المبالغة في الحب والبغض أمر غير محمود، ولا شك أن القصد والاعتدال في الأمور مما يوافق الشرع ومن أسباب طمأنينة النفس، فينبغي الحذر من الإفراط في التعلق بحبيب أو صديق، فلابد للإنسان من المفارقة إما بالسفر أو بالموت أو بالخصام.. أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
وقد يعن سؤال يقول: كيف أضبط مشاعري نحو أي شخص؟ هل المشاعر لا يمكن التحكم بها؟ وإن كانت كذلك فكيف يطلب النبي (صلى الله عليه وسلم) الهون في الحب والبغض؟ و الجواب: إن القلب إذا امتلأ بمحبة الله ورسوله، رجعت محبة من سواهما إلى نصابها ولم تجاوز قدرها، وصارت تابعة لمحبة الله ورسوله، وهذا هو القلب السليم الذي يعيش صاحبه في جنة الدنيا، لا تلعب به الأهواء ولا تزلزله المصائب والنوازل. والطريق إلى محبة الله ورسوله يكون بالتعرف على الله وأسمائه وصفاته والتفكر في نعمه وآلائه وتدبر كلامه، والتعرف على سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) وسيرته وأخلاقه، وكثرة ذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وكثرة الذكر والدعاء. فالمبالغة في الحب والبغض تعمي وتصم، فتجد الانسان عندما يُحب إنسانا يرفعه إلى أعلى الدرجات والألقاب وينزهه عن كل ما يقوم به من أخطاء، ويعتذر له عند الآخرين، وفي الجهة المقابلة تجد الانسان عندما يُبغض إنسانا فإنه يصفه بكل معيبة ونقيصة مهما عمل من أمور جيدة ومهما قدم من أمور مفيدة. وأسوأ أنواع المبالغة في الكره تكون بين زوجين انفصلا ونسيا أن بينهما أطفالا يجنون وبال هذا الكره البغيض. وفي الواقع يجب أن نكون واقعيين وعادلين في أحكامنا، مهما كرهنا الشخص أو أحببناه لذلك يرشدنا ديننا أن الحب يكون في الله والبغض في الله. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة: 8)