حملات مفاجئة لمتابعة صرف وتوزيع الأسمدة في جمعيات أسيوط    جهاز تنمية المشروعات يشارك في قمة المعرفة التي تنظمها مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة    قصف جوي ومدفعي إسرائيلي مكثف على 4 مدن بغزة    اليونيفيل: احترام سيادة لبنان أمر محوري للتقدم بتنفيذ القرار 1701    كامب نو يفتح أبوابه من جديد.. برشلونة يصطدم بأتلتيك بلباو    بن شرقي وزيزو يقودان الهجوم في تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة شبيبة القبائل    لاعب الاتحاد: تأهلت للممتاز 3 مرات متتالية ولم ألعب.. وهذا الثلاثي "كلمة السر" في مسيرتي    حملات مرورية مكبرة تضبط 116 ألف مخالفة متنوعة    بدء المحاكمة.. رمضان صبحي داخل قفص الاتهام في قضية التزوير    مصرع تاجر مخدرات وأسلحة وضبط آخرين بحوزتهم مواد مخدرة ب50 مليون جنيه في قنا    وزير الخارجية يشيد بما وصلت إليه العلاقات بين مصر وإسبانيا    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    موسكو: المسيرات الروسية تضرب نقطة انتشار اوكرانية مؤقتة    الوطنية للانتخابات: بدء فرز الأصوات بنيوزيلندا.. والكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام نيوكاسل.. موقف مرموش    وزير الرياضة يدعم البطل الأولمبي أحمد الجندي في رحلة علاجه بألمانيا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    فاركو يواجه سيراميكا بحثا عن استفاقة في الدوري    مركز بحوث الصحراء يستقبل وفدًا طلابيا لتعزيز التعلم التطبيقي في البيئات الصحراوية    إقبال المصريين على سفارة مصر بباريس في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    إدراج 29 جامعة مصرية في تصنيف QS 2026.. والقاهرة تتصدر محليا    وزير التعليم تعليقا على واقعة مدرسة سيدز للغات: المساس بأطفالنا جريمة لا تغتفر    بدء فعاليات إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    إصابة 11 عاملا إثر انقلاب ميكروباص بالمنيا الجديدة    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    بعد تصدره التريند.. موعد عرض برنامج «دولة التلاوة» والقنوات الناقلة    استخدمت لأداء المهام المنزلية، سر عرض تماثيل الخدم في المتحف المصري بالتحرير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الصحة تقدم تعليمات مهمة لحماية الطلاب من العدوى التنفسية داخل المدارس    دايت طبيعي لزيادة التركيز والمزاج الإيجابي، نظام غذائي يدعم العقل والنفس معًا    سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والأسواق اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 فى المنيا    موعد تطبيق منظومة السيارات الجديدة بديلة التوك توك فى الجيزة    شيكو بانزا يظهر فى مران الزمالك الأخير استعدادا ل زيسكو بعد وفاة شقيقه    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    انتخابات مجلس النواب بالخارج، بدء التصويت بالسفارة المصرية في طهران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 نوفمبر 2025    زيارة مفاجئة لوكيل زراعة أسيوط للجمعيات الزراعية بمركز الفتح    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    دراسة جديدة.. عصير البرتقال يؤثر على نشاط الجينات    سعر الجنيه الإسترلينى اليوم السبت فى البنوك 22-11-2025    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    فرنسا لمواطنيها: جهزوا الطعام والماء لحرب محتملة مع روسيا    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روايتان متناقضتان وحقيقة واحدة
نشر في المشهد يوم 27 - 09 - 2011

منذ عام 1993، و هناك روايتان عن الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية المشهورة باسم أوسلو، رواية فلسطينية، و أخرى صهيونية:
أما عن الرواية الفلسطينية - ومع افتراض حسن النوايا - فتقدمها لنا جماعة السلطة، وتروج لها الأنظمة العربية، وخلاصتها:
· إن التسوية مع إسرائيل هى الممكن الوحيد فى ظل موازين القوى الدولية الحالية، خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، وانفراد الولايات المتحدة بالعالم.
· وإن حلم تحرير كامل التراب الفلسطينى غير واقعى وغير ممكن.
· وإن الممكن الوحيد هو الحصول على دولة فلسطينية كاملة السيادة فى الضفة الغربية وغزة، عاصمتها القدس الشرقية، خالية من أى مستوطنات إسرائيلية، مع التمسك بحق العودة لللاجئين الفلسطينيين.
· وإن الطريق الوحيد لذلك هو التفاوض السلمى، فالمواجهة العسكرية مع إسرائيل هى عملية انتحارية، ولن تؤدى إلى شىء.
