* عام 2015 كان انهيار لمنظومة الفيفا. لقد كان عام 2015 كارثياً بكل ماتحمل الكلمة من معنى على أكبر مؤسسة رياضية فى العالم " الفيفا"، بعد أن تكشَّفت الأمور للجميع شبه الفساد التى تفشت داخل أروقة الاتحاد الدولى لكرة القدم، والإطاحة بالثنائى السويسرى جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى والفرنسى ميشيل بلاتينى رئيس الاتحاد الأوروبى، وهو الأمر الذى اعتبره الكثيرون انتهاء حقبة من الفساد فى المنظمة الكروية الأكبر فى العالم. البداية كانت فى فجر 27 مايو الماضى عندما ألقت السلطات السويسرية بطلب من القضاء الأميركي القبض على سبعة مسؤولين في كبار من بينهم جيفرى ويب نائب رئيس الفيفا عشية الانتخابات الرئاسية للفيفا مطلقة الشرارة لعاصفة هزت أركان المؤسسة الدولية وتبعته عمليات قبض على مسؤولين آخرين خلال شهور تلت ذلك، إلى أن تم إيقاف بلاتر وبلاتيني هذا الشهر ثمان سنوات عن ممارسة أى نشاط يتعلق بكرة القدم. ووجهت هذه الأحداث صدمة هائلة للفيفا قبل يومين فقط من انعقاد الجمعية العمومية "كونجرس" الفيفا من أجل انتخاب رئيس الفيفا لأربع سنوات مقبلة. واتهم بلاتر معارضيه في الولاياتالمتحدة فى اختيار التوقيت لعملية القبض والكشف عن فضيحة الفساد يهدف إلى إضعاف فرصه في الانتخابات،ولكن بلاتر فاز في الانتخابات التي جرت في مايو الماضى بعد انسحاب منافسه الوحيد الأمير علي بن الحسين في الجولة الثانية من التصويت لتبدأ فترة الولاية الخامسة لبلاتر في رئاسة الفيفا حيث فرض هيمنته على هذا المنصب وعلى قيادة الفيفا منذ 1998 . ورغم هذا، أثار بلاتر مزيداً من التساؤلات والشكوك عندما أعلن بعد أربعة أيام فقط من انتخابه لولاية خامسة أنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الفيفا داعيا كونجرس الفيفا إلى اجتماع استثنائي في أقرب وقت ممكن لاختيار من يخلفه، وحتى الآن لم تتضح الصورة فيما حدث بالضبط في أروقة الاتحاد خلال أيام قليلة ليدفع بلاتر إلى التفكير في الاستقالة. والتزم بلاتر الصمت لكن أراد فجأة إجراء عملية إصلاح لتكون بمثابة خطوة أخيرة تتسم بالقيم في مسيرته التي تشوبها الشبهات مع الفيفا، وبعد 48 ساعة فقط من إعلان رغبته في الاستقالة ، جاء دليل جديد من الولاياتالمتحدة حيث كان تشاك بليزر العضو السابق باللجنة التنفيذية للفيفا هو الشاهد الرئيسي على فساد الفيفا في محكمة نيويورك، بعدما قام بدور الجاسوس على الفيفا لتخفيض العقوبة المسلطة عليه. ولم تقتصر فضائح الفساد على مسؤولى الفيفا بل طالت اتحادي أمريكا الجنوبية "كونميبول" ونظيره في أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي "كونكاكاف"، بعد أن كشفت تحقيقات أميركية عن قضايا فساد ورشى مالية كبيرة اجتاحت أروقة كلا الاتحادين. ولم يسلم الاتحاد الألماني لكرة القدم هو الأخر والقيصر فرانز بكنباور من تهم الفساد في 2015، بعد أن أثار تقرير صحفي جدلاً كبيراً بعدما زعم أن ألمانيا اشترت حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2006، التي كان بكنباور رئيس اللجنة المنظمة لها، وذكر التقرير أن لجنة الدعاية الألمانية خصصت صندوقاً خاصاً دون تحديد وسائل إنفاق ما به من أموال. وقد نفى الاتحاد الألماني لكرة القدم الاتهامات ولكنه اعترف بتحويل مبلغ ستة ملايين وسبعمائة ألف يورو للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وقام