تحولت عيون حلوان الكبريتية إلى مأوى للبلطجية ومتعاطى المخدرات، ومرتع للحيوانات بعد أن كانت مقصداً للمرضى من العصور الأولى ومزاراً سياحياً يتردد عليها الزائرون من مختلف الدول. أهملها المسؤولون منذ أكثر من 10 سنوات, واختفت المعالم التاريخية لبئر المياه الكبريتية, والقناة التى تمر بها المياه لتصل إلى حمام السباحة، الذى تم ردمه بمخلفات البناء، ودق الأمل أبوابه لأهالى حلوان عندما قامت محافظة حلوان باعتماد 4 ملايين جنيه لإعادة تطويرها، لكن لم يكتمل المشروع بسبب إلغاء محافظة حلوان وضمها للقاهرة، حيث انسحبت شركة المقاولون العرب وبعض المقاولين العاملين من الباطن والشركات الأخرى المنفذة لمشروعات تطوير عين حلوان واستكمال الرصف وتطوير الميادين وكورنيش النيل، وإنشاء مجمع خدمات للمنطقة الصناعية لشق الثعبان والعديد من المشروعات الأخرى بمحافظة حلوان الملغاة، توقفت كل ذلك بسبب انسحاب المنفذين لها خوفاً من عدم صرف مستحقاتهم، كما أكد بعض المقاولين أنه منذ قيام ثورة 25 يناير انسحب الجميع, وعندما تقدمنا إلى محافظة حلوان لمعرفة مصير استمرار العمل، طالبونا بالتوقف عن استكمال المشروعات فى الوقت الحالى. ذهبت المشهد إلى عيون حلوان لترصد الحال السيئة المتردية التى تمر بها الآن، عندما اقتربنا من سور حديقة عيون حلوان الكبريتية لم نجد أى لوحات إرشادية توضح قيمة هذا المكان التاريخى، الذى كان مزاراً سياحياً ومشفى طبيعياً يعالج معظم الأمراض الجلدية، يتردد عليه آلاف المواطنين من مختلف دول العالم من أجل العلاج من الأمراض الجلدية المزمنة وقضاء نزهة ترفيهية، بداية من الاستمتاع بالاستحمام والتجوال داخل الحديقة التى كان بها معظم وسائل الترفيه. المكان الآن أصبح عبارة عن مقر لمتعاطى المخدرات واللصوص طوال ساعات الليل، ويتحول بالنهار إلى مرعى للأغنام والماعز والكلاب ليلتهموا ما تبقى من أعشاب، هذا فضلاً عن أن هناك تعديات بالبناء داخل سور الحديقة وكافتيريا يديرها مجموعة بلطجية ويتردد عليها متعاطو المخدرات. أهم ما لاحظناه أثناء تجولنا داخل الحديقة، التى يرجع تاريخها إلى عباس باشا عندما انتشر مرض الجرب بين بعض الجنود قرب حلوان، وحدث أن رأى أحدهم العيون الكبريتية، فنزل فيها وشفى من مرضه، وذاع خبر هذه العين حتى وصل إلى مسامع عباس باشا وبدأ الأهالى يترددون على هذه العيون بعد أن ظهرت آثارها السحرية فى الشفاء، وهذا ما أكده حسين القاضى مدير عام مركز حلوان الكبريتى، مشيراً إلى أنه بعد انتشار الخبر بين الجنود وتعمل التحاليل عليها من قبل مدرسة الطب فى القاهرة أمر الخديوى عباس بإقامة الحمامات الكبريتية وأنشئت على الطراز العربى الإسلامى، ومن وقتها تعرف المصريون على العيون الكبريتية واعتبروها مزاراً سياحياً وعلاجياً، ومع مرور الوقت أهملت العيون واختفت ملامحها الطبيعية، وهذا ما لاحظناه عندما اقتربنا من بئر العين، شاهدنا تدفقاً بسيطاً من المياه ينزل ليصل إلى حفرة صغيرة اتخذها بعض أطفال حلوان حماماً للسباحة بملابسهم الداخلية. وتنتظر عيون حلوان تدخل المسؤولين لاسترجاع ملامحها التاريخية وإزالة المخلفات التى أخفتها تماماً، بعد أن أكد اللواء أسامة فرج رئيس مدينة حلوان، أن مشاريع التطوير سيتم إلغاؤها، كما تم إلغاء حلوان، خاصة أن الدولة حالياً تمر بأزمة مالية ضخمة، وهذا سبب آخر لتوقف معظم المشروعات.