· ولكى تقبل إسرائيل قيام دولة فلسطينية، فلابد من الاعتراف بشرعية وجودها، والتنازل عن فلسطين 1948، ونبذ العنف والمقاومة، وتوحيد الصف الفلسطينى تحت قيادة السلطة الفلسطينية، فهى الطرف الوحيد الذى تعترف به إسرائيل والمجتمع الدولى وتقبل التعامل معه.
· وإن خروج حماس وأخواتها عن شرعية السلطة وشرعية أوسلو، يضعف من موقفها التفاوضى ويعوق تحقيق الحل النهائى.
· وإنه إذا توفرت هذه الشروط ، فإنهم سيحصلون على دولة فلسطينية إن عاجلاً أم آجلاً.
· ولكن لابد أولاً من ترتيب الوضع الأمنى الفلسطينى بما يطمئن إسرائيل.
· وإن هذا أقصى ما يمكن أن يحققه الجيل الحالى، وعلى من لا يقبله أن يعتبره حلاً مرحليًا، ومقدمة للحل النهائى المتمثل فى تحرير كامل التراب الفلسطينى، وهى مهمة الأجيال القادمة عندما تتغير موازين القوى إلى الأفضل.
* * *
إذن خلاصة الرواية الفلسطينية: إن أوسلو هى اتفاقيات تحرير هدفها الرئيسى هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة الغربية وغزة، مع بعض الاستحقاقات الأمنية لطمأنة إسرائيل.
* * *
أما عن الرواية الصهيوينة، فقد قدمها - بجلاء - نتنياهو فى خطاباته العديدة، وخلاصتها:
· إن فلسطين هى أرض إسرائيل التاريخية منذ 3500 عام، بالإضافة إلى يهودا والسامرة!
· يختص بها الشعب اليهودى وحده.
· ولذلك فإن دولة إسرائيل هى بالضرورة دولة يهودية.
· وإن الرفض العربى والفلسطينى للاعتراف بإسرائيل هو أصل المشكلة.
· وإن على كل الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل، وبحقها فى أرضها التاريخية.
· وأن ينزعوا سلاحهم فورًا، نزعًا كاملاً ونهائيًا ودائمًا.
· وإن هذه هى المهمة الرئيسية وربما الوحيدة للسلطة الفلسطينية، مهمة تصفية الإرهاب (المقاومة) ونزع السلاح الفلسطينى، ودفع كل الفلسطينيين إلى الاعتراف الفعلى بإسرائيل، والكف عن الحديث على فلسطين 1948.
· بعد ذلك فقط وليس قبله، يمكن الحديث عن دولة فلسطينية ما، منزوعة السلاح، منزوعة السيادة، لإسرائيل السيطرة على أوضاعها الأمنية، وعلى علاقتها الخارجية، وعلى حدودها وعلى كل ما من شأنه تهديد أمن إسرائيل.
· مع العلم بأن القدس الموحدة ستظل دائمًا عاصمة لإسرائيل، وأن المستوطنات باقية، وأنه لا عودة لأى فلسطينى إلى إسرائيل اليهودية.
* * *
خلاصة الرواية الصهيونية إذن: إن اتفاقيات أوسلو هى بالأساس اتفاقيات أمنية لخدمة أمن أسرائيل، مع بعض الاستحقاقات الفلسطينية المحدودة والمشروطة والمؤجلة، والتى لن تصل أبدًا إلى دولة ذات سيادة.
* * *
أين الحقيقة بين الروايتين؟
لا شك أن الرواية الصهيونية هى الأكثر تطابقًا مع النصوص ومع الواقع:
· فقراءة نصوص اتفاقية أوسلو وأخواتها، وخطاب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، وتوصيات مؤتمرات مكافحة الإرهاب وعلى الأخص مؤتمر شرم الشيخ 1996، واتفاقات شرم الشيخ 2000، والقاهرة 2001، وخطة ميتشل 2001، ووثيقة تينت 2002، وخريطة الطريق 2003، وخطاب التطمينات الأمريكى 2004، والاتفاقيات الأمنية الأمريكية الإسرائيلية المتعددة، والتصريحات المتكررة للرؤساء الاأريكيين بما فيهم أوباما، وشروط الرباعية، واتفاقية فيلادلفيا بين مصر وإسرائيل 2005، واتفاقيات المعابر، وخطابى أوباما ونتنياهو فى الدورة 66 بالأمم المتحدة سبتمبر 2011 وغيرها الكثير.. نقول أى قراءة فى كل هذه النصوص والوثائق سترصد ملمحين رئيسيين متلازمين:
1) الملمح الأول هو تحديد شديد الدقة لطبيعة الالتزامات الأمنية للسلطة الفلسطينية ضد ما سموه "الإرهاب والإرهابيين"، من حيث المهام والشراكة والتنسيق مع إسرائيل، وبرامج وجداول التنفيذ، والتدريب للعناصر الأمنية الفلسطينية وكيفية تمويلها.. إلخ مع المتابعة والرقابة والحساب العسير عند التقصير.
