تحت عنوان العلاقة بين التعصب الدينى ودراسة العلوم التطبيقية: إسهامات نخب "الإخوان" العلمية فى النشر الدولى هزيلة للغاية الباحث: يندر أن تجد بينهم علماء مشهود لهم بالكفاءة والمكانة المرموقة دوليا المتخصصون فى العلوم الدينية داخل الهرم القيادى للجماعة لا يزيدون عن شخصين رامى الحضرى انتهت دراسة علمية حول العلاقة بين التعصب الدينى ودراسة العلوم التطبيقية (دراسة حالة عن الإخوان المسلمين) إلى أنه عندما تتوغل فى الأصولية الدينية فى مجتمع علمى يصعب أن تجتذب الأشخاص الأكثر تأثرا بالتفكير النقدى، بل فقط المخلصين للدين ولعلاقات الولاء داخل الجماعة الدينية، وهؤلاء يكفى فقط أن يحققوا من العلم ما يعزز مشروعهم الدينى، ويتقلص ارتباطهم بالعلم إلى حدود مظهره فقط. وبينت الدراسة الصادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، وأعدها الدكتور سعيد المصرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، بأنه يندر أن تجد من بين هؤلاء علماء مشهود لهم بالكفاءة والمكانة العلمية المرموقة دولياً ولا يوجد منهم حاصلون على جوائز علمية عالمية. وقالت الدراسة: يكفى البحث فى النشر الدولى عن إسهامات تلك النخبة العلمية لنجد أنه هزيل للغاية، وبذلك تصبح النخبة العلمية داخل التنظيمات الدينية الأصولية مجرد ثوب علمى على جسد مفعم خادع يضفى بريقاً باليقين الأيديولوجى. وأضافت: عندما نتأمل الخلفية التعليمية لما يقرب من 43 قيادة بارزة داخل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، سنجد أن 30 شخصا منهم حاصلون على شهادات جامعية فى العلوم الطبيعية، أبرزها الطب والهندسة والعلوم بنسبة تصل إلى 70%. وأوضحت أنه وفى مقابل هذه النسبة السابقة، هناك 8 أشخاص فقط من قيادات الإخوان فى مصر تخصصوا فى مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية بنسبة تقدر بنحو 19%، إلى جانب خمسة أشخاص فى مجالات أخرى، ومن بين المتخصصين فى العلوم الطبيعية حصل 21 منهم على درجات علمية أعلى وهى الماجستير والدكتوراه بنسبة 49%، خمسة منهم على الأقل حصلوا على تلك الشهادات من جامعات غربية. ولفتت الدراسة إلى أن من المفارقات أن يكون إجمالى عدد المتخصصين فى العلوم الدينية داخل الهرم القيادى لجماعة الإخوان لا يتعدى شخصين فقط وهما: عبد الرحمن البر، وسيد عسكر. وتوضح الدراسة أن هذه الأرقام تشير إلى أن المرتكز الدينى لأكبر جماعة إسلامية تنهض بقوة على قاعدة من التعليم العلمانى المتخصص فى العلوم الطبيعية، وليس التعليم الدينى أو العلوم الشرعية أو تخصصات العلوم الاجتماعية، ولا يوجد بطبيعة الحال أى شخص فى الهرم القيادى للإخوان له خلفية تعليمية فى مجال الفلسفة أو الأدب العربى. ويشير الباحث إلى أن هذا يطرح قضية للمناقشة حول العلاقة بين العلوم الطبيعية والأصولية الدينية والتشدد الإسلامى، وكيف لأشخاص يتدربون على المنهج التجريبى فى العلوم الطبيعية أن يكونوا متعصبين ومتطرفين ويكونوا صورة ذهنية للمجتمع الذى يعيشون فيه تنحو إلى التعصب، وفى حلمهم بمجتمع إسلامى متخيل؟ أو بعبارة أخرى كيف تنتج النظرة الاحتمالية للطبيعة نظرة حتمية للوجود الإنسانى وتغذيه بغيوم أيديولوجية؟ وترى الدراسة أنه يمكن تفسير هذه الظاهرة من زوايا متعددة أبرزها مدى مساحة الحرية السائدة والتى تنعكس على شكل العلاقة بين العلم والدين فى المجتمع بصفة عامة، وفى داخل التنظيمات الدينية بصفة خاصة، ففى المجتمعات التى تعلى من شأن الحرية يتسع أفق التفكير النقدى وينحسر التفكير اليقينى، وفى المجتمعات التى تضع قيودا على حرية التفكير يطغى التفكير اليقينى ويتضاءل التفكير النقدى. وفى ظل هذه القيود يتحول العلم إلى حرفة ويصبح الباحث أشبه بالحرفى الذى يجيد صنعة استخدام قواعد المنهج العلمى ويحفظها عن ظهر قلب وبصورة نمطية متدينا وحين يصبح الباحث أصوليا يتحول الدين فى حياته إلى رسالة ومحور لرؤية العالم ككل، يتم بموجبها توظيف العلم لإثبات المعتقدات والقيم المطلقة فى الدين. وتشير إلى أن هذا ما حدث داخل المجتمعات العربية منذ السبعينيات من القرن الماضى فيما يعرف بمحاولات أسلمة المعرفة، ودعاوى العلم والإيمان والإعجاز العلمى فى القرآن والتى كان يروجها متعلمون ومتخصصون فى علوم الطب والجيولوجيا والفلك والهندسة فى ظل عجز رجال الدين عن تطوير خطابهم.