: حزب أردوغان.. وتلاشي حلم تركيا الاقتصادي يشهد حزب العدالة والتنمية تراجعا ملحوظا لشعبيته في الشارع التركي وعزوفا عنه منذ 2009، خاصة من أبناء صفوف الطبقة المتوسطة من المجتمع وجيل الشباب لصالح الأحزاب الأخرى، حيث تشير آخر استطلاعات للرأي إلى أن حزب أردوغان سيمنى بنكسة بخسارته عددا من المقاعد في انتخابات الأحد التي حظي بها في صناديق الاقتراع في يوليو الماضي، بحسب ذكر "سكاي نيوز عربية". وتشير المصادر إلى أن السياسة السلطوية التي ينتهجها أردوغان هي السبب وراء أفول نجم الحزب في الشارع التركي من الطبقة الوسطى وجيل الشباب، إضافة إلى مسلسل الفضائح التي طالت عددا أفراد عائلته واستشراء الفساد داخل أوصال قيادات الحزب ورموزه، إضافة إلى انتهاجه لسياسات اقتصادية خاطئة جرت البلاد لويلات اقتصادية. وخلال الأعوام الماضية تخندقت الطبقة المتوسطة، التي كوّنها حزب العدالة والتنمية وخرج من رحمها، في جبهة معارضة تتحدى مسلك الحزب المشبوه في السلطة والسطوة السياسية بعد توليه سدة الحكم في عام 2002 وخروجه عن أدبيات حزب الرفاه الذي خرج من تحت عباءته. فقد أصبح الشباب ممن خرجوا من الطبقة الوسطى يشكلون حجر عثرة أمام الحزب خاصة عقب موجات من الاحتجاجات التي عمت المدن التركية ضد الحزب وسياساته، بعد أن قوض أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية من نفوذ المؤسسة العسكرية، كما بسط هيمنته على القضاء والأجهزة الأمنية لتجييرها لصالحه ولصالح حزبه. ومما عمق الهوة بين الحزب ومناصريه وفقدانه للمصداقية لدى الشارع التركي، التعنت الكريه في نهج الحزب وسياساته الإقصائية لأي خروج عن إرادته، ومحاولاته تكميم أفواه الأحزاب المعتدلة والمعارضة له، إضافة إلى سلسلة الحملات الأمنية والقضائية المشبوهة التي يشنها ضد رموز النخب السياسية والعسكرية لترهيب الآخرين. طفرة اقتصادية محدثة ووفقا لفرضية الحداثة، شهدت تركيا منذ ركوب حزب أردوغان موجة السلطة طفرة اقتصادية وتعزيزا للطبقة المتوسطة في البلاد، ليرتفع بذلك سقف مطالب الطبقة لمزيد من الديمقراطية والبحبوحة السياسية. إلا أن سياسات حزب العدالة والتنمية قمعت كل الدعوات والأصوات المطالبة بإثراء الحكم الرشيد والديمقراطية. وسرعان ما بدأت هذه الطفرة الاقتصادية بالانحسار، مما ولد المخاوف لدى أبناء ذلك النسيج الاجتماعي الهش والمتخلق من الطبقة الوسطى من خسارة المكتسبات التي حققتها لتتلاشى إلى صفوف الطبقة الكادحة وتدفع بها إلى أتون من الفقر. وتشير البيانات الاقتصادية مؤخرا عن زيادة في معدل تصفية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في حين أمست مشاريع أخرى رهينة لشبح المديونية والإغلاق بسبب حالة الكساد الاقتصادي التي باتت تعيشه البلاد. فقد تراجعت الليرة التركية أمام الدولار الأميركي بحوالي الثلث خلال العام الماضي مما أضعف القوة الشرائية للعملة التركية. كما كشف مؤشر التنمية البشرية للبنك الدولي أن تراجع تركيا بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي قياسا على ما كانت عليه في عام 2011. انحسار جغرافية العدالة والتنمية ولم تنحصر خسارات الحزب لقاعدته الشعبوية على المستوى الديمغرافي فقط، إلا أنه بدأت شعبية الحزب بالتآكل جغرافيا بتراجع أرصدته في الدوائر الانتخابية على امتداد البلدات الساحلية للبحر الأسود غربا ومناطق شرقي المتوسط لصالح الحركات القومية إضافة إلى خسارته لورقة الأكراد في الجنوب الشرقي للبلاد. فقد أصبحت الأحزاب الأخرى هي الملاذ للفارين من جيل الشباب والطبقة الوسطى نفورا من الصورة المسيخة لحزب العدالة والتنمية الذي شرع بالانحسار بعد الأزمات التي أحدثها نهجه السياسي والاقتصادي على السواء. ورغم الصورة المشوهة التي حظي بها حزب العدالة والتنمية لدى سواد الطبقة المتوسطة، إلا أن الحزب ما زال يحظى بقاعدة لشعبية بين شريحة الطبقة العاملة خاصة في ضواحي المدن التركية الكبرى منذ صعود نجمه طوال 13 عاما.