* آخرون هاجر جميل بائع متجول ،بعربته الصغيرة يمشي بها في الشوارع يدفعها بكل ما أوتي من قوة و إن كانت قوته في سنه الصغير لا تتحمل مشاق مهنة امتهنها صاحب الثلاثة عشر عاما ،بعربة البطاطا ،عمر صلاح يمشي طيلة اليوم في شوارع مصر بعربته الصغيرة فوقها حبات البطاطا ليس فقط ليبحث عن قوت يومه، بل ليسد جوع أسرته بعد أن تحمل المسئولية كاملة في سن صغير . "عاوز أشوف أكل عيشي" ..."هو مش من حقي أحلم يا أستاذ "جملتان موجعتان قالها عمر حين سئل عن أحلامه و حاجاته في فيديو سجل من قبل ،جملتان لخصا ما كان يحلم به و يأمله في هذا المجتمع الذي انتهك طفولته البريئة ولم يعطه أبسط ما كان يطلب فقتله برصاص طائش دون أي ذنب . مشهد وداع عمر كان قاسيا لكل من تابعه ،المئات شاركوا في توديعه ممن يعرفونه أو لا ،و بقي مشهد كل من كانوا يعملون مثل عمر ،باعة مثله شاركوا في مراسم توديعه بعرباتهم . بعضهم كان صديق عمر الذي سقط قتيلاً برصاصة مجند في الجيش؛ حيث كان عمر متعودا على التواجد في محيط السفارة الأمريكية للبيع هناك للمجندين الذين يحرسون السفارة دون حدوث أي مشاكل بينه وبينهم، لكن المجند هذه المرة قام بإشهار سلاحه وأطلق رصاصة اخترقت صدر ''عمر'' فسقط الطفل الممزوجة ملامحه بالبراءة ،بعض الأطفال الآخرين الذين اصطحبوا عرباتهم للجنازة لم يعرفوا ''عمر'' من قبل؛ مجرد سمعوا كمن سمع عن الطفل الذي قُتل دون سبب واضح حتى الآن لمجرد أنه كان يبيع ''البطاطا'' مرغماً ليوفر قوت يومه وأبيه. ابن الثالثة عشر أثار حفيظتنا جميعا ،و فجر غضبنا ،و طرح مجموعة من الأسئلة التي تثار يوميا ولا نجد لها أية إجابات ،هل نستيقظ يوميا على أخبار قتل شباب مصر ،نفيق على مشاهد سحل و تعرية و تلويث ميادين الحرية ،هل يستمر مسلسل الإهمال و عدم الإنصات لمطالب الشعب ،من يجيء بحقوق شبابنا الذي يسقط بمعدل يومي ،هل كتب علينا أن يتغير شعار الثورة من "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم "إلى نموت زيهم فقط "!! أتساءل عن النار التي تحرق قلوب اهالي الشهداء ..من يطفئها ؟ بأي ذنب قتل عمر ،هل لمجرد حلمه البسيط بعيش كريم و أن يكون طفل سوي في مجتمع لم ينصت حتى لصوت أحلامه فباغته مجند بالرصاص !! في النهاية لن أجد إجابات شافية لتلك الأسئلة ،و لكن علي أن اطرحها و أشارك من حولي بها لعل و عسى في يوم نخرج من النفق المظلم الذي نعيشه . * رأي مصدر الخبر : البداية