الشعب يدخل حقل تجارب لمدة عامان ونصف وزراء "دليفرى" وبرلمان "مؤيد" وحلول "غائبة" - عقوبة فشل الوزراء "الإقالة".. والشعب يسدد "الفاتورة" - سياسيون: "لو مافيش توقيت لكل خطة يبقى عليه العوض" - أحزاب: "استكمال مشروع دولة مبارك" - تجاهل البعد السياسى فرغ الخطاب من قيمته - برلمان مؤيد.. "تصفيق حار ورفض إذاعة البيان" - "الوزراء لا يعلمون شئ عن خطة وزراتهم"
"عمل سياسي.. دستور يحكم.. رئيس يوجه.. برلمان يراقب.. حكومة تنفذ.. قضاء يضمن.. جيش يبنى.. شرطة تحمى.. مجتمع يدعم.. إعلام حر"، وشعب يتحول يوم الانتخاب من "محكوم إلى حاكم، يأمر ويقرر".. ربما كانت مقدمة بيان الحكومة الذى القاه رئيس الوزراء، أمام البرلمان، خير قارئ لرؤية الدولة المستقبلية والتى تصل لعامين ونصف، حيث اشتملت على كلمات معلبة، بنكهة "مباركية"، منتهية الصلاحية، كما أنها تغرد بعيدًا عن أرض الواقع، إلا فى إحدى كلماتها التى لمست الأرض دون أن تشعر. "عليه العوض" الجديد في خطاب الحكومة، أمام البرلمان، أنه لم يبالغ في أحلامه لمستقبل البلاد، ربما ل"ضيق الآفق"، كما اعترف نظريًا بتفشى الفساد، وغيرها من أزمات، إلا أنه لم يقدم رؤية، واضحة المعالم، لمستقبل الدولة، تظهر نتائجها في زمن محدد، لكنه حمل على عاتقه إصلاح الخدمات المقدمة للمواطن، ورعاية محدودى الدخل، ووضعها في خانة الأمنيات، "التحديات، والأوضاع الصعبة، والأرهاب، الاقتصاد، سد النهضة، وغيرها.."، لم يضع رئيس الحكومة روشتة "شافية"، لعلاج تلك المشاكل، ربما كان يلمح للشعب بسياسة الرضى بالأمر الواقع. "لو مافيش توقيت لكل خطة يبقى عليه العوض".. كلمات رد بها عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، على بيان الحكومة، مؤكدا أن ذلك مؤشرًا على أن الحكومة الحالية، ستلحق بمصير الحكومات السابقة، دون بصمة إيجابية، وربما، تزيد من الأوضاع السلبية سوءًا، كما أكد متابعين للبيان، أن الحكومة تعاملت مع الشعب بمنطق الأمنيات، والوعود "المعلبة"، لا تختلف كثيرًا عن خطابات، عصر مبارك، كما رأى سيد عبدالغني، رئيس الحزب الناصري، أن الحكومة لا تمتلك حلول للمشكلات المتراكمة، وما تفعله هو توصيل رسالة للمواطنين بأن يقتنعوا بالواقع الموجود. نكهة "مبارك" خبراء سياسيين، وأحزاب، ومتابعين، رآو أنه لا اختلاف بين بيان الحكومة الحالى، وبما كانت تعرضه حكومات ما قبل ثورة 25 يناير، مشيرين إلى أن الخطاب جاء بنكهة "مبارك"،.. "امتداداً لسياسات حكومات مبارك"، هكذا رأى حزب التحالف الشعبى، برنامج الحكومة، مشيرًا إلى أن البيان، ذو وجهين، أحدهما: "رعاية محدودى الدخل، والعدالة، وسيادة القانون"، والآخر: "السياسة الفعلية عكس الاتجاه". وأكد الحزب الناصرى، أن بيان الحكومة، مثله مثل أي بيان أطلقته الحكومات السابقة، ووصفه بأن مهمته الأساسية هو "استكمال مشروع دولة مبارك". "سمعنا زيه قبل كده من رؤساء وزراء سابقين".. هكذا وصف رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وعضو مجلس النواب، محمد أنور السادات، بيان الحكومة. سياسة "غائبة" واقعيًا، وباعتراف رسمى تكرر عديد المرات، هو اختفاء العمل السياسى، سواء كان حزبيًا أو فرديًا متمثل فى شخص، ذو ثقل شعبى، أو مردود إيجابى، ربما غاب ذلك عن المهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، حيث تولى مهمته خلال الفترة القليلة الماضية، وربما تقتصر نظرته عن العمل السياسى، فى وجود رئيس، وبرلمان مؤيد للرئيس. "تجاهل الأزمات السياسية".. كلمات وصف بها أستاذ العلوم السياسية، الدكتور حسن نافعة، بيان الحكومة، حيث رأى أنه ليس على مستوى الأوضاع والأزمات التى تعيش فيها الدولة، كما رأى سياسيون، أن تجاهل البعد السياسى، فرغ الخطاب من قيمته، بالإضافة لعدم تطرقه إلى مصير الشباب المتواجد في السجون، خاصة من لم يتورطوا فى أعمال عنف. كما رآى "التحالف الشعبى"، أن البيان جاء خالياً من أى رؤية عميقة لعلاج ما يمر به المجتمع المصرى من أزمات طاحنة على الصعيد السياسي والاجتماعي. رئيس يحكم "كل شئ" "رئيس يوجه ويتابع.. حسب توجيهات الرئيس.. الرئيس...".. كلمات تكررت فى أكثر من موضع فى خطاب رئيس الوزراء، أمام البرلمان، وهو ما جعل متابعين لطرح تساؤل حول دور الحكومة الحقيقى، هل هو وضع رؤية مستقبلية لإدارة البلاد؟