ليس مصادفة أن تأتي إتفاقية تطيبع العلاقات بين تركيا وإسرائيل بعدإعلان أنقره ترحيبها بالإنضمام إلى التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية بشكل مفاجئ، وبالتالي لا يمكن أن يمر الموقف التركي مرور الكرام، في ظل مواقفها المتناقضة خصوصا في الموقف من إسرائيل. ويبدوا أن دماء الفلسطينيين، الذين تتغنى بهم تركيا، وسلطانها "رجب طيب أردوغان" وحتى دماء الأتراك الذين قتلتهم القوات الأسرائيلية وهم على متن السفينة مرمره، على سواحل غزه قبل خمس سنوات، ليس لها أي ثمن، وأنها مجرد "طنطنة" إعلامية تستخدمها أنقره تحت "ولاية أردوغان" من أجل كسب التعاطف العربي والاسلامي. وبدى من توقيع الاتفاق السري بين مسؤولين أترك وأخرين إسرائيلين، ليس للمصالح حدود، بل تقفز على كل الأخلاقيات، وحتى على القيم، وإتضح أن ما تدعيه وتروج له "تركيا – أردوغان" مجدر طنطنة إعلامية، وتظل القضية الفلسطينة مجرد "لعبة" تغازل بها أنقره النفوس العربية والإسلامية. بل حتى دماء الأترك أنفسهم الذين إغتالتهم إسرائيل في عرض البحر، عند محاولة كسر الحصار على الأراضي غزة، تحول الى مجرد حفنة من الدولارات، لاتتجاوز 20 مليون دولار، تدفعها تلب أبيب الى أنقرة، ويتم إغلاق الملف كليا، وتتنازل تركيا عن كل الدعاوي القضائية أمام المحاكم الدولية والاقليمية، والمحلية. ويأتي بعد ذلك وتشارك تركيا في تحالف إسلامي "سني" ضد الارهاب، من جهة وتفتح أبوابها، لكل مختلف العلاقات مع العدو "المفترض" بالنسبة للسلطان أردوغان، وهو إسرائيل، فأي ثقة تلك التي تضعها السعودية في يد أنقره، والمتهمة دوليا بتمويل داعش، وتجارة النفط "الداعشي". ولاشك أن التفاصيل الأخطر في الاتفاق الإسرائيلي التركي، يكشف العديد من عورات نظام "أنقره – أردوغان" فحسب ما تناقلته المصادر القريبة من الاتفاق الصهيوني التركي، أن اتفاق تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب ينص على طرد القيادي في حركة حماس صالح العاروري من تركيا، مع وقف "النشاط الارهابي" لحركة حماس. لاحظ هذا النص جيدا إسم "العاروري" فقد إستغلته تركيا في مرحلة ما عندما تم تحريره من السجون الأسرائلية، وقامت السلطات الاسرائيلية بإبعاده عن فلسطين من نحو 5 سنوات، وإستغلت "أنقره أردوغان" الموقف لتستقبله ليقيم في إسنطبول، ثم تعود اليوم لتبيعه مرة أخرى، وبطلب إسرائيلي، تحت تهمة إسرئيلية، بأنه يقوم بتنظيم مجموعات عسكرية في الضفة الغربية والتخطيط لعمليات ضد اهداف إسرائيلية. والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل مصالح تركيا فوق الجميع، والحديث عن القضية الفسلطينية ، لبس إلا "شو" يمكن أن يظهر في لحظة ما، وعند الطلب، وعند الأزمات، فالموقف التركي، فقد أعلن جهاز الإستخبارات الاسرائيلية أن تركيا وافقت على طلب تل أبيب، وطلبت من قيادة حركة حماس المتواجدة في تركيا تقليص نشاطاتها العسكرية ضد إسرائيل. وعندما نربط كل المواقف التركية، في افترة الأخيرة، فسرعة موافقة تركيا على الإنضمام الى التحالف الإسلامي، الذي جاء في أعقاب مطالب أمريكية بتكوين قوة إسلامية قوامها 100 ألف جندي، و سرعة إنجاز إتفاقيات التطبيع مع تل أبيب، والموافقة على الطلب الإسرائيلي، بطرد العاروري من إسطنبول، والتشديد على قادة حماس بعدم ممارسة أي نشاط ضد مصالح إسرائيل، والعلاقات "تل أبيب –أنقرة"، مع قراة كل ذلك ذلك، سنجد أن هذا جاء تفادي أي تحرك أمريكي لتأكيد اتهام تركيا بدعم "الإرهاب"، والوقوف معها في معركتها مع روسيا. ولا أحد يضع آمالا في مساعي خالد مشعل الذي من المقرر أن يزور تركيا قريبا للوقوف على الإجراءات التي تتم تجاه الحمساويين، ومن المؤكد أن مشعل يعلم،أن تركيا لم تمت يوما سندا حقيقيا للقضية الفسلطينية، ولا لأي قضية عربية، ولاحتى إسلامية، وأن أردوغان ونظامه "المتأسلم" ليس سوى حامل بوق، في الأفراح والمآتم. حتى الحديث عن دماء قتلى "مرمرة" عام 2010، كانوا جزءٍ من محادثات سويسرا السويسرية، حي ثتم وضع صيغة نهائية لاتفاق يقضي بدفع إسرائيل 20 مليون دولار تعويضا لأسر القتلى، أثناء عملية اقتحام الجنود الأسرائيليين للسفينة التركية، إلى جانب إعادة سفيري البلدين، وبدء محادثات حول تصدير غاز المكتشف قبالة سواحل قطاع غزة إلى تركيا بعد التوقيع على الاتفاق. في ضوء هذا وفي ظل توتر العلاقات التركية مع العديد من دول المنطقة، هل من الممكن تصبح حليفا في تحالف بالأساس موجه ضد الارهاب، بغض النظر عن صلاحية وديمومة هذا التحالف، الذي جاء في سياق نفس سياسات محاربة الارهاب أمنيا، دون معالجة مسبباته.