لم تكن بلجيكا هدفا محتملا لتفجيرات وعنف المتطرفين كما حدث يوم 21 مارس الجارى وراح ضحيتها أربعة وثلاثون قتيلا وعشرات المصابين، واتهم فيها المغربيان الأخوان بكراوى وثالث هو نجيم العشراوى حتى تاريخه، فلماذا بلجيكا الآن؟ هل هو رد على القبض على صلاح عبد السلام مهندس تفجيرات باريس على أراضيها يوم 20 مارس..خاصة وأن المتهمين ارتبطوا بعلاقات وطيدة به وقدموا له الدعم اللوجيستى أثناء فترة هروبه وتخفيه. وحسب تحليل للجارديان فى 22 مارس فأول الأسباب هو شبه العزلة والجيتو التي تعيش فيه الأقلية المسلمة فى بلجيكا، وخاصة فى حى مولينيك، والمستوى العالى من البطالة التى يعانون منها، ويرجع تحليل الجارديان بجذور الإرهاب فى بلجيكا للثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، وفى التسعينيات تحديدا تحرك وانتقل مجاهدون من أصل جزائرى على خلفية الحرب الأهلية الجزائرية من شمال فرنسا للإقامة فى مولينبيك. لماذا حى مولينيك قندهار بلجيكا؟ قفز حى مولينبيك الشعبى فى العاصمة البلجيكية إلى صدارة الأحداث منذ الهجوم الإرهابى الدامى على باريس، بعد ثبات تورط عدد من سكانه فى دعم العملية على الأقل ماديًا ومعنويًا فى انتظار ما ستكشفه التحقيقات عن مدى تورط الشبكات المقيمة فى هذا الحى الذى كسب شهرته قبل سنوات من حوادث الجمعة. ولا يكاد يجد حادث أو اعتداء فى أوروبا وخاصة فى فرنسا، إلا وتتجه الأنظار ناحية هذا الحى، الذى أصبح عاصمة الإرهابيين الأوروبيين عمومًا والبلجيكيين على وجه خاص، ما جعل البعض يُطلق عليه سابقًا قندهار بلجيكا، والرقعة البلجيكية منذ سيطرة داعش على المدينة السورية التى اتخذها التنظيم معقلًا له. من مدريد إلى باريس وليست هذه المرة التى يرتبط فيها هذا الحى الذى تسكنه أغلبية من المهاجرين وأبنائه خاصة من المغرب العربى، ومن تركيا، بحوادث أو عمليات إرهابية خطيرة، بداية بالتفجيرات التى ضربت مدريد فى 2004 على يد خلية مغربية بلجيكية يُقيم أبرز أعضائها ورموزها فى هذا الحى، الواقع فى قلب مدينة بروكسال العاصمة، وعلى حدود المقاطعات الناطقة بالهولندية التى تكتظ بدورها، بجالية مغربية كبيرة. ولكن مولينبيك البلجيكى، ارتبط خاصة بوجوه معروفة فى داعش فى سوريا والعراق، بعد أن تحول فى حينها إلى أحد معاقل الجمعية الإرهابية "شريعة بلجيوم" بقيادة فؤاد بلقاسم المحكوم اليوم ب12 سنة. الإخوة كواشى وكوليبالى ولكن حى مولينبيك اكتسب شهرته من ارتباطه شبه الآلى بكل العمليات الكبرى التى شهدتها أوروبا فى السنوات القليلة الماضية، خاصة فى فرنسا، فإلى جانب الشبكة المتورطة فى العملية الأخيرة، تميز هذا الحى باحتضان أو إقامة عدة وجوه تورطت بشكل أو بآخر فى العمليات الإرهابية مثل الإخوة كواشى الذين نفذوا مجزرة صحيفة "شارلى إيبدو" الساخرة فى بداية السنة، بعد تردد وجيز على الحى، تزودا أثناءه بالأسلحة التى نفذا بها عمليتهما. وأكدت تحقيقات الأمن الفرنسى تردد أحمدى كوليبالى الذى تورط فى مجزرة المتجر اليهودى فى الفترة نفسها فى باريس، على الحى نفسه على فترات متقاربة قبل تنفيذ العملية. وجوه ومن الوجوه التى ترددت على الحى الشهير أيضًا الفرنسى وجلاد الرهائن فى سوريا، المهدى نموش الذى نفذ مذبحة المتحف اليهودى فى بروكسل. ومن الوجوه التى أقامت فى هذا الحى أيضًا آخر المتورطين فى الإرهاب المغربى أيوب الخزانى، الذى حاول تنفيذ اعتداء ضد القطار السريع "تاليس"، الرابط بين أمسترداموباريس عبر بروكسل. ومن أشهر أبناء الحى البلجيكى أيضًا البلجيكى عبد الستار دحمان، أحد قتلة مسعود شاه فى أفغانستان قبل أيام قليلة من الهجوم الكبيرالذى نفذته القاعدة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فى 11 سبتمبر2001.