انتشرت في الآونة الأخيرة حُمّى التنقيب العشوائي عن الذهب بالصحراء الشرقية، وبخاصة على الحدود السودانية وهو ما يهدد الأمن القومي والمواطنين، ويأتى ذلك مصاحبًا لارتفاع الأسعار العالمية للذهب إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أدي الي تدافع المغامرين والمقامرين وراغبي الثراء السريع الي خوض غمار ومشقة التعدين العشوائي للذهب فى جو الصحراء الحارقة، وانتقلت العدوى الى مصر من خلال السودان. رفض المهندس فكرى يوسف - رئيس هيئة الثروة المعدنية - الإجابة عن سؤال "المشهد" عن الخطوات التى ستتخذها الهيئة حيال هذا الأمر، وكيف يمكن تقنين أوضاع هؤلاء المنقبين، متجاهلا مشكلة تهدد بإهدار ثروات البلاد من دون رقيب. فى المقابل حصلت "المشهد" على نسخة من دراسة قُدمت لرئيس الهيئة من قبل بعض الخبراء المقدرين لحجم الكارثة، توضح عملية التنقيب العشوائى عن الذهب فى الصحراء الشرقية والخطر الناجم عنه مع وضع حلول لمواجهة هذه المشكلة تم تجاهلها من قبل رئيس الهيئة. وتشير الدراسة الى أن التنقيب العشوائي يتم عبر وسيلتين: الأولى عبر حفر الآبار والذى يصل بعضها إلى عمق 50 مترا، وهو ما يهدد حياة المنقبين، كما أنها تفقد الأكسجين في الأعماق، والوسيلة الثانية التنقيب عبر أجهزة الكشف عن المعادن، وتحدث باستخدام نوع من ثلاثة أنواع من الأجهزة المستخدمة في تلك المواقع، فمنها ما يعرف بال«جي بي إكسGBX» وسعره نحو 2400 دولار أمريكي وهناك جهاز ال«كانكس» وسعره 600 دولار أمريكي، وهناك أجهزة مخصصة في الأصل لكشف الألغام. وهناك مجموعات تشترك لشراء جهاز للعمل به ميدانيا، وهناك من يشتري هذه الأجهزة ويؤجرها للمواطنين الذين يرغبون في التنقيب ويتم تحصيل ثمنها من عائد الذهب المنتج عشوائيًا. وتوضح الدراسة أن عدد العاملين في هذا المجال في أفريقيا يقدر بما بين 3 و4 ملايين شخص، بينما يقدر عدد العاملين في السودان وحدها في مجال التنقيب العشوائي ب 200 ألف، وقد يصل العدد إلى "مليون"، علماً بأن الذهب موجود في أماكن جغرافية متعددة، وفي مصر انتشرت حُمّي الذهب بسرعة حيث يقدر عدد العاملين من أبناء الريف الجنوبي والمهاجرين السودانيين والبدو الرحل ما بين 100 ألف الي 200 ألف شخص، وتقدر الحكومة السودانية كميات الذهب المنتجة عشوائيا في عام 2010 وحدها وما تم رصدها بحوالي 23 طناً قيمتها 850 مليون دولار، ويتوقع أن يصل الى أكثر من مليار دولار. وتؤكد الدراسة أن مخاطر التعدين والتنقيب العشوائي عن الذهب تتنوع بين مخاطر فيزيائية وكيميائية وميكانيكية، بالإضافة إلى الأضرار الناتجة عن التعدين العشوائي التى تتمثل في هجرة المواطنين لأنشطتهم الرئيسية مثل الزراعة واستبدالها بأحلام الثراء الوهمية والسريعة التي تداعب خيال الحالمين بالثراء من الشباب، بالإضافة إلى نهب الثروات الأثرية المدفونة التي قد يعثر عليها المنقبون العشوائيون، فضلا عن تعرضها لمخاطر الاندثار اذا كانت ذهبية حيث يلجأ في هذه الحالة لإذابة الأثر للحصول علي المحتوي الذهبي الموجود. قدمت الدراسة الحلول المقترحة لمواجهة ظاهرة التعدين العشوائى من خلال تقسيم المناطق الحدودية الي مربعات متساوية المساحة تبلغ مساحة كل منها 10 كيلو مترات مربعة خارج مساحات التعدين المنتظم والمرتبط باتفاقيات تعدينية أو قانونية، حيث يتم تقييم هذه المربعات حسب قدرتها وتوقعات إنتاجيتها للذهب الي ثلاثة أو أربعة تصنيفات مرتبطة بمواقع اكتشاف الذهب المؤكدة والمعروفة بالفعل لتكون تصنيف أول (مربع ذو مؤشر انتاجي فائق) - تصنيف ثان (مربع ذو مؤشر إنتاجي جيد) – تصنيف ثالث (مربع ذو مؤشر إنتاجي متوسط) – تصنيف رابع (مربع ذو مؤشر انتاجي عادي). كما تطرح هذه المربعات كمناطق التزام بين السكان المحليين وغير المحليين يؤدي عنها حقوق انتفاع سنوية متدرجة في قيمتها المادية مقدما حسب قدرتها الانتاجية المتوقعة والمحسوبة طبقا لما يتوفر عنها من دراسات بحيث تكون 100 ألف دولار للتصنيف الأول – 80 ألفا للتصنيف الثاني 60 ألفا للتصنيف الثالث، و50 ألفا للتصنيف الرابع. وتشير الدراسة الى تشكيل كيانات تعاونية لاستخدام هذه المربعات في فترات زمنية محددة لا تزيد على خمس سنوات وتقوم بإنشاء مصافي أو مصانع لتكرير الذهب واستخلاصه بمراعاة المعايير والشروط البيئية والحفاظ علي أرواح العاملين، كما تقوم هذه الكيانات التعاونية بالدراسات والاستكشافات العلمية المتقدمة والمكلفة ماديا لتوجيه العاملين الي أكثر المواقع تركيزا للذهب السطحي. وتبين الدراسة أنه لا بد من اخضاع هذه الكيانات للرقابة لتحصيل حق الدولة والشعب من رسوم وضرائب وخلافه وتحجيم أي فرصة للخروج علي القانون، وتسجيل وتوثيق الكميات المستخرجة من الذهب وتوقيع مواقع استخراجها بقدر الإمكان علي خرائط مساحية معتمدة لتكون دليلاً إرشاديًا يعاد استخدامه لاحقا بواسطة شركات التعدين النظامية. وتحرم الدراسة الحفر لأعماق أكثر من 30 مترا حتي يمكن إعادة طرح هذه المواقع لشركات التعدين المنتظمة مستفيدة من النتائج الارشادية التي حصلت عليها. كما تتوقع أن يصل عدد المربعات الواقعة بين خطي عرض 22 و23 فيما بين ساحل البحر الأحمر وحدود بحيرة ناصر ووادي النيل الي 5180 مربعا ويصل متوسط عائد هذه المربعات لما لا يقل عن 400 مليون دولار سنويا أي حوالي 2.4 مليار جنيه مصري. من المشهد الأسبوعى.. حاليًا بالأسواق