من حق المجتمع أن يجد في القيادة السياسية من يمثل طموحاته وتطلعاته ويلبي احتياجاته، من حق المجتمع أن يختار من يمثله في أي منصب قيادي طالما أنه في هذا المكان سوف يقرر في مصالح وشؤون البلاد والعباد ، من حق المجتمع أن يرفض تلك المعايير النمطية في اختيار من يتولى زمام الأمور في الدولة على شتى الأصعدة كانت سياسية أو اقتصادية او اجتماعية .. إن معايير اختيار رؤساء الحكومات والوزراء والمحافظين وحتى رؤساء الأحياء في مصر منذ عقود وحتى الآن، بعيدة أغلبها كل البعد عن معايير الكفاءة والتخصص والإبداع أو حتى " الأخلاق " في بعض الأحيان .. حيث تنحصر غالباً تحت شعار الولاء أو التوريث أو " المكافآت " .. فمنذ عصر مبارك وسياسات الحزب الوطني في تقسيم الحقائب الوزارية ، مروراً بحكم الرئيس السابق محمد مرسي والعمل بمبدأ الثقة قبل الكفاءة ، وحتى فترة حكم الرئيس السيسي حالياً وتعاملها مع المناصب القيادية .. عقلية واحدة تقريباً لم تتغير حتى وان اختلفت بعض الشئ !! شاهدت مساء الجمعة لقاء للدكتورة ثريا البدوي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، في حوار معها على قناة الحياة تتحدث فيه ضمن حملة لاقت رواجاً كبيراً مؤخراً باسم " من حقي أكون وزيرة " لدعمها لتولي حقيبة التعليم العالي ، وفي الحقيقة هذه الحملة لم تكن جديدة عليّ شخصياً فتابعتها منذ انطلاقها إبان ثورة يناير عام 2011، كما هو ليس جديداً عليّ أيضاً شخصية الدكتورة ثريا البدوي حيث كانت أستاذتي في كلية الإعلام حينما كنت طالباً بها ، كانت تدرّس لنا مادة " الإعلامي الدولي " ، وتكاد تكون أفضل المواد على الإطلاق التي كنا نستمتع بمحاضراتها لبراعة أستاذة المادة في شرحها بطريقة متميزة بعيدة عن طُرق الشرح النمطية التي ينتهجها كثير من الأساتذة ، فضلاً عن أن مادة الإعلام الدولي كانت تسمح لأستاذتها " د. ثريا" بمتسع كبير من الحديث عن أسباب هذه الفجوة الكبيرة بين بلاد الوطن العربي وبلاد الغرب في شتى المجالات .. د.ثريا البدوي تحدثت عن بعض أفكارها وتطلعاتها لقطاع التعليم العالي في مصر وأهم قراراتها في حال توليها منصب وزير التعليم العالي ، وأشارت الدكتورة خلال لقائها بالإعلامية " لبنى عسل " على قناة " الحياة " إلى أهمية التنسيق بين الوزارات من أجل تطوير منظومة التعليم في مصر بدءاً من مرحلة التعليم الأساسي وحتى الجامعي والدراسات العليا.. تحدثت أيضاً " د.ثريا " عن تجربتها التعليمية في كندا وعن مدى ثبات السياسة التعليمية في الغرب، على عكس تغيرها في بلادنا نسبياً أو جذرياً مع كل وزير يأتي يريد أن يهدم ما بناه من قبله أو يحاول أن يثبت أنه الأفضل ولو بقرارات وسياسات خاطئة ! أتفق مع الدكتورة ثريا البدوي في كل ما تتبناه من رؤى وأفكار تجاه المنظومة التعليمية تحديداً ، وبصرف النظر عن حملة " من حقي أكون وزيرة " فأنا أدعم دعوة الدكتورة أيضاً للقيادة السياسية في البلاد لتبني تلك الأفكار التي طرحتها حتى وإن لم يأتوا بها وزيرة .. وأختلف معها في تولي المرأة وزارات سيادية كالدفاع مثلاً أو الداخلية أو الخارجية ، فالمرأة لها طاقة محدودة لن تضاهي بها الرجل كما أكدت هي على ذلك في كلامها خلال اللقاء وأنها ترفض أن تكون المرأة " الند بالند " للرجل .. وأخيراً على القيادة السياسية في البلاد أن تفكر في معايير أخرى غير نمطية، ومختلفة عن الموجودة حالياً في اختيار من يتقلدون المناصب القيادية بدءاً من رئيس القرية وحتى رئيس الوزراء . المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية