عُقدت الجلسة البحثية الثانية من مؤتمر أدباء مصر في شرم الشيخ لمناقشة موضوع "تحديات النص الراهن" حيث قدم د. يسرى عبدالله ورقة تحت عنوان "سؤال الحرية ومسألة الاستبداد"، وقدم د. محمد عبد الباسط ورقة بعنوان "الخطاب النقدي الراهن"، وقام بإدارة هذا اللقاء السيد إمام، وقد أنصب هذا اللقاء على مساءلة ومناقشة واقع الكتابة الأدبية فى المرحلة الآنية التي تتسم بالعشوائية والفوضى والاضطراب. بالصور.. مناقشة تحديات النص الراهن بمؤتمر أدباء شرم الشيخ فى مداخلة د. يسرى عبد الله أشار إلى أن الثورة المصرية قد كشفت عن اتجاهين فى المجتمع المصري: أولها تقليدي رجعى مناهض للحداثة، والثاني حداثي متقدم راغب فى التجديد والخروج من معضلة التخلف، ولكن اللافت والذى يدعو للأمل أن قطار الحداثة والثورة يأتى وأن تأخر، ولذلك فإن ثَمة تحديات راهنة للنص الحديث عليه أن يجتازها، فالنص الراهن توجهه المعوقات عدة معوقات منها "النمط الاستهلاكي فى الأدب لأن ثَمة محاولات لتسليع الأدب، وهذا يفضى إلى تسطيح الكتابة وإفقار الأدب، وقد يلعب النقد دوراً سلبياً فى هذا الاتجاه، لأن النقد جدير بألا يكرس للوضع الرهن ويرفع الأولوية للنصوص التافهة. بالصور.. مناقشة تحديات النص الراهن بمؤتمر أدباء شرم الشيخ والإبداع لكي يخرج من هذه المعضلات عليه أن يكون دائمًا أداة للاستنارة والانفتاح والانطلاق، وأن يواجه محاولات "تسليف" الثقافة أو تديينها، حيث يغدو النص الأدبى عند هذا الاتجاه مادة أخلاقية ودينية لا جمالية وفنية، وهذا ما يؤدى إلى مصادرة بعض النصوص ومهاجمة بعض المفكرين. بالصور.. مناقشة تحديات النص الراهن بمؤتمر أدباء شرم الشيخ أما د. محمد عبد الباسط فقد رأى أن ثَمة أزمة فى الخطاب النقدي الحديث بدأت منذ بواكير النهضة العربية، من حيث علاقة الوافد الغربى بالتاريخ النقدى العربى، لأن هذا جذر المشكلة ومحورها، حيث ترتبط هذه المشكلة بمعضلة الهوية الحضارية، وقد حاولت قراءات وفيرة تأصيل الوافد الجديد وقراءة التراث وفق معطيات المناهج الحديثة، ولكن كل ذلك لم يفض إلى حل نهائى لمشكلات الكتابة النقدية. وفى مساهمة أحمد رشاد حسانين عن النص الردئ الراهن أكد أن الثورة قد جسدت على أرض الواقع عالمًا جديدًا مغايراً للعالم القديم، حيث جاءت الثورة إعلاء لأدوات ما بعد الحداثة فى التواصل، وهذا أدى بالضرورة إلى ظهور أشكال جديدة من الأدب فى أثناء الثورة ثم تجلى على نحو واضح فى بعض الأعمال التى ظهرت بعد الثورة، وضرب المثل بمدونة "عايزة اتجوز"التى نشرت فى كتاب ثم صادرت مسلسلات تلفزيونياً، ومثل هذه النصوص يمتزج فيها السردى بالشعرى والفصيح بالعامى. بالصور.. مناقشة تحديات النص الراهن بمؤتمر أدباء شرم الشيخ وأوضح أن الملامح الكتابية "الاملائية والنحوية والتركيبية" فى الكتابات الجديدة جديرة بالتناول النقدى ،والبحث فى مناهجها وأشكالها ومضامينها، لأنها تعبر عن عالم مغاير تماماً للعالم القديم ولا يمكن مقارنتها بالإداوات القديمة. وفى تعليقها على المداخلات أشارت د. أمانى فؤاد إلى أن الجديد فى الأدب الراهن يتمثل فى التقنية الكتابية، والتقنية هى التى تحدد سؤال الحرية، وهى التى تصنع الأدب الجديد الذى لا يلهث وراء الوقائع الراهنة، لأن كثيراً من الأعمال التى ظهرت بعد الثورة أقرب إلى الهتاف والفجاجة، ولا يمكن المراهنة على بقائها أو خلودها، وهذا هو الفارق بين الأدب الحقيقى والمتابعة المتهافتة للواقع. وجدير بالذكر أن المداخلات الثلاث التى قدمت خلال هذه الندوة قد أنطلقت من التغيرات التى انتابت مصر بعد الفعل الثورى العارم فى يناير 2011، حيث أفضى إلى تحولات سلبًا وإيجابًا نالت المجتمع المصرى والحياة المصرية على وجه العموم، وهذا أدى بالضرورة إلى إنتاج نصوص جديدة، سواء اختلفنا أو أتفقنا على جدوتها أو رداء تها، لأن الإبداع على نحو أو آخر صورة من طبيعة المجتمع والسياق الذى يحتضنه. ولكن هذه المدخلات حاولت الوفاء بالجوانب المختلفة لهذه العلاقة الملبسة، أى العلاقة بين الفن والمجتمع، فجاء بحث د. يسرى عبدالله متناولاً لمفهوم الحرية فى المجتمع وعلاماته فى الإبداع الأدبى، وجاء بحث د. محمد عبد الباسط متناولاً للأوضاع الشائكة للخطاب النقدى الذى يعجز أحيانًا عن مواكبة الظواهر الجديدة وفى أحيان آخرى يلاحقها ويستشرفها ويحنو عليها، ويظل هذا الخطاب محاصراً بمحاولات التأصيل التراثى وترجمة الجديد فى مجال النقد الأدبى. كذلك تناولت دراسة أحمد رشاد حسانين الظواهر الأدبية الجديدة وعلاقتها بالمدى الثورى، وليس لأحد أن يحجر أو يستنكر مثل هذه الطرائق الكتابية الجديدة التى تعبر عن مفاهيم وقيم وتصورات لا يمكن للصيغ القديمة التعبير عنها.