بدأت في تونس اليوم السبت الحملة الانتخابية للمجلس التأسيسي الذي سيتولى كتابة دستور جديد للبلاد لتمتد إلى يوم إجراء الاقتراع الذي يوافق يوم 23 من الشهر الحالي. يتنافس في الحملة الانتخابية 10937 مترشحا على 220 مقعدا في المجلس التأسيسي الذي سيتولى الإشراف على إدارة الشأن العام للبلاد خلال المرحلة الانتقالية.ويتوزع المرشحون على حوالي 1424 قائمة موزعة على 27 داخل البلاد، وتأتي اللوائح الحزبية في صدارة الترتيب ب787 قائمة تليها اللوائح المستقلة ب587 ثم اللوائح الائتلافية ب 54 قائمة. وبحسب المراقبين، تتوزع القوائم بين أربعة تيارات أساسية، التيار التقدمي الحداثي الذي يجمع القوى الوطنية الديمقراطية بما فيها اليسار، التيار الإسلامي الذي تقوده حركة النهضة، التيار الدستوري الذي يجمع أحزاب كانت قريبة من حزب التجمع المنحل وأخيرا تيار المستقلين. ويتوقع المراقبون منافسة شرسة بين مختلف التيارات ذات المرجعيات المتباينة لا سيما بين التيار الحداثي وحركة النهضة، ويرجعون شراسة المنافسة إلى كون الفائز في انتخابات المجلس التأسيسي ستكون له الكلمة الفصل في صياغة الدستور الجديد للبلاد وكذلك في إدارة الشأن العام بما في ذلك طبعا تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيسا جديدا للبلاد. وكانت السلطات التونسية رصدت حوالي 4.5 مليون يورو لتمويل الحملة الانتخابية، وحتى اليوم تم توزيع ثلثي هذا المبلغ بين الاحزاب والمرشحين المستقلين، ويمنع التشريع التونسي تمويل الحملات الانتخابية في البلاد من الخارج. وسمحت الحكومة التونسية للمراقبين الدوليين والمحليين بمواكبة مختلف مراحل الانتخابات، وقامت بعثة تمثل الاتحاد الاوروبي تضم 150 مراقبا خلال الاسبوع الماضي بمباشرة انتشارها في مختلف الدوائر الانتخابية لمتابعة سير الانتخابات. ولأول مرة منذ استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 يشرف على العملية الانتخابية في جميع مراحلها، هيئة مستقلة، هي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وذلك بخلاف الانتخابات السابقة في عهدي بورقيبة وبن على حيث كانت وزارة الداخلية هي التي تتولى الإعداد والتنظيم والإشراف على مختلف مراحل الانتخابات. وضبط القانون مفهوم الحملة الانتخابية على أنها مجموعة الأنشطة والأعمال الإعلامية بمختلف وسائل الإعلام التي تقوم بها لائحة مترشحة أو مساندوها بهدف تعريف الناخبين ببرنامجها الانتخابي خلال المدة الزمنية المحددة لذلك صلب الرزنامة الانتخابية. وتتولى الهيئة خلال الحملة الانتخابية مراقبة وسائل الإعلام في تغطيتها للحملة الانتخابية وذلك بواسطة مراقبين مختصين ومحايدين. وشهدت تونس خلال الفترة الأخيرة جدلا حادا حول الإشهار السياسي مما دفع بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات لاتخاذ قرار يمنع الإشهار السياسي غير أن القرار لم تلتزم به أغلبية الأحزاب ورأت فيه قرارا غير قانوني. ويسمح القانون بتمويل الحملة الانتخابية عن طريق المنحة العمومية أو عن طريق التمويل الذاتي غير أنه يمنع تمويل الحملة الانتخابية من مصادر أجنبية. ويخضع تمويل الحملة الانتخابية إلى رقابة دائرة المحاسبات والهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار الحرص على احترام مبدأ المساواة بين كل المترشحين. غير أن التفاوت الكبير بين القدرات المالية للأحزاب جعل من المشهد السياسي في تونس مشهدا غير متجانس بل وملتبسا حيث أدت سطوة المال التي تتمتع بها بعض الأحزاب إلى تهميش الأحزاب الناشئة. كما يتيح القانون المجال أمام الهيئة لإلغاء بعض النتائج إذا تبين لها حصول مخالفات قانونية وبالتالي إعادة احتساب النتائج الانتخابية دون الأخذ بالاعتبار القائمة أو القائمات التي ألغيت نتائجها. وأكدت الهيئة العليا للانتخابات أنها ستمنع بث ونشر نتائج استطلاع الآراء حول أي موضوع له صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات، كما ستمنع الدراسات والتعاليق الصحفية المتصلة بها عبر مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والبصرية والالكترونية بدءا من تاريخ انطلاق الحملة الانتخابية.