تعرف على آخر موعد للتقديم بموقع التنسيق الإلكترونى لتقليل الاغتراب    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    96 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي بقنا    وزير السياحة يطلق حملة «إحنا مصر» لتحسين تجربة السائح عبر تعزيز السلوك الإيجابي تجاههم من المصريين    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    فتح باب التسجيل في هاكاثون NeuroNexus للذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء    وزير الري يتابع حالة منظومة الصرف الزراعي وأعمال وأنشطة هيئة الصرف    اعتقال 25 متظاهرا في احتجاجات تل أبيب المطالبة بإنهاء الحرب وإعادة المحتجزين    20 شاحنة مساعدات إماراتية تعبر معبر رفح لدعم أهالي غزة    حماس: مصادقة رئيس الأركان الإسرائيلي على خطط احتلال مدينة غزة إعلان لبدء موجة جديدة من الإبادة    أثناء صيانة ستاد القاهرة.. أين يلعب الأهلي والزمالك مبارياتهم في الدوري؟    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    بث مباشر مباراة منتخب مصر وأيسلندا في بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاما    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    ضبط المتهمين بسرقة هاتف مسن أمام ماكينة صراف آلى في الإسكندرية    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    وصول جثمان تيمور تيمور لمسجد المشير.. وكريم الشناوي أول الحضور    انطلاق العرض المسرحي «هاملت» على مسرح 23 يوليو بالمحلة    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة NILE وتنجح في أول تغيير لصمام أورطي بالقسطرة بالسويس    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع الإمارات ويتابع تنفيذ فرع جامعة الإسكندرية بأبوظبي    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للثانوية العامة والكليات المتاحة    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    شبكة بريطانية : محمد صلاح لاعب استثنائي وتألقه مع ليفربول فاق كل التوقعات    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    سلامة الغذاء: فحص 504 طلبات تظلم وارد من مختلف الموانئ المصرية في أسبوع    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    محافظ القاهرة يترأس الحملة المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات بمدينة "معًا" بحي السلام    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    الخارجية الروسية: نأمل أن يكون المرشح المصري المدير العام الجديد لليونسكو    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    صفقات الأهلى الجديدة قنبلة موقوتة    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    "زيزر صنع فارق وتريزيجيه لم يقدم المنتظر"..نجم الزمالك السابق يعلق على أداء الأهلي ضد فاركو    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    عمرو حسن: وسائل منع الحمل متوفرة فى الوحدات الصحية مجانا وآمنة وفعالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رائحة قربان للقمر
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 11 - 2010

