بدا نبوغه مبكرًا بين أترابه فى مدرسة الشهيد رياض الثانوية للبنين بكفرالشيخ، يلتفون حوله ليسمعهم أشعاره، ثم لا يلبث أن يستدعيه مدرس اللغة العربية ليلقى عليه أخر ما أبدعه، فيقوّم ما يراه معوجًّا ويثنى على مايجده اكتمل. والتحق الدكتور جمال محمد محمد مرسى بكلية الطب البيطرى ليتخرج فيها عام 1980، وبدأ بمزاولة المهنة، يقضى يومه فى عيادته ثم يعود آخر الليل ليحتضن قلمه وكراسه فيبث إليهما أشجانه ليتحرك القلم.. يكتب ويبوح بما اختزنته الروح الشاعرة حتى إذا ما أتم قصيدة ينطلق إلى استاذه ومعلمه وأبيه – كما يحب دومًا أن يدعوه – الشاعر الكبير محمد الشهاوى فرحًا بما يحمله من إبداعات، ثم ينخرط مع الرفاق مساء كل خميس فى الندوة الأسبوعية لنادى الأدب بقصر ثقافة كفرالشيخ. وحين نادته المسئولية الاجتماعية انطلق ملبيًا، فغادر إلى المملكة السعودية ليتغلب على الأوضاع الاقتصادية الطاحنة.. وهناك.. كانت الغربة مصدر إلهامه ومبعث وحيه فراح يتغزل فى عينى"الحبية / الوطن"ليقول: "قمرٌ تشكل من حليب البحر/ من وهج الشموسِ/ نسائم ترتاد روضة تينها الجبلي/ تجذبني لأقطف من فواكهها الزكية/ تستثير رياحي الهوجاء كي ترتاح تحت ظلالها/ و تشاكس الأضواء في البنت الرقيقة". ويضيف: " مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ/ و اليَرَاعُ يَقُضُّ نَومَ الصَّفحَةِ البَيضَاءِ/ يُفضِي لِلسُّطُورِ/ فلا يَنِزُّ سِوَى حُرُوفٍ مِن أَنِينْ./ مِن أَينَ أَبتَدِئُ القَصِيدَةَ/ و الجِرَاحُ تُخَضِّبُ الأَورَاقَ ،/ يَندَاحُ الأَسَى عِندَ الصَّبَاحِ / و حِينَ يَفتَرِشُ المَسَاءُ قَصِيدَةً مَنفِيَّةً/ يُغتَالُ حُلمٌ بَعدَ حُلمٍ/ فِي سَرِيرِ مُعَذَّبٍ بِاليَاسَمِينْ/ يا شِعرُ قَد أَشقَيتَنِي/ و ظَمِئتُ يَا مَا قَد ظَمِئتُ فَلَم تَمُدَّ يَداً/ بِكَأسٍ مِن حَلِيبِ الشَّمسِ/ لَم تَمدُدْ يَداً/ بِرَغِيفِ خُبزٍ غَيرِ مَا عَجَنَتْهُ أَدمُعُ شَاعِرٍ/ غَالَت أَمَانِيَهُ العِذَابَ يَدُ السِّنِينْ". ولمَا كانت الغربة تشكل حائلًا دون التواصل مع أحبائه من الشعراء فى مصر، تفتق ذهنه عن فكرة جبّارة أن يؤسس منتدى أدبيًا على شبكة الإنترنت، وهو الأمر الذى استطاع من خلاله أن يكسر حاجز الجغرافيا، وليلتف "قناديل الفكر والأدب" حول مائدة الإبداع فى منتداه الذى يعد الأول من نوعه فى الوطن العربى بأكمله. وفى شهر رمضان من كل عام حيث يتواجد مرسى بالقاهرة فى إجازته السنوية يقيم مأدبتين فى كل ليلة إحداهما للإفطار والأخرى للشعر يدعو إليهما المبدعين من المحافظات المختلفة من اعضاء منتدى قناديل الفكر والأدب ويحضر ايضًا من يتصادف وجوده فى مصر من المبدعين العرب، ليردد الجميع مع د. جمال مرسى: "أَوَّاهُ يَا عَينَ القَصِيدَة/ مَن سَيَمسَحُ دَمعَكِ المَسكُوبَ مِنِّي/ مَن سَيَرسُمُ فِيكِ عُصفُوراً يُغَنِّي/ مَن سَيَزرَعُ فِيكِ زَرقَاءَ اليَمَامَةِ/ كَي يَعُودَ لَكِ البَرِيقُ/ و يَستَنِيرَ بِكِ الطَّرِيقُ". من "المشهد" الأسبوعى.. الآن بالأسواق..