ربط محللان سياسيان لبنانيان سيناريوهات ما بعد استقالة حكومة نجيب ميقاتي رسميًا ب"مجريات الثورة السورية". المحلل السياسي سامي نادر اعتبر في تصريح خاص أن "استقالة الحكومة أتت بعد ضغوطات أمنية واقتصادية وسياسية مارسها فريق الثامن من مارس الموالي لسوريا على ميقاتي، تمثلت في مشكلات أمنية بأنحاء البلاد، والتعاطي السلبي مع مطالب موظفي القطاع العام بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وأخيرًا رفض التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الذي يمثل التوازن العسكري بين الدولة وحزب الله". ووضع نادر وهو مدير معهد "المشرق للشؤون الاستراتجية" 3 سيناريوهات محتملة هي: 1- نجاح المجتمع الدولي ومؤتمر أصدقاء سوريا في حسم الأزمة لمصلحة الثورة، وعندها يتم تشكيل حكومة في لبنان، ويرضخ فريق 8 آذار (الذي يمثل الأغلبية بالحكومة) لتسوية سياسية. 2- تستمر الأزمة السورية وتطول، وعندها يصعب الوصول لاتفاق، ويبقى لبنان بلا حكومة أو انتخابات بانتظار جلاء الأوضاع في سوريا. 3- انتهاء الأزمة السورية من خلال تسوية تتضمن التقسيم، وعندها يواجه لبنان وضعًا كارثيًا. رئيس تحرير جريدة المدن الإلكترونية ساطع نور الدين رأى بدوره أن "أخطر ما في استقالة حكومة ميقاتي هو اعتبارها بمثابة أول إعلان رسمي عن تأجيل الانتخابات النيابية التي كانت مقررة منتصف العام الجاري"، مشيرًا إلى "تفاهم ضمني بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على خريطة طريق للمرحلة القادمة تبدأ من الدعوة لعقد جلسة حوار وطني بين كافة القوى لصياغة قانون انتخابي جديد". وتوقع في تصريح خاص لمراسل الأناضول "أن يوجه رئيس الجمهورية الدعوة للحوار خلال الأسبوع المقبل على أن يليها تشكيل حكومة تكنوقراط (كفاءات)، تشرف على الانتخابات المزمع إجراؤها وتتمتع بقدر من الحياد"، متسائلاً عن مدى قدرة الحوار على إنتاج قانون جديد للانتخابات يرتضيه الجميع. وفي الشأن الأمني رأى نور الدين أن "الاضطراب في الشارع اللبناني لم يكن سببه الحكومة وأداؤها أو حتى وجودها من عدمه، وإنما المواقف اللبنانية المتناقضة من الأزمة والثورة في سوريا". وتوقع نور الدين أن "تستمر التوترات على شكل اختبارات أمنية لقياس موازين القوى اللبنانية في الفترة المقبلة"، مستبعدًا "تطور الأوضاع إلى اشتباك واسع في ظل المخاوف من اندلاع فتنة مذهبية بين السنة والشيعة وهي الخطر الفعلي والداهم في لبنان". وأعلن ميقاتي تقديم استقالة حكومته في خطاب وجهه إلى الشعب اللبناني مساء الجمعة، قال فيه "أعلن استقالتي علها تشكل مدخلاً وحيداً لتتحمل الكتل السياسية الأساسية مسؤوليتها وتعود إلى التلاقي من جديد". وحول دوافع استقالته، أشار إلى أن العراقيل التي تحول دون إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في يونيو/ حزيران المقبل، ومنها عدم إقرار قانون الانتخابات حتى الآن، وعرقلة تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت صباح الجمعة في القصر الرئاسي ببيروت برئاسة ميشال سليمان. وأضاف: "خلال أيام قليلة ستدخل مؤسسة أمنية كبرى في الفراغ بإحالة مديرها العام على التقاعد، فقد وجدت أن من الضروري في هذه المرحلة الدقيقة استمراره في مهامه؛ لأن في ذلك واجبًا وطنيًا تفرضه ضرورة حماية المؤسسة التي شكلت ملاذًا آمنًا للبنانيين، ولمست اليوم (الجمعة) أيضًا أن ثمة توجهًا في مجلس الوزراء بعدم التجاوب مع هذا الأمر".