، أم تنفيذ أوامر الرئيس، والسعى لتنفيذها؟، سياسيون رآوا أن الحكومة الحالية ما هى إلا آداة فى يد الرئيس ينفذ بها رؤيته، لذلك يتمسك بها، ويدافع عنها، ضد أى هجوم. برلمان "مؤيد" من الذى يشرع ويراقب؟.. أشار المهندس شريف إسماعيل فى بيانه، إلى وجود برلمان يشرع، ويراقب، يقول عمرو هشام ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن البرلمان اقتصر عمله على التوقيع على طلبات الحكومة، مبديًا تعجبه، ربما جاء من أجل تمرير خطط الحكومة. كما وصف البعض عمل البرلمان منذ انتخابه، بالمنهزم الذى ينفذ الأوامر، خوفًا من حل المجلس، حال تحديه للحكومة، أو النظام، وهو ما ظهر فى أكثر من موقف سابق، كان آخرها عدم قدرتهم على إذاعة بيان الحكومة على الشعب، ثم "تصفيق حار" من رئيس مجلس النواب، عقب نهاية بيان الحكومة، رافضين كلمات رئيس الحكومة "الوردية"، بالاستعداد لمراقبة ومحاسبة نواب الشعب. حكومة "دليفرى" "حكومة تنفذ وتتحمل المسئولية".. لا زال الشعب حقل تجارب، للحكومات المتتالية، تصريحات ووعود وطموحات، والنهاية "إقالة"، ومزيدًا من التدهور تشهده الدولة، "وبناء عليه.. سنقف كأعضاء للسلطة التنفيذية، أمام نواب الشعب مساءلين ومسئولين، عما أوردناه من وعود، وما صغناه من أهداف، وما التزمنا به من برامج عمل، بعد إقرار برنامج عمل الحكومة".. أى مسئولية، يتحدث عنها رئيس الوزراء، هل ستكون عقوبة الفشل فى تنمية الوطن هى المحاكمة، والحساب، على ضياع أعوام على الدولة دون تقدم، لا شئ سوى بيان صحفى يعلن عن "إقالة" الحكومة، وتكليف أخرى، والضحية دائما المواطن. استنكر "ربيع"، التعديل الوزاري الذي سبق البيان بأيام قليلة، قائلا: "الوزراء، لا يعلمون شئ، عن خطة وزراتهم"، مشيرًا إلى أنه من الأمور المتبعة، أن من يضع البرنامج، هو من ينفذه". حقوق "متجاهلة" لم يتطرق البيان لكيفية تطوير عمل الشرطة، فى ظل الانتهاكات المتتالية على مدار الأعوام الماضية، لم يكشف البيان عن وضع سياسيات تضمن عدالة مستقرة تضمن الحقوق، للجميع دون تمييز، تناسى البيان وضع شروط والتزامات، وما سيؤول إليه مستقبل المجتمع المدنى، وحقوق الإنسان، مع التدهور المتزايد فى تلك التخصصات، ربما هو يرى أن دورها هو مساعدة النظام، وليس المواطن، تحدث رئيس الحكومة عن إعلام حر، فى عصر يقبع أكبر عدد من الصحفيين خلف أسوار السجون بدون تهم، وترتعش الأقلام أمام الحق، ويافعة أمام النفاق والمحباة.. فى النهاية صدق رئيس الوزراء فى بيان حكومته عندما قال: "شعب ذى سيادة يتحول (يوم الانتخاب) من محكوم إلى حاكم، يأمر ويقرر، حقيقة بارزة ربما لم يقصدها هذا هو تعريف الشعب لدى الحكومة، مجرد آداة ينتهى دورها مع انتهاء الانتخابات، ثم يأتى دور الحاكم ليأمر ويقرر وينفذ. دستور "منتهك" تحدث بيان الحكومة، عن وجود دستور "ينظم ويضبط"، جميع الخطوات والرؤى فى الدولة، وحسب تصريح سابق لرئيس الجمهورية، أكد فيه أن "الدستور كُتب بحسن نية"، كما أنه تم انتهاكه فى العديد من القوانين، وكان آخرها تعيين الحكومة الجديدة، والتى حدد الدستور كيفية تعيينها، مشترطًا موافقة البرلمان، وربما أوضاع البلاد الحالية، لا يجب معها احترام الدستور، كمان أكدت البرلمانية المعينة من قبل الرئيس، سكينة فؤاد، كما رأى فقاء دستوريين، أن تكليف الحكومة الحالية دون الرجوع للبرلمان، مخالف للدستور. الشعب دائما "عائق" لم يقدم رئيس الحكومة أى من النقاط فى برنامجه عن كيفية الاستثمار فيما آسماه ب"التحديات" التى تواجهه، والمتمثلة فى ارتفاع معدلات السكان، لم يقدم رؤية مستقبلية لمواجهة تلك الزيادة، سواء بالحد منها، أو بالاستفادة من تلك الأفضلية المهدرة!. يرى رئيس الوزراء أن أبرز التحديات التى تواجه هو ارتفاع معدلات النمو السكانى وهو ما يمثل تحديًا رئيسيًا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، وفى ظل تراجع الخدمات وتأخر تطويرها بما يتناسب مع العصر لعقود طويلة، تبددت آثار تلك الزيادة السكانية في ارتفاع نسب الأمية ومعدلات الفقر ونسب البطالة وكفاءة الخريجين مقارنة بما يحتاجه سوق العمل.. لقد قدمت الحكومة مبرراتها مقدمًا!.