبني رؤية لما سيكون عليه إعلام الدولة وما هو المرجو من الإعلام الخاص.