2)أما الملمح الثانى فهو تعويم وتمييع وإبهام لكل ما يتعلق بقضايا الحل النهائى، حول الدولة الفلسطينية من حيث المفهوم والسيادة أو المستوطنات والقدس والحدود والمعابر واللاجئين والمياه.. إلخ
* * *
· أما على المستوى العملى وعلى أرض الواقع فإن السياسات الصهيونية تؤكد كل يوم أننا بصدد تسوية أمنية من أجل إسرائيل وليس تسوية سياسية من أجل الفلسطينيين: فالمستوطنات والجدار العازل وحواجز الطرق وتصفية واغتيال قادة المقاومة، و11 ألف معتقل داخل السجون الإسرائيلية، والتهويد النشيط للقدس، والتعاون الصهيونى الفلسطينى المصرى لغلق المعابر وفرض الحصار على غزة، وأخيرًا وليس آخرًا العدوان الإجرامى الأخير على غزة فى يناير الماضى، كل ذلك وغيره هو تطبيق وتفعيل لاستراتيجية أمنية صهيوينة واضحة ومحددة الأهداف والمعالم والأدوات بتعاون وتوظيف كامل لأجهزة السلطة الفلسطينية وجماعة أوسلو.
· وفى المقابل، لم يتم أى انسحاب فعلى للقوات الصهيونية من الأراضى المحتلة عام 1967 تفعيلاً لاتفاقيات التسوية، ما عدا انسحابها من غزة عام 2005 تحت ضغط المقاومة الفلسطينية، وليس تنفيذًا لاستحقاقات السلام.
· أما ما تم فى المرحلة الأولى 1993 2000 فلم يكن أكثر من إاعادة انتشار وتوزيع للقوات الصهيونية، وهو ما ثبت لاحقًا عدم جدواه وجديته، فالضفة الغربية لا تزال "سداح مداح" لهذه القوات، تقتحمها متى شاءت لتعتقل وتقتل وتدمر وتنسحب لتعود مرات أخرى.
* * *
أما بعد:
· فإنه قد آن الأوان للتحرر من اتفاقيات أوسلو، ف 17 عامًا من الفشل والفتنة والانقسام وإضاعة الوقت والجرى وراء الأوهام، والتحالف مع العدو والتخديم على أمنه، وإضفاء الشرعية على ما يقوم به من عمليات قتل واغتيال واعتقال لأهالينا وشهدائنا باسم السلام والتسوية، وتضليل الرأى العام الفلسطينى والعربى والعالمى، نقول 17 عامًا من كل ذلك تكفى و تزيد، وهى سنوات ضاعت بلا ثمن وبلا مقابل: فإسرائيل لن تعطيكم شيئًا، وأمريكا لن تعطيكم شيئًا، وإن فعلوا فسيكون مسخ كيان فلسطينى خاضع وتابع، يستمد بقاءه ووجوده من فتات ما تجود به إسرائيل، وما سيعطوه ونقبله الآن سيكون آخر المطاف لعقود طويلة وربما للأبد، فترتيبات الحرب العالمية الأولى للوطن العربى من تقسيم وتجزئة، ما زالت قائمة حتى الآن.
· وفشل التسوية كان واضحًا منذ البداية، ولكنه تجلى للجميع بعد العدوان الأخير على غزة ثم بالتواطؤ الأمريكى على تواصل الاستيطان، ثم بالموقف الأمريكى الصهيونى الأخير برفض قبول دولة لفلسطين بالأمم المتحدة، فيتوجب الآن على الجميع الانسحاب الفورى من مشروعات التسوية مع العدو: سواء أوسلو أو كامب ديفيد أو وادى عربة، أو مبادرة السلام العربية.
· والعودة مرة أخرى إلى الطريق الواضح الفطرى البسيط، الذى سلكته وتسلكه كل الأمم المحترمة، وهو طريق تحرير كامل التراب الوطنى بالمقاومة والكفاح المسلح، وعدم التنازل عن شبر واحد من أرض الأجداد والآباء والأحفاد، مهما اختلت موازين القوى.
· وهو طريق شاق وطويل ولكنه يظل الممكن الوحيد، خاصة بعد تفجر ثورات التحرر العربي ضد أنظمة الاستبداد والقهر التى تواطأت طويلاً ضد فلسطين.
* * * * * * * *
[email protected]
القاهرة في 27 سبتمبر 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.