صدر حكم المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار محمد عبد المجيد، نائب رئيس مجلس الدولة، إلغاء جميع الأحكام، التى منذ أيام حكما تاريخيا يقضي بإلغاء جميع الأحكام التى أصدرتها المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة، والتى صدرت ضد الموظفين المتهمين بالسبب فى غرق العبارة السلام 98 سنة 2006. يأتي هذا الحكم بعد سنوات من صدور قرار من المحكمة التأديبية بتوقيع عقوبات علي أكثر من 58 موظفًا ومسئولًا وردت أسماؤهم بحكم عملهم فى حادث غرق العبارة، موزعين على هيئة موانئ البحر الأحمر وهيئة السلامة البحرية، منهم 10 فقط تابعين لهيئة الموانئ كان في مقدمتهم اللواء شيرين حسن رئيس هيئة موانيء البحر الأحمر الأسبق و48 الآخرين تابعين للسلامة البحرية علي رأسهم اللواء جسين الهرميل رئيس الهيئة الأسبق. لا أحد من هؤلاء ينكر أنه تعرض لظلم بين ولكن إرادة الله كانت أقوى من الجميع وعليه قام الموظفون التابعون للهيئة السلامة البحرية المتضررين من أحكام المحكمة التأديبية وأحكامها التى جاءت بالفصل والخصم والوقف. وبهذا الحكم و بناء على مسودة الحكم الخاصة بإلغاء جميع أحكام المحكمة التأديبية، وبالتالي من حق الموظفين الرجوع إلى أعمالهم التى كانوا يباشرونها قبل صدور الأحكام، ورد جميع الخصومات التى وقعت عليهم بأثر رجعي لإنتفاء التهمة عنهم. وكشف اللواء حسين الهرميل رئيس شركة مصر للعبارات ورئيس الهيئة المصرية للسلامة البحرية وقت الحادث وأحد الحاصلين علي حكم البراءة أكد للنبأ أن هذا الحكم هو نصر جديد ووسام نضعه علي صدر القضاء المصري الشامخ الذي يحكم بالعدل الذي تؤيده المستندات والوثائق بعيدا عن الهوي أو مجاملة لفئة علي حساب الأخري . يذكر أن القرار الذي صدر في سابق من المحكمة التأديبية نتيجة تزييف الحقائق التي تقدمت بها وزارة النقل في ذلك الوقت لتجعل من هؤلاء الموظفين (كبش فداء) لتهدئة الرأي العام علي حساب الموظفين البسطاء التي لا تعرف شيء سوي تنفيذ التعليمات والأوامر فقط ,وبعد أن قضي معظمهم فترة تزيد علي 10 سنوات في الخدمة ويعمل في وظيفته ليحصل علي تكريم أدبي ومادي ليتوج به بقية حياته أمام أسرته وشهادة تمكنه من التقدم لأي شركة يعمل فيها بعد الخروج علي المعاش ولكن فوجيء هذا الطابور الطويل من الموظفين كل حسب موقع عمله بتوجيه التهم لهم ليجد كل واحد منهم بعد طول مدة خدمتهم أنهم من أصحاب السوابق وبالتالي فلا يستطيع أي واحد منهم أن يمارس عملة وسط الشرفاء في الوقت الذي قدمنا فيه كافة المستندات التي تثبت سلامة وصلاحية السلام 98 فنيا. وأوضح اللواء حسين الهرميل أن عهد ثورة 25 يناير التي جاءت لتعيد للناس حقوقها المسلوبة في ظل القضاء المصري الذي يحافظ علي حقوق وواجبات المجتمع وطن ومواطنون ,هذا ما أعطانا الأمل في الطعن علي الأحكام الصادرة ضدنا من أجل الحصول علي حقنا ورد كرامتنا أمام الجميع وليس له بأي نواحي فنية خاصة وأن التقارير الصادرة من الجهات المشرفة علي سلامة العبارة السلام 98 تؤكد أنها كانت سليمة وأن غرق العبارة جاء نتيجة الأخطاء البشرية والتي تمثل نسبة (85%) من الحوادث وهو الخطأ الذي وقع فيها ربان العبارة ولم ينفذ التعليمات الخاصة به والواجب إتباعها عند إشتعال حريق في العبارة أثناء رحلة الإبحار. وللأمانة نقول أن جميع التقارير أكدت سلامة العبارة السلام 98 فنيا قبل القيام برحلتها الأخيرة وقدمنا ما يفيد التفتيش علي العبارة السلام أكثر من 36 خلال عام 2005 وسبق أن قدمت المستندات الرسمية التي تفيد قيامي بإصدار قرار في 23 يونيو 2005 لعمل لجنة تفتيش علي العبارة والذي تضمن وجود (11 بندًا) ومن بينها إصلاح الصندوق الأسود للعبارة وللأمانة أقول أن هذه العبارة سبق لها القيام ب 400 رحلة ولم تتعرض لأي حادث ولكن الحقيقة هي أن الأخطاء التي وقع فيها الربان أدت إلي حدوث الحريق بسبب كميات الوقود الزائدة في تانكات السيارات بالإضافة لوجود 30 برميلاً داخل الجراج بها زيوت وشحوم وبويات شديدة الاشتعال، أيضا وفتح باب المرشد جانب أيمن العبارة للتخلص من كثافة الادخنة ساعد علي استمرار الحريق بدخول هواء جديد. كل هذه الأخطاء مسئوليات الربان وضابط أول السفينة وكان في الإمكان تلافيها. ونتيجة لتأخر الربان في إتخاذ قرار الاستغاثة حتي لحظة الغرق رغم استمرار الحريق لأكثر من 4 ساعات ورفضه ارسال أي استغاثة ورفضه انزال مراكب الانقاذ أو سترات النجاة او تحذير الركاب ولم يسارع باتخاذ قرار العودة الى ميناء ضبا السعودي بل أبحر القبطان بالعبارة من ميناء ضبا السعودي وهي تواجه من ميل على جانبها الايمن بلغ 1.5 درجة وكان إتجاه الريح أثناء الرحلة تأتي علي العبارة من الجانب الأيسر، مما يجعل العبارة تميل ناحية الجانب الأيمن مما زاد من درجة الميل حتى بلغت 20 درجة قانقلبت العبَّارة. ولم يتخذ قرار ترك السفينة اطلاقا مما أدي لعدم إنزال العائمات والركاب أو توزيع سترات النجاة عليهم، كما أن قرار استخدام المياه للسيطرة علي الحريق يجب دراسته ومعرفة مبرراته، حيث من المتعارف عليه أن حرائق المواد البترولية والبويات والشحومات يتم السيطرة عليها بالرغوة، وهي موجودة علي جميع السفن. ومثبت أن هناك سددا في 8 بالوعات صرف من جملة بالوعات الصرف الموجودة بالجراج وعددها 12 بالوعة نتيجة المواد المحترقة، وبالتالي فكان تصريف المياه التي استخدمت في إطفاء الحريق لا يتم تصريفها بالكامل. أيضا فإن الربان أخطأ في تنفيذ نصيحة مهندس أول العبارة في فتح باب المرشد جانب أيمن للتخلص من كثافة الأدخنة بالجراج، حيث أدي ذلك لدخول هواء جديد ساعد علي استمرار الحريق، بالإضافة لدخول مياه البحر للجراج لأن العبارة كانت تميل ناحية الجانب الأيمن نتيجة تراكم المياه المستخدمة في الإطفاء رغم أن ضابط لاسلكي العبارة اعترض علي فتح باب المرشد موضحاً أن ذلك سيساعد علي استمرار الحريق ولم يؤخذ برأيه. قام الربان بتنفيذ رغبة أحد أفراد الطاقم بالدوران جهة اليسار لمواجهة الرياح للجانب الأيمن بدلاً من الجانب الأيسر، وكان ذلك خطأ، حيث ساعد ذلك علي دخول مياه أكثر من باب المرشد جانب أيمن الذي تم فتحه. لم يتخذ أي قرار عند حدوث حريق واستمراره أربع ساعات ونصف سواء بالعودة لميناء ضباء السعودي أو إبلاغ إدارة شركته أو أية جهة مسئولة مع أن الفصل الثامن «تعليمات رقم 22 SMS MANUAL» تنص صراحة علي ضرورة إبلاغ الشركة المالكة فور حدوث طارئ أو إبلاغ السلطات المختصة «ميناء ضباء كان علي بعد 28 ميلاً وقت الحريق». لم يبلغ ربان السفينة إدارة الشركة بوجود حريق بالسفينة، خاصة أن الحريق استمر أربع ساعات ونصف قبل الغرق مباشرة أي الساعة الواحدة وثلاثون دقيقة فجر يوم الجمعة 3/2/2006 كما أن مسؤلية ضابط أول العبارة: هى مسئولية متضامنة مع الربان لسلامة العبارة من جميع الوجوه،فلم يقم بتلقين الركاب فى