في أواخر سبتمبر الماضي عقد وفد من الخارجية الصينية اجتماعًا مغلقًا من مقر الأممالمتحدة في نيويورك مع وزير الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين، حيث أخبره بأن "بكين ستصوت لصالح حصول أوكرانيا على مقعد في مجلس الأمن" بالرغم من حملة روسيا للإطاحة بطموحاتها، وفقًا لما ذكره دبلوماسيين على دراية بالاجتماع. ورأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن هذه الخطوة تعد انتكاسة دبلوماسية بالنسبة لروسيا والتي سعت وربحت بدم الصين لها بمجلس الأمن في صراعاتها الجيوسياسية والأيدلوجية مع الغرب.
كما أرسلت إشارات واضحة حول أن أقرب حليف لروسيا في الأممالمتحدة على استعداد لمتابعة مصالحها حتى لو على حساب روسيا.
دائمًا ما كان ينظر إلى الصينوروسيا على أنهما شركاء استراتيجيين يسعيان لمحاذات أصواتهم في الأممالمتحدة إلى أقصى درجة ممكنة، من ناحية ليكونا بمثابة فرامل لتوقيف القوة الأمريكية، ولكن بقاء هذه الشراكة يعود على الصين بتكلفة كبيرة، بطريقة تهدد مصالح الصين التجارية مع الشركاء من الشرق الأسط إلى أوكرانيا.
فمنذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، سعت الصين إلى روابط تجارية مع أوكرانيا، حيث أصبحت هذا العام أكبر مستورد للذرة الأوكرانية متخطية الولاياتالمتحدة.
وفي المقابل حصلت أوكرانيا على 177 صوتًا من 193 صوتًا في مجلس لأمن، ولكن لن تمتلك كيف حق الفيتو مثل روسياوالولاياتالمتحدة.
ومن جهة أخرى، قال دبلوماسي رفيع بمجلس الأمن: إن "بكينوروسيا لايزالان ينحازان في بعض القضايا المتعلقة بإيران وكوريا الشمالية"، مشيرًا إلى أن هذا الانحياز قد ضعف قوته حيث تتباين أولويات كلا الدولتين حول مجموعة من القضايا مثل جنوب السودان وأوكرانياوسوريا، حيث تفضل بكين حملة دبلوماسية مكثفة لإنهاء القتال في سوريا في الوقت الذي اختارت فيه روسيا الحل العسكري.
وأضاف الدبلوماسي أنه من غير المرجح أن يحدث تحول جذري في المستقبل القريب مع روسيا، ومع ذلك فإن الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون يشجعون الصين على أن تنأى بنفسها عن روسيا من أجل تثبيط ميول الرئيس الروسي العدوانية، فإذا نجحت هذه الجهود في إضعاف التحالف بين بكين وموسكو، ستستطيع الولاياتالمتحدة وحلفاؤها تطبيق ضغوطًا متزايدة على روسيا للحد من أنشطتها العسكرية في سورياوأوكرانيا.
فالتحالف الروسي مع الصين في مجلس الأمن دائمًا ما وقف عائقًا أمام الطموحات الأمريكية في الأمم المتخدة ومنعت واشنطن من المضي قدمًا في بعض القضايا الأمنية الدولية الأكثر إلحاحًا اليوم، حيث أدى الفيتو الصيني إلى رفض قرار بإجبار الأسد عن التنحي عن السلطة والتحقيق في جرائم حرب وحشية في سوريا، فضلًا عن رفض فتح تحقيق في مجلس الأمن لمناقشة انتهاكات حقوق الانسان في كوريا الشمالية التي تدعمها روسيا.
وخلال فترة رئاسة بوش، منعت القوة الصينية الروسية المبادرات الأمريكية لإدانة حقوق الإنسان في بورما عام 2007 وزيمبابوي في 2008، وعلة مدى عدة سنوات عملوا معًا للحد من نطاق عقوبات الأممالمتحدة ضد ايران ومنع المجلس من مواجهة منتهكي حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وفي ديسمبر 2014، لم تحضر الصينوروسيا اجتماع دعت إليه سفيرة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن "سامنثا باور" لمناقشة الحالة المتردية في دارفور، كما قاطعوا أيضًا اجتماع استضافته ليتوانيا حول مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة في أوكرانيا.
ومع ذلك، ظهرت علامات قوية على توتر العلاقة بين البلدين بعد بدء الغارات الروسية على سوريا الشهر الماضي، ففي وقت سابق من هذا الشهر صوتت الصين مع الغرب ضد تشديد العقوبات على الأطراف المتحاربة جنوب لسودان والمساعدة على إنشاء محاكم جرائم حرب فيما امتنعت روسيا عن التصويت.