مسؤولو التهرب الضريبي بتفتيش المقر الرئيسي للاتحاد الألماني لكرة القدم في مدينة فرانكفورت الألمانية، وكذلك المسكن الخاص بفولفجانج نيرسباخ رئيس الاتحاد الألمانى، وبعدها بأسبوع قدم نيرسباخ استقالته من منصبه في نوفمبر الماضى. * بلاتر وبلاتينى يظهران شكلهما الحقيقى للوسط الرياضى العالمى. وأخيراً، التصقت شبهة فساد ببلاتر وبلاتينى بعد اكتشاف مليوني فرنك سويسري دفعها بلاتر إلى بلاتيني في 2011 وأعلن المدعي العام السويسري في 25 سبتمبر الماضي فتح إجراءات جنائية ضد بلاتر للاشتباه في سوء تدبير بشكل غير مشروع، وذلك فيما يتعلق باتفاقية مع الاتحاد الكاريبي للعبة إضافة إلى سداد "غير مشروع" للفرنسي بلاتيني، وخضع بلاتر للاستجواب كما خضع مكتبه في الفيفا لعملية تفتيش إضافة لمصادرة بيانات كما طلب من بلاتيني توفير معلومات. وأكد بلاتر وبلاتيني أن هذا المبلغ كان نظير عمل قام به بلاتيني لصالح الفيفا بين عامي " 1998، 2002 "، ولكن تأخر سداد هذا المبلغ لمدة تسع سنوات أثار الشكوك حول مصداقية مبررات بلاتر وبلاتيني. وقبل انتهاء فترة الإيقاف المؤقت ، تلقى بلاتيني وبلاتر الصدمة الكبيرة بقرار إيقاف كل منهما ثماني سنوات وذلك في ضوء التحقيقات التي جرت خلال الفترة الماضية، ليدخل فى حرب طويلة مع الجهات المختصة بالفيفا، قبل أن يعلن استسلامه أخيراً ويسحب أوراق ترشحه لرئاسة الفيفا رسمياً ويتبخر حلمه بخلافة السويسرى العجوز على عرش الفيفا. وكان بلاتر يتمنى أن تمتد مسيرته حتى تنتهي بشكل مشرف خلال انعقاد كونجرس الفيفا في 26 فبراير المقبل كما كان الإيقاف ضربة قاضية لبلاتيني الذي كان المرشح الأبرز لخلافة بلاتر في رئاسة الفيفا لكنه خرج بشكل مشين من سباق الانتخابات. والتساؤل هل سحْب ملف تنظيم مونديال 2022 بقطر هو السبب الرئيسى الذى دفع السلطات السويسرية لفتح عمليات اقتحام وتحقيقات للفيفا بناءاً على طلب أمريكى؟ "الأمر يحتاج لزلزال فعلاً إذا ما أردنا إلغاء تنظيم كأس العالم فى قطر" تلك كانت إجابة رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم المستقيل السويسرى "سيب بلاتر" بعد أن سُئل عن ملفى تنظيم مونديالىّ 2018 ، 2022 فى روسياوقطر على الترتيب. وبعد أن أغلق ملف تنظيم مونديال روسيا، بات منح قطر شرف استضافة نهائيات كأس العالم 2022، القرار الأكثر جدلاً وتعرّضاً للنقد في تاريخ الفيفا، بسبب ادِّعاءهم بارتفاع درجات الحرارة ل 50 درجة مئوية، وهو مادفع الفيفا لاقتراح تنظيم المونديال فى الشتاء، وسواء حصلت دولة قطر على هذا الشرف بطرق شرعية أوغير شرعية "جدلاً"، فإن الحرب التي نشبت بين الفيفا وبين اليويفا والعضوين الأبرز فيه "إنجلترا- ألمانيا"، حيال هذا القرار، ليست إلا جولة من جولات الخلاف المستمر على المكاسب التي يسعى الجميع للفوز بالحصة الكبرى منها، وسيكون تاريخ 26 فبراير المقبل على موعد لاختيار رئيس جديد لمنظومة الفيفا والتى سيكون بانتظاره عمل شاق لتطهير البيت الكروى الأكبر من الداخل وتحسين سمعتها من الخارج، ومن بين 5 مرشحين شخصيتان عربيتان وهما رئيس اتحاد غرب آسيا لكرة القدم ورئيس الاتحاد الأردنى الأمير على بن الحسين صاحب الأربعين عاماً، ورئيس الاتحاد الآسيوي البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة صاحب الخمسين عاماً، ليرتفع سقف الآمال العربية فى الاستيلاء على كرسى رئاسة الفيفا خلفاً للمطرود بلاتر.