بداية الرحلة بكيفية التصرف عند حدوث طارئ وأماكن تجمعاتهم عند ترك العبارة بل تم وضع براميل زيوت ووقود وشحومات وبويات فى مقدمة العبارة مخالفاً أبسط مبادئ منع الحرائق (30 برميلًا). والسماح لسائقى سيارات النقل بالدخول للعبارة وتانكات هذه السيارات مملوءة بالوقود مخالفاً التعليمات الصادرة فى هذا الشأن. كما أن إتزان العبارة هى مسئولية مباشرة لكبير الضباط (ضابط أول) حيث أبحرت العبارة فى بداية الرحلة مع وجود ميل ناحية الجانب الأيمن 1.5 درجة (درجة ونصف) بسبب سوء تستيف السيارات الخاصة (22 سيارة) وكذلك الشاحنات (5 شاحنات، 640 حاوية، 9 مقطورات بها أمتعة الركاب) وعدم ترك فراغات بينها مما صعب مهمة الاطفاء كما تم ترك السيارات الخاصة دون تربيط مما أدى لتحركها عند ميل العبارة الى الجانب الأيمن وأصبح من الصعوبة استعدالها. ولم يعترض أيضاً عند طلب مهندس أول العبارة بملئ صهريج إتزان جانب أيسر رقم (25) وتفريغ صهريج رقم (18) جانب أيمن وهو المسئول عن إتزان العبارة. كبير الضباط – فى معظم السفن – يكون حاصل على شهادة ربان وبالتالى يكون مستوفى جميع الدورات الحتمية طبقاً للاتفاقية الدولية لمستويات التدريب (STCW) وهو على علم بالطرق المناسبة للاطفاء. وهناك نقطة هامة وهى نادراً ما تحدث وهي: عندما أصيب الربان بحالة من الخوف الشديد (هلع) وبدأ يتقيء (ثلاث مرات يخرج من ممشى القيادة لذلك) ومتعارف على أن الشخص بعد ذلك لا يستطيع إتخاذ قرارات أو حتى مجرد التفكير بطريقة منطقية – عادية – لماذا لم يتولى قيادة العبارة ويعلن ذلك ويبدأ فى السيطرة على الأمور، وللعلم القانون البحرى يعطيه ذلك الحق فى مثل هذه الحالات. وبناء علي تقارير هيئة السلامة البحرية وهيئة التفتيش البحري فقد جاءت كلها لتؤكد صلاحية العبارة السلام 98 من كافة النواحي الفنية وتضمنت وجود خريطة الطوارئ (M.L) للعبارة وهذا دور ضابط ثان العبارة و أنه مسئول عن قيادة أحد مجموعات مكافحة الحريق بالتنسيق مع ضابط أول، ولكن تسجيلات الصندوق الأسود للعبارة والذي تحملت الشركة نفقات إستخراجه من مسافة تزيد علي1000 متر تحت سطح مياة البحر الأحمر وسلامة 14 جهاز متصلة به وظيفتها تسجيل كل ما يحدث داخل العبارة والذي كشف أن ضابط ثان العبارة ترك مكان الحريق وتواجد بممشى القيادة، بل أبلغ الربان بتمام السيطرة على الحريق على عكس الحقيقة . كما تمثلت أيضا أخطاء ضابط ثالث العبارة وهو أيضا عنصر بشري في عدم القيام مهامه والمعروفة فى جميع السفن بمهام الأمن الصناعى وصيانة معدات الحريق ومعدات سلامة الأرواح تحت إشراف ضابط أول، وتكون مهامه أثناء الإبحار التواجد مع الربان. وبقي أن نقول أن هؤلاء الموظفون الحاصلون علي البراءة لم تستطيع الجهات الرقابية أو جهاز الكسب غير المشروع أن توجه لأ واحد منهم أي تهمة (هذه الأيام علي وجه الخصوص) كإهدار للمال العام أو تربح أو تجارة غير مشروعة أو ممارسة نشاط محظور , هذه الأسباب خلقت فيهم روح البحث عن إسترداد حقوقهم ومسح العار الذي لحق بهم بلا أي ذنب أقدموا عليه , بالفعل تقدم المتهمون في قضية العبارة السلام 98 والبالغ عددهم 58 متهمًا بالطعن علي حكم محكمة القضاء الإداري وذلك لرفع الأحكام الصادرة ضدهم والتي توجت في نهاية الحكم ضدهم بالبراءة كما أن هناك بعض الجزاءات الإدارية التي لا تمس شرف وكرامة الموظف خاصة أنه لم يرتكب جريمة سرقة ضمن من نسمع عنهم هذه الأيام.