ذكرت صحيفة "الجاريان"البريطانيةأن برنامج "تبادل الأسلحة" يمكن أن يكون من الأدوات التي من شأنها أن تساعد ليبيا في كسر شوكة الميليشيات العسكرية وإرساء سيادة القانون ودعمها. ولفتت الصحيفة البريطانية -في سياق تعليق أوردته اليوم "الاربعاء" على موقعها الإلكتروني- إلى أن ليبيا تعج ب"الميليشيات" التي تمثل خطرا كبيرا يهدد الأمن والاستقرار في البلاد، مما سيجبر الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها قريبا من قبل المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) -الذي انبثق عن انتخابات السابع من يوليو الماضي- إلى التعامل مع مسألة هذه الميليشيات ،وذلك إذا ما أرادت ليبيا أن تتحول إلى دولة يحكمها القانون، وليس إلى دولة يحكمها زعماء الفصائل والمليشيات العسكرية المنتشرة الآن في الشارع الليبي. وأشارت الصحيفة إلى أن معظم هذه الميليشيات - وهو مصطلح يطلق على الجماعات المسلحة التي أفرزتها الانتفاضة الليبية التي اندلعت العام الماضي ضد العقيد الراحل معمر القذافي ونفذت الكثير من عمليات القتل ضد نظامه- حريصة على تأمين مستقبلها والحفاظ على الاحترام الذي يتماشي مع كونهم من الثوار الليبيين. واضافت الصحيفة ان البعض الآخر من هذه الميليشيات يعد أكثر اهتماما بالأرباح التي تأتي من خلال السيطرة على الطرق التجارية الموجودة على طول حدود ليبيا ونواحي أخرى من الاقتصاد،لاسيما وأن هذه الميليشيات في شرق وغرب ليبيا فرضت سيطرتها على الكثير من الممتلكات التجارية والخاصة بعد انتهاء الانتفاضة،الأمر الذي أدى إلى لوقوع اشتباكات بين هذه الميليشيات. وأوضحت صحيفة "الجارديان"البريطانية أن وجود هذه الميليشات العسكرية الليبية يعكس رغبة ملحة للحفاظ على الأمن في مناطق فشل المجلس الانتقالي الليبي في حمايتها،إلا أنهم في الوقت نفسه،ارتكبوا انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان - بما في ذلك التعذيب - ضد الأفراد والمجتمعات يشتبه في دعمهم لنظام القذافي، وفقا لما وثقته منظمة العفو الدولية. ومضت الصحيفة قائلة :أن حجم تلك المليشيات يهدد بفرض الهيمنة على مؤسسات الشرطة والجيش الضعيفتان اللتان تعانيان من نقص في المعدات والأفراد، وقد مارست هذه المليشيات العنف لتحقيق أهدافها، كما قاموا بممارسة سلطة إلقاء القبض العشوائي على المشتبه فيهم، واحتفظوا لديهم بسجون سرية. وأكدت الصحيفة البريطانية أن السبيل الوحيد للتخلص من تلك المليشيات في ليبيا، هو التعامل بحزم مع قلب المشكلة الذي سمح لتلك المليشيات بفرض قوتها وسطوتها على البلاد،ألا وهو "الأسلحة". وقالت الصحيفة أن ثلاثة أرباع الأسلحة في ليبيا تقع تحت سيطرة المليشيات العسكرية، وهي الأسلحة التي استطاعت الاستيلاء عليها من مستودعات نظام القذافي، وقد فكر المجلس الانتقالي في توظيف أعضاء المليشيات في الشرطة والجيش، ولكن هذا الاقتراح لم يؤت ثماره. وأشارت الصحيفة البريطانية الى انه من المنتظر أن تقوم الحكومة الجديدة بدراسة إمكان تطبيق هذا الاقتراح، وهناك اقتراح آخر بمحاولة تطبيق التجربة الموزمبيقية التي تم تنفيذها في أعقاب انتهاء الحرب الأهلية في موزمبيق في عام 1992 والتي قامت من خلالها بتطبيق برنامج بعنوان "أدوات مقابل الأسلحة" باعتبار أن الأسلحة هي "الخطر الذي يهدد السلام" في البلاد. واختتمت صحيفة "الجارديان" البريطانية تعليقها مؤكدة أن ليبيا التي تنتشر فيها الآن الملايين من قطع الأسلحة، في أمس الحاجة إلى مثل هذا البرنامج، على الرغم من نتائجه المتواضعة، ولا ينبغي أن يكون الاعتماد على ذلك البرنامج وحده، فالمطلوب أيضا من قادة وزعماء ليبيا الجدد، كسر شوكة هذه المليشيات بإنشاء قوات شرطة وجيش قوية ومتماسكة، تعمل على تطبيق القانون وفرض سيادته.