في الخامسة عشرة تزوجت في السادسة عشرة أصبحت أرملة‏.‏ وجه دافق للوجود يموج بتلك الغلالة السحرية لحورية مسها ندي الفجر‏,‏ فراح يدعو ملائكة السماوات أن تهبط أرضا لتلمس طيف وجودها فتعرف معني الصلاة‏.‏ عيون ليست تقبل أن تطبق الجفنين‏,‏ وتحلم علي اتساعها‏,‏ ليست كنساء الأرض لم تجرؤ علي روعة حوريات الجنة‏,‏ ولكنها أيضا كانت أكثر وجودا منهن وكانت لها غلالة سحرية‏.‏
خصها الوجود بشعر يسترسل في الليل‏,‏ وحين يكون الضوء أقل جرأة من البوح‏,‏ يترك به روعة المد والجزر التي لاتنتهي‏,‏فيما بين وقاحة الشمس وخجل القمر‏,‏ يتسلل بروعة خيوطه ويحاذر خوفه‏,‏ خوفه مم؟
زوجها الذي في البداية لم تحبه‏,‏ لم تكرهه لكنه كان زوجها الذي اختاروه لها‏,‏ طيب القلب ومنكسر كان يكبرها ليس قليلا‏,‏ ليس كثيرا‏,‏ وهي بجمالها تتنفس للوجود روعة ليس يملكها‏,‏ وتعتقد أن الوجود لابد أن ينحني ولو قليلا لها‏,‏ وتحنو عليه‏,‏ وإن لم تعرف لماذا؟
صانع قربان الكنيسة‏,‏ يعيد جسد المسيح إلي الوجود كل يوم ليتناوله البشر‏,‏ ويترحمون وكانوا يسمونه قرابني الكنيسة‏,‏ فقير هو‏.‏ ليس لديه ما يقدمه لها‏,‏ طعامه وشرابه وكساؤه من الكنيسة‏,‏ فقيرة هي‏,‏ لم تتطلع إلي الثراء‏.‏ فقد كان محيطها كله فقيرا‏.‏
تعجن القربان وينضجه هو‏,‏ وكانا يرتلان معا‏,‏ ويصليان حين العجين يختمر‏,‏ وحين ينضج ويطلق الرائحة‏,‏ تتصاعد منهما آهة تنسحب إلي آهات‏.‏
هي تعرف كيف للعجين أن يختمر بأنفاسها ويطلق الرائحة قبل أن ينضج‏,‏ هو يعرف متي يشتعل حس النار ومتي يخبو‏,‏ فينضج بينهما حس دفء القربان الخارج من الفرن‏,‏ حين يقترب منها‏,‏ وحين يعانقها‏,‏ وحين يشتعلان كانت تشم رائحة القربان في أنفاسه‏,‏ فصارت تحبه وإلي الرائحة تهفو كأنما الحلم هي‏.‏
حين راح وليدها يدفق بالحياة وينتفض في الرحم‏,‏ كان زوجها يصلي أن يمنح الرب لوليده النور‏,‏ وحين أبصر الوليد النور كان الأب قد لفظ أنفاسه الأخيرة‏,‏ وانداحت في الأفق رائحة لم تعرف كنهها‏,‏ لم تعرف مصدرها‏.‏
لم تحزن‏,‏ لكن حسا من الشجن أكثر عمقا من الحزن سري في كيانها ولم يفارق استباحت لنفسها أن تعذب الوجود بوجودها‏,‏ لم تذبل كالأرامل بلا أمل‏,‏ ولم يخب جمالها كزهرة ترفض الموت‏,‏ راحت تتفتح كل يوم‏,‏ كما لو كان الشجن ينضجها فيزداد بريقها ألقا‏.‏
توالي الرجال يطلبونها‏,‏ لكنها لم تشم رائحة القربان الدافيء فيهم‏.‏ ليس فيهم من له طيبة القلب نفسها أو الانكسارة الحنونة‏,‏ ليس لهم ترتيلة صغيرة في العينين‏.‏
كانت تحتضن وليدها وتعذب وجودهم‏,‏ وربما وجودها أيضا‏,‏ لكن متعة تسري في كيانها بتعذيبهم وبعذابها‏.‏
حين بلغت من العمر الذروة التي حلمت ذات يوم‏,‏ كان شعرها لايزال له روعة المد والجزر‏,‏ وإن كان إلي الأبيض صار‏.‏ وجهها مازال مستديرا وعميقا يهمس غلالته السحرية‏,‏ مسها ندي الفجر الذي لم يفارقها‏,‏ كان القمر كقرص قربان في عميق السماء تنضجه الظلمة‏,‏ ويتجلي بدرا من سطح منزلها البسيط الذي لم تفارق‏.‏ راحت تتطلع إليه عميقا‏,‏ لم يحتمل القمر مرآها سرت فيه رعشة‏.‏
جرؤ‏,‏ راحت أشعته تشتد وتمتص أشعته الغاربة جسدها إلي رحيل الضوء‏.‏
انسل جسدها خيوطا في رهيف رائحة قربان ساخن‏,‏ شهقت شهقتها الأخيرة‏.‏
سألته‏:‏ تري ياقمر من كان قربانا للآخر؟‏.‏
نفس الترتيلة التي كانت لعينيه انداحت في الأفق أريجا لا ينتهي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.