مرة أخرى تتجدد الفتنة وليس في وسع أحد وأدها في المهد لأن هناك من يتربح من تغذيتها وتأجيجها داخل وخارج مصر، قبل أيام حوصرت السفارة الأمريكية بالقاهرة كرد فعل تلقائي على إنتاج فيلم آخر مسيء للرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يكن في الأمر ما يستغرب له لأن التظاهر السلمي حق مكفول للجميع، إلا أن ردة الفعل في ليبيا كانت على النقيض حيث اتخذت منحى متطرفًا وصل حد الاغتيال ردًا على نفس القضية! فاغتيل السفير الأميركي في بنغازي، والسؤال هنا كيف يمكن لمثل هذه الأفعال أن تبث صورة حقيقية عن المسلمين في العالم، إذا كنا ننشد ذلك، أن نعرف العالم بفضل الإسلام ورحمته وعدله، هل من العدل أن يقتص ممن لا دخل له في القضية، هل يمكن أن يعبر ذلك عن الإسلام. و الانكى من ذلك ما خرج به منذ أيام أحد شيوخ السلفية بتمزيق الإنجيل ردا على الفيلم المسيء للرسول وتشجيع البعض له على هذه الفعلة التي تتدنى خلقا متجاوزة كل الشرائع في ازدراء الكتب المقدسة وتقديس كتبها السماوية. ليس من الإسلام في شيء ازدراء الآخر وتسفيه دينه، لأن الإسلام لم يأتِ بحد السيف بل جاء بالحسنى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ولأن لفظ الإسلام جاء من السلم فأولى بنا أن لا نشعل الفتن وننفخ في النار لتشتعل أكثر، من قام بهذه الفعلة عليه أن يحاسب وتتخذ ضده التدابير كافة اللازمة قانونيا. نحن نرفض مذهب العين بالعين في ازدراء الأديان، العين بالعين وضعت في المعارك الشريفة وقصد بها ما قيلت من أجله فقط ألا وهو الحرب النزيهة وليس الفتن الطائفية لطالما آمنا بموسى وعيسى والنبيين أجمعين فكيف نهين كتبهم المنزلة من عند الله وندعو لازدرائها وحرقها أو تمزيقها كما يفعل الكفرة والمجرمون من ذوي العقول الضيقة، الجاهلون بحق هم من يتبعون أهوائهم وغرائزهم، فلا تكونوا كالبعير تساق إلى حيث لا تعلم فيجد البعض منها مذبحهم وهم لا يعلمون. بل كونوا على نهج محمد نبي الرحمة الذي أعطى العالم دروسًا في السلم والرحمة والصبر والحكمة فكان معلمًا حقًا للبشرية ورسولًا للإنسانية جميعًا، نحن بحاجة إلى الاقتداء بنينا الكريم في صلابته وجلده وصبره في مواجهة الأزمات حتى لا نلقي بأنفسنا وغيرنا في التهلكة مع الاحتفاظ بحقنا في مراجعة من أساؤوا للنبي وملاحقتهم قانونيا وسياسيا ولكن بالتي هي أحسن، نعبر عن وجهة نظرنا بطرق سلمية، لتصل العالم رسالتنا كما ينبغي وليس العكس.