لا يكاد يدخل علينا شهر رمضان إلَّا ويحدث الجدل الواسع عن زكاة الفطر من ناحية إخراجها زكاة أم حبوب، وسنعرض بعض التفاصيل في الأمر. حكم زكاة الفطر زكاة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مُؤنة نفسه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، ومن تركها وجب عليه الكفارة. يصح إخراج زكاة الفطر منذ اليوم الأول من رمضان حتى تنتهي صلاة العيد، فعن ابن عباس أن النبي قال: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. وزكاة الفطر يستحب إخراجها للجنين لفعل عثمان ابن عفان، ولا تجب علي الفرد لعدم الدليل على ذلك، وأن الحكمة من تشريع زكاة الفطر هو تطهير الصائم من اللغو والرفث. كيفية إخراج زكاة الفطر اختلف العلماء في إخراج زكاة الفطر فالأمر على قولين: الأول: منع إخراجها نقدًا وهذا ما قال به الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وقال به الظاهرية أيضًا ، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين" فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعًا من بر، أو صاعًا من شعير" وفي رواية أو صاعًا من أقط"، على الصغير والكبير من المسلمين. ووجه استدلالهم من الحديث: لو كانت القيمة النقدية يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها النبي. والقول الثاني: يجوز إخراج القيمة "نقودًا أو غيرها" في زكاة الفطر، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر ابن عبد العزيز، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال: إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر، وقال الحسن البصري: لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم، وذكر ابن المنذر في كتابه "الأوسط": الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير. الأمر خلافي الخلاف إذن قديم وفي الأمر سعة، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول "أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه.