قالت الأسطورة القديمة " لقد طهر بركان فيزوسوف المدينة من آثامها". ربما يكون البركان طهرها، لكن الحقيقة القائمة تحكي ان البركان قد جمد التاريخ عند لحظة الانفجار، تجمد البشر كل على صورته، على حركته، بصراخه، بذهوله، بألمه، بعاطفته، بل وربما بالتشبث في الحياة، التشبث بالأحباب. ركم البركان حياة كاملة متجمدة منذ ثار في 24 اغسطس 79 ميلادية، وحتى اكتشافها في العام 1748م ، أي أن هذه الحادثة ظلت سرا احتفظ بها التاريخ ل 1669 سنة، كتم التاريخ فعلة فيزوسوف في مدينة بومبي الإيطالية طيلة هذه السنون، فترى ما هي الحكاية؟ اثار بومبي تقع مدينة بومبي على سفح جبل بركان فيزوسوف الذي يرتفع 1200 مترا عن سطح البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من خليج نابولي بإيطاليا، وهي بالقرب من مدينة نيبلس. كانت بومبي احدى المدن العامرة أيام حكم الامبراطور الرومانى نيرون، وكان يقطنها حوالي 200,000 نسمة، تميزت المدينة برغد العيش، فكان بالمدينة شبكة مياه داخل البيوت، وحمامات عامة، وشوارع مرصوفة بالحجارة،بالإضافة إلى ميناء بحرى متطور، وكان بها العديد من المسارح والأسواق، وأظهرت آثارهم إهتمامهم بالفنون والنقوش. وكان مجتمعهم مجتمع رومانى تقليدى بكل طبقاته بما فيهم العبيد. كانت هنا اسرة ظهرت العديد من العلامات قبل انفجار البركان العظيم، إلا أن السكان لم يأبهوا لتلك العلامات، فلم يعبأوا بالهزات الأرضية الخفيفة وكذلك القوية، ولم يأبهوا لجفاف الأبار وتوقف العيون المائية، ولم ينتبهوا لنباح الكلاب الذي بات حزينا، ولا لصمت الطيور، ولا بالسحب البيضاء التى تتكون فوق فوهة البركان. تشبث بلأحباب وكان الصبي يلهو في الأزقة - تراه هل يعلم اننا نراه بعد 1669 سنة ولم يتعظ السكان كذلك من الزلزال الذى كان قد خرب مدينتهم قبل ذلك ب 17 سنة، ولم يستجيبوا ايضا لدعوة الامبراطور الرومانى نيرون لهم بترك المدينة . تراها انتظرت ام خافت ام استسلمت ويرجح العديد من العلماء رد فعل السكان اللا مبالي أنهم رأوا من ذلك البركان خيرا كثيرا، فالتربة الغنية بالمعادن التى جعلت زراعتهم مثمرة مصدرها ذلك البركان، وكذلك مياه الامطار التى كانت ترويهم وتسقى زروعهم كانت بسبب وجود ذلك الجبل البركانى. الم ام نداء ام رسالة ام وصية فأر كان ضمن الأحياء وظل الناس في لهو حياتهم يعدون لعيد اله النار عند الرومان حتى أتاهم حتفهم، قبل بدء الاحتفال بعيدهم، فعند منتصف النهار من يوم 24-8-79 م ، سمع الناس الضجة الكبيرة، وتكاثفت الأدخنة فوق فوهة البركان كشجرة الصنوبر، تشققت الصخور وتصاعد اللهب والدخان والرماد والغبار والاتربة فى عمود متجهة صوب السماء، لتحيل نور النهار لظلام دامس، لتسقط بعدها بنصف ساعة على رؤوس السكان. لم يكونوا نائمين - لكنهم ربما التجأوا للأرض كحماية فقط حينها علم الناس بحجم الكارثة التي يواجهونها، فحاولوا بعضهم الفرارعن طريق البحر، ولجأ بعضهم إلى بيوتهم طلبا للحماية. اكنت تعلم ام انك علمت - نعم انها النهاية فتحجر بكاء - صراخ - الم ندم ... لكل قيامته لم ينج من هذه الكارثة إلا "بليني الصغير" الذي وصف السحب المتصاعدة والبركان وهو يقذف نيرانا هائلة وتساقط رماد سميك وهزات أرضية مصاحبة، وأرتفاع لمستوى سطح البحر، وتحول النهار إلى ليل معتم في المدينة، وقد قام عمه "بليني الأكبر" بالتوجه إلى البحر لرصد الظاهرة، ولكنه توفي من أثر الغازات المتصاعدة. ماذا رايت يا حكيمنا في القرن الثامن عشر عندما اكتشفت آثار مدينة بومبي وعثر على مناطق بها جثث متحجرة حيث حل الغبار البركانى محل الخلايا الحية الرطبة وشكل أشكال البشر والحيوانات عندما قضى عليها الموت متأثرة بالهواء الكبريتى السام ، فتحولوا بعدها الى جثث متحجرة عثر منها على حوالى 2,000 جثة كثيرمن أهل البلدة سحق تحت الصخور المتساقطة التى أسقطت أسقف المبانى. نعم من بعد طول حياة ولهو الآن فقط في صندوق زجاجي بمتحف .. للعظة ربما وبعدها بساعات وصلت الحمم الملتهبة الزاحفة على الارض الى المدينة فأنهت كل أشكال ومظاهر الحياة فيها، ودفنت المدينة تحت ثلاثة أمتار من الحمم والاتربة والغبار. طفولة بومبي