بحيرات صافية من دمع رقراق كعيون موسى التى تشفى الأسقام والعِلل.. وأنين ناى يترتل فى سماء غائمة بسحب التأمل فيشُق له مجرى من نغم يُهدِىء روع الأفكار.. وغلائل وترية تنساب فى أجواء خريفية رطبة وكأنها تحشد كل الطاقات الايجابية العالقة بالجو كأمطار صيفية لها فرحتها ودهشتها عبر الهواء اللافح. ذلك السحاب الفضى صاحب الأحرف النارية.. ما باله يخطف سحر الشمس الغاربة راسماً فى الافق لوحة مقدسة تتحدى كل ضيق وألم .. جمال صارخ مهيب يشهق فى عَبَدة الحزن ساخراً منهم، آمراً لهم : " أما يكفيكم جمالى أيها التعساء ؟؟ إلقوا بحقائبكم داخل الجُب، وهلموا معى فى وقت الغروب لتغتسلوا من أتربة الوجع، واستقبلوا ذلك الشجن الجميل الموحى الذى يُحرك إلهام المبدعين ويَرثُهم لحظات ثمينة لا تعوض. كيف أداعب شغفكم إذن؟ ومتى تخلدوا برفقتى الخلابة، متناسين ذلك العالم المحدود، فارين إلى عالمى الفضفاض؟ كيف لا وأنا السحاب الطليق ؟؟ ألا تستشعرون نبضاً مختلفاً وسط ركب دقات قلوبكم ؟ فهى دقات مختلفة.. دقات فَرِحة تعتلى صهوة مهرة رشيقة تنطلق مسرعة لتعبر الحواجز وتحصد الجوائز.. قوتها خارقة ورشاقتها ملفتة وإصرارها مبهر. فلتنظروا للخلفية التى تغازلنى فى الأفق.. نخيلُ شامخ به من الدلال ما جعله يميل فى رقة مع تيارات الهواء ليُقَبِل الشمس اللعوب ويلهو بأطرافها النارية الذائبة فى عشقى وأنا السحاب المسافر بين رجاء لحوح وشكوى يتيمة، والله المطلع على أفئدة تتلعثم من فرط الوجع.. وتثق فى ترياق اللحظات الأخيرة. يا الله على هذا السحاب الساحر وعلى حديثه الآسر، له وجهان يتباريان فى الجمال والسحر..أحدهما مجسم كثيف ناصع الفرحة، والأخر فضى متوهج بالغ الألق والسطوة.. وكلاهما يفيضان فى حديثهما الروحانى !! إنه حقاً عالم مختلف .. جنة الله فى الارض التى لا يراها سوى من بداخلهم جمال لا يخبو ولا ينطفىء.. مَن تركوا أرواحهم كالزوارق الممشوقة الطافية بصفحة مياة شلالية هادئة، فهم لا يسبحوا ضد تيار المشيئة، ولا ينفطروا بين جنبات الدنيا المتقلبة، بل هائمون فى ملكوت من الإعجاز والجمال أودعه الخالق بين أركان كونه الواسع، ليكون وسيطاً حانياً يحمل رسائلاً سماوية لها عمقها وفحواها لمن يستدرك وينفذ الى قلبه المضمون الغافى بأحضان الطبيعة الصبورة العاشقة لصانعها . فمن أجاد التأمل والتخفف من طعنات واقعه، أوجد لنفسه سبيلاً يطوف به قلبه طيلة الوقت، ذلك القلب الذى تمنى لو التفت إليه مثل هذا العقل التعيس، ليدفعه الى نسيان منطقية المخرجات الحتمية لمدخلات بعينها.. رويداً أيها العالم الرقمى، هناك مفترقات طرق تُغير دفة الامور وتقلب موازين الأحداث.. إتركها قليلاً لذلك الخفّاق القابع بضلوعك .. الخاضع لأنامل الرحمن . فكم أراد دعواتنا الصادقة، وتضرعنا المخلص، وأعيُنّا غير الجاحدة التى ترى وسط الظلام نوره البراق، موكب من الضياء يُقسِم بإغراق الظلمة وتبديدها فى طرفة عين، لكنه ينتظرنا فحسب حتى تضوى قلوبنا يقيناً وتنتفض أجنحتنا طيراً إلى عرشه فى السماء، فإذا بدعاء قلوبنا يسبق حروفنا وكأنه يُطهِر أنفسنا اليائسة من يأسها ويغزل من رجائها المطمئن معراجاً إلى ضيائه الأبدى ..!! المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية