يحكى أن النساء قديما كن اذا لاحظن ضعفا في شعورهن أو كثرة تساقطه، يسرعن الى الاختلاط بمن يلحظن أنها تحمل في رأسها قمل، وكانت الأمهات يلجأن لنفس الحيلة اذا لحظن ضعفا في شعر ابنائهن، معتقدات أن في القمل علاجا عظيما للشعر. وكانت النساء تستدل على وجود القمل في الرؤوس بملاحظة كثرة حك "المقمل" لفروة رأسه، أو يكون الإكتشاف مبكرا عن طريق التفتيش في فروة الرأس "الفلاية". وتمتد عملية العلاج بالقمل وفقا لما اعتقد النساء لثلاث أسابيع، وبعد هذه الفترة من التعايش مع القمل، تحلق النساء رؤوسهن وتنتظرن الشعر الجديد، وعلى الرغم من أن مرحلة الصلع تلك يصاحبها انعاكاسا نفسيا سيئا، إلا أن النتائج النهائية للعملية برمتها تنسيهن هذه المرحلة. أما اليوم قيقوم البعض بالمتاجرة في القمل، وصارت لهذه التجارة اسواق الكترونية، تقرأ عليها على سبيل المثال عن توافر "150 قملة للبيع"، ويحدد البائع سعر الحبة بمبلغ 15 ريالاً، إلا أنه عرض المجموعة كاملة بمبلغ 1200 ريال فقط، موضحا أن عرضه "مغري للغاية". ولم يكن هذا الإعلان الوحيد، إذ ظهرت إعلانات مماثلة في دول خليجية وعربية، حولت القمل من دلالتها المعروفة بأن وجودها يؤكد عدم نظافة الرأس الذي تسكنه إلى سلعة تباع في السوق السوداء، وبأسعار تنافسية، إذ يعتقد بائعها ومشتريها أنها تحمل فوائد طبية خارقة، وتغني عن الأدوية التي تعج بها الصيدليات. وبدأ نشاط "سوق بيع القمل" بسبب عودة الاعتقاد بأن "القمل علاج فعَّال لتساقط الشعر"، وويتم الترويج للقمل بإشاعة أنه "بمجرد سكنى بعض القمل في الرأس، سيتمتع صاحب الرأس بشعر كثيف وقوي متفوق على المستحضرات الطبية الأخرى، ويعتقد العديد من مستخدمي القمل أن له فوائد أخرى، فالقمل يعد "سببا رئيسيا لمنع حدوث تجلطات في الرأس، فلدغات القمل تعد تدليك خاص لفروة الرأس"، وأما عن امتصاصه للدم فإن "الدم الذي يمتصه القمل ما هو إلا دم فاسد، ما يجدد نشاط الدورة الدموية في الرأس". وعلى الرغم من أن الدراسات العلمية لم تؤكد للقمل الا سلبيات ومخاطر على الصحة، إلا أن الاعتقاد بوجود هذه الفوائد دفع كثيراً من السيدات لمحاولة الحصول على هذه الحشرة التي ستمنحهن شعراً جذاباً وكثيفاً، وستقوي صحة الرأس بحسب الحكايات القديمة . وقال أحد العطارين من السعودية " كنت أعرف في السابق عطارين كانوا يبيعون القمل بشكل سري"، موضحا أن "هناك نساء كثيرات يؤمنَّ بفاعلية علاج القمل"، موضحا أن "طريقة حركته وقرصاته في أماكن تجمع الدم تؤكد رواياتهن التي يعتقدن بها، كما أن وجود حالات استفادت فعلا من القمل يجعل الموضوع محل ثقة بالنسبة لهن"، مضيفا أن القمل "يباع في علب مثقوبة وبتهوية جيدة، فيجب أن يكونوا أحياء ليؤدوا مهماتهم، فهم لا يعيشون طويلاً في العلب المغلقة" . هذا ويتعرض القمل المحلي لمنافسة شديدة بسبب القمل الاسترالي وتفوقه على القمل المحلي، الأمر الذي جعل من تجارة القمل تجارة مربحة. ويختلف سعر القمل باختلاف جنسه، فالطلب يزداد على الإناث أكثر من الذكور، وتباع بسعر مرتفع، لأنها بحسب اعتقاد مروجي القمل "تسير بهدوء ولا يشعر بتنقلاتها وقرصاتها، بعكس الذكور منها والذين يتمتعون بنشاط أكبر وحركة محسوسة، ويتشبثون بفروة الرأس بطريقة مزعجة يصعب احتمالها، لذا فإن سعر الأنثى أعلى"، ويفرق باعة القمل بين الإناث والذكور بحجم رأسها، فالذكر برأس وعيون أكبر من الإناث.