يعتزم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وساعده الأيمن اسفنديار رحيم مشائي فصل الدين عن الدولة إذا تسنى ضمان فوز مشائي بالرئاسة يونيو القادم. ويرى المراقبون أن هذا المخطط لو كتب له النجاح سيكون أخطر ضربة توجه إلى سلطة الملالي منذ تأسيس الجمهورية الاسلامية في عام 1979، وان الحد من سطوة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي سيعني عمليا تفكيك البنية اللاهوتية لنظام الحكم في إيران. ونقلت صحيفة التايمز عن مصادر إيرانية أن الرئيس أحمدي نجاد ومشائي عقدا سلسلة من الاجتماعات مع حلفائهما في طهران خلال الأيام الماضية تركزت على رسم استراتيجيتهم في الانتخابات المقبلة لاختيار خلف أحمدي نجاد، وهاجم مشائي في أحد هذه الاجتماعات نفوذ آيات الله في السلطة. ونقل أحد المصادر عن مشائي قوله "أكن أعمق الاحترام لرجال الدين ولكنهم ليسوا سياسيين، ووجودهم يضر بالسياسة الإيرانية، إن دورهم يجب أن يكون دورًا روحيا فقط". وأضاف مشائي، بحسب المصدر، "في السنوات الأربع المقبلة ستكون لدينا فرصة لتعديل الدستور"، ولم يفصح مشائي عن طبيعة هذا التعديل "ولكن دلالته غنية عن البيان، فهو كان يدعم فصل الدين عن الدولة"، بحسب المصدر. ويواجه أحمدي نجاد ومشائي عقبات كبيرة في طريق مخططهما، فمشائي مكروه من رجال الدين الذين يتهمونه بالمسؤولية عن الصراع المحتدم على السلطة بين الرئيس والمرشد الأعلى وانقسام النظام بسبب هذا الصراع خلال العامين الماضيين. من ناحيته، عقد المرشد الأعلى الذي يتطلع بلهفة إلى رحيل أحمدي نجاد والاستعاضة عنه بدمية من اختياره، العزم على منع ترشيح مشائي. ويسيطر آية الله علي خامنئي على مجلس صيانة الدستور الذي يختار المرشحين، ولكن الرئيس يسيطر على وزارة الداخلية التي تشرف على الانتخابات نفسها. وهدد أحمدي نجاد قبل ايام بالغاء الاقتراع نفسه إذا لم يُسمح بترشيح مشائي، ويحظر الدستور الإيراني ترشيح الرئيس لأكثر من ولايتين ولكن خصومه يخشون انه يخطط لإبقاء مقاليد السلطة بيده من وراء الكواليس. ولكن من ناحية اخرى، إذا سُمح لمشائي بخوض الانتخابات فان تأمين فوزه مهمة شاقة، لما يتمتع به مشائي من سمعة سيئة في الأوساط السياسية بطهران كما انه ليس معروفًا على الصعيد الشعبي، ولكن أحمدي نجاد أشار إلى استعداده لتوظيف ثروته وقدراته ومكانته في الحملة من اجل فوز صديقه. وقال مصدر في طهران لصحيفة التايمز إن لدى أحمدي نجاد موارد مالية ضخمة يستطيع بها ان يشتري صحافيين ويغرق القنوات التلفزيونية بالتغطية الاعلامية ويطلق زخما لصالح مشائي، وأضاف المصدر "ان كل شيء سيعتمد على حجم ما لديهم من أموال وما إذا كان بمقدورهم توزيعه على مستوى القواعد الشعبية". وكان رؤساء إيرانيون سابقون حاولوا ان يتحدوا سلطة رجال الدين ولكنهم جميعا انكفأوا عندما تدخل المرشد الأعلى بسطوته السياسية ضدهم، غير ان أحمدي نجاد ما زال على تحديه ولم ينكفئ بل كرر تهديداته بالكشف عن الفساد في قلب النظام، وقاد سكوت خامنئي على هذه التهديدات كثيرين في طهران إلى التكهن بأن لدى الرئيس ما يدين به المرشد الأعلى نفسه. وكانت العلاقة بين الرئيس والمرشد الأعلى اللذين كانا حليفين في ما مضى، قد ساءت منذ فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية في انتخابات 2009 المشكوك في نزاهتها، وأثارت النتيجة في حينه احتجاجات واسعة رد عليها النظام بحملة بطش واسعة وسط اتهامات بتزوير الاقتراع. وبدا خامنئي في موقف ضعيف حين لم تكن تزكيته الشخصية للرئيس كافية لضمان فوز ساحق في الانتخابات، ويُفترض بالمرشد الأعلى، بوصفه زعيمًا روحيًا، أن يكون فوق الصراعات السياسية ولكنه بدلا من ذلك انجر إلى تبادل الاتهامات حين تردت علاقته بالرئيس أحمدي نجاد. وبعد التنكيل بالمحتجين في عام 2009 سيجد الناخبون الإيرانيون صعوبة في الاقتناع بأن أحمدي نجاد أصبح مصلحًا علمانيًا. وقال استاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت اندروز الاسكتلندية علي أنصاري إن أحدا لن يصدق أحمدي نجاد ومشائي بيافطتهما العلمانية الليبرالية الجديدة ولكنهما يستطيعان أن يلحقا كثيرًا من الضرر لا سيما وان "خامنئي بلغ مرحلة في حياته السياسية من الصعوبة بمكان ان يسيطر فيها على القوى المختلفة التي أطلقها".