يعرفها طلابها بالأستاذة الجادة العليمة فى تخصصها فى الحضارة، ومن قبلها الطالبة المجتهدة، إبنة السفير وتربية مدارس الخواجات التى تجيد ستة لغات. يعرفها العالم بأنها زوجة نصر حامد أبو زيد المفكر العربى الذى أثارت مؤلفاته الجدل سنيناً طويلة، والتى إرتضت النفى معه خارج البلاد منذ 1995 وحتى مماته، وبالتالى قد يراها البعض أنها زوجة الزنديق، ويراها البعض أنهابطلة زوجة بطل. أعرفها كزوجة خالى نصر لأن نصر أبو زيد هو إبن عم أمى، وكعادة الفلاحين كل قريب للأم هو خال.ولأنه لم يكن لى أي خال حقيقى، كان هو فى السنوات القليلة التى عرفتها فيه خال بمعنى الكلمة بكل حنانه واتساع روحه. وحين رأيتها للمرة الأولى فى 1993 كانت هى زوجة الخال، الشابة الرشيقة الأنيقة المثقفة سريعة الحركة لدرجة العصبية التى تتحدث كل اللغات وتدخن وتقود السيارة وتبدو وكأنها تدير كل شيء وتقول ما يأتى على ذهنها إذا ما تم استفزازها لدرجة الصدمة. تحتاج أن تفهم د. ابتهال جيداً لتراها كما رآها نصر أبو زيد. وإن كنت تثق به لابد وأن تكون متأكداً أنها "ست الستات" ليفضلها عن كل نساء العالم، فقط عليك أن تنظر لها بنفس النظرة الشمولية التى كان ينظر بها الى العالم.بالعقل والقلب والروح، فهى كثيفة ومركبة، حادة وبسيطة، حنونة وذكية، حرة القلب وأسيرة الحقيقى من الحب. فى بيتها تجد ريفية قحافة وأوبيسون فرنسا وصورة دونكيشوت يحارب طواحين الهواء، معاً. فى الأزمات، وكثيرة هى، لا يقل نقاء ذهنها ولاعنايتها بكل التفاصيل حتى وهى مقطبة الجبين، تصمت وتعرف أنها تحتمل الصعاب فى صمت من تعوَد أن يكمل ماعليه الى النهاية حتى وهو يائس. حين مات الخال، كان أمامها أن تعترف بموته وتعلن موتها معه أو تحييه وتحيا معه، هى تؤمن بأنهما جسدين فى روح واحدة. فأحيت كل تراثه التى تؤمن أننا نحتاجه أكثر من أى وقت مضى حتى لو اختلفنا معه ونقدناه، المهم أن نفعل بالمنهج والعلم ودون عنف وأنشأت مؤسسة نصر حامد أبو زيد للدراسات الإسلامية ، بمحاضرات ومنح وجوائز ومكتبة، مشروع صعب فى زمن شائك تدفع فيه ما بقى من خلايا جسدها النحيل وأعصابها المحترقة. الآن وهى ترأس قسم اللغة الفرنسية بكلية الاداب جامعة القاهرة تٌهلك الباقى من صحتها، تعلم بأن الوضع أسوأ مما نعتقد محلياً وإقليميا وعالميا، وتعرف بمنهجها العلمى كأستاذ الحضارة بأنه منذ ترك الفلاح المصرى أرضه وهاجر للخليج وعاد ليجرف أرضه ويبنى عليها "بالمسلح" أن ثمة خطب جلل قد طرأ على الشخصية المصرية وغيّرمن جيناتها، وتشعر بالإغتراب فى بلد تعشقه رغم ما لاقته فيه من أذى ولاتزال تخدمه ،ورغم هذا كله إلا أنها تفعل كل مابوسعها حتى النهاية ولاتخشى شيئاً. "خالك كان مريضاً بداء التفاؤل، أما أنا فعقلانية. لماذا أصمد وأقاوم؟ لأنه ليس لدىّ ما أخسره. أنه لم يكن لى إبن من بطنى ميزة وعيب. الميزة أننى لا أجبن.والعيب أن الكل يصبح أولادى فأحزن لكل واحد منهم! حيموتونى مثلا؟ أصلاً خالك وحشنى!" المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية