خواطر داعية مصر للحب.. أم للمتفجرات والسجون؟! روى أبو حاتم الرازي عن عبد الملك بن عمير قال: "دخلت القصر بالكوفة سنة 61ه فإذا رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما علي ترس بين يدي عبد الله بن زياد وعبد الله بن زياد علي السرير ( أى سرير الملك ).. ثم دخلت القصر بعد ذلك بحين سنه 67ه فرأيت رأس ابن زياد علي ترس بين يدي المختار الثقفي والمختار علي السرير.. ثم دخلت القصر بعد ذلك بحين 67ه أيضاً فرأيت رأس المختار علي ترس بين يدي ابن الزبير ومصعب علي السرير.. ثم دخلت القصر بعد ذلك بحين 71هجرية فرأيت رأس ابن الزبير علي ترس بين يدي عبد الملك بن مروان وهو علي السرير فرأي عبد الملك مني اضطرابا فسألني فرويت له القصة كلها.. وقلت له: وهذا رأس مصعب بين يديك فوقاك الله يا أمير المؤمنين قال: فوثب عبد الملك وأمر بهدم الدار علي ما فيه". · تهزني هذه القصة كلما قرأتها وتدبرتها.. فالدم لا يولد إلا الدم.. والعنف لا يولد إلا العنف.. والقتل لا يولد إلا القتل.. والمتفجرات لا تزرع وروداً ولا تجني أزهاراً ولكنها تزرع الموت والخراب والدمار في كل مكان. · والكراهية تولد الكراهية.. والشتائم والسباب يولد الأحقاد.. والإقصاء المتبادل يولد تربصا.. لن تزرع المتفجرات وتفجر خصومك ثم تفترض فيهم الملائكية ليرحموك أو يشفقوا عليك أو يعدلوا معك.. فما دام قد طاش عقلك ولجأت للعنف والسلاح فلن تجد منهم إلا الشطط والقسوة والعنف. · ازرع الرحمة تجدها.. ازرع العفو ستجده..ازرع السكينة والتسامح ستلقاهما.. اهدم المباني التي يعيش فيها خصومك السياسيين سيهدم بيتك.. فجره سيعاملونك بالمثل. · هذه هي قواعد الحياة الواقعية التي نعيشها.. لن تجنى الحب إلا إذا زرعته.. ولن تجد اليسر إلا إذا بذرته.. لن تجد الود إلا إذا بذرت بذرته وتعاهدتها.. فالسيوف والبنادق والرصاص لا تخلف زهوراً ولا رياحين ولكن تخلف الدماء والأشلاء والآهات.. والمتفجرات تخلف أشلاءً ممزقة ويتامى وثكالى وأرامل.. فضلا عن سجن أبرياء وتوسيع دائرة الاشتباه وأخذ الناس بالشبهات أو إهمال الناس في السجون حتي يموتوا.. وكل ذلك لن يخلق إلا الكراهية والأحقاد وموجات التكفير ورغبات الانتقام والثأر بين الطرفين. · كلنا يصنع متوالية الدماء التي ذكرها القرآن "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ". · وعلي الحركة الإسلامية أن تقطع هذه المتوالية الدموية قبل أن تقطعها وتمزقها وتأتي علي آخر فرد فيها إما سجنا ًأو هروبا ًأو قتلا ً أو إعداما ًأوتصفية. · خذوا عبرة من كل الجماعات التي حملت السلاح وانتهجت العنف من قبل.. لقد أضرت نفسها وأوطانها ودينها وشبابها ودعوتها والدعوة الإسلامية.. ولم تحقق لنفسها ولا وطنها ولا دينها خيرها.. ولم ترفع ظلما بل زادته.. ولم تجلب مصلحة بل ضيعت كل المصالح.. ولم تحرر سجينا بل زادت السجناء عدداً ورهقا وعنتا ً. · متواليات الدم والتفجير والاغتيالات والعنف لن تحرر السجناء ولن تفك حبل المشنقة عن أحد بل ستحكم الحبل حول أعناقهم.. ولن تسقط الدولة بل ستزيدها عناداً وصلفاً وإجراءات استثنائية.. ولن تعيد مرسي إلي الحكم والشرعية.. فالشريعة وحقن الدماء أبقى من أي شرعية.. فلتذهب الشرعية إلي الجحيم إذا كان ثمنها آلاف القتلى الجرحى والأرامل واليتامى والثكالى والسجناء الذين يزداد وضعهم سواء كلما دوت المتفجرات وزمجرت الرصاصات. · فليترك الجميع متواليات التفجيرات والإعدامات والاغتيالات والتصفيات والسجون.. ولنصنع جميعاً متوالية رحيمة حكيمة عطوفة رفيقة هي"متوالية الإحياء" "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا". · ولنفعل جميعا ً"متواليات العفو" التي حث عليها القرآن في 19 آيه " فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ " "فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ". · ولنذهب جميعاً إلي "متوالية الحب" التي غزا بها عيسي عليه السلام الكون كله حتي بلغ المنتهى في الإحسان هاتفا ً" أحبوا أعدائكم وباركوا لاعنيكم". · لقد كانت الكنيسة المصرية ذكية حينما قال قادتها بعد حرق الكنسية بعد فض رابعة بالقوة "نحن نصلي من أجل الذين حرقوا كنائسنا".. فأعيدت الكنائس أفضل مما كانت ولم يدخلوا في صراعات أو حروب أو ثارات أو عداوات مع أحد. · ولو أنهم وقتها قالوا: "سنحرق من حرقها وندمر من دمرها.. ونقتل من آذانا" لدخلوا في دوائر الثأر والانتقام والكراهية ومعارك عبثية لا تنتهي. · فالحب والعفو هو أعظم قوة ناعمة على الأرض والحب أقوى من كل أسلحة الأرض .. والعفو أمضى بأسا ًمن الانتقام. · وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعفو عن قريش التي عذبته وأصحابه مبلغا ً لم يبلغه أحد.. إنه أقوى الناس وهو يغمد سيف الانتقام ويهتف بشعار العفو "اذهبوا فأنتم الطلقاء". · وهذا يوسف عليه السلام يخلد ذكره في أهل الأرض والسماء بعفوه عن إخوته وإحسانه لمن أساء إليه "لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ". · ازرعوا الحب بدلا ً من المتفجرات.. ازرعوا الحب بدلا ً من بناء السجون.. ازرعوا الحب بدلا ً من الكراهية والصراعات السياسية حول مناصب زائلة. · المحب الرحيم أقوى إنسان والكاره لا يكره خصومه السياسيين وحدهم ولكنه سيكره نفسه في النهاية وهو أضعف الخلق وإن ملك مفاتيح الكون كله. · أحبوا الله "المحبوب الأعظم" سبحانه بحق وهذا الحب سيجعلكم تحبون الناس جميعا ًحتى خصومكم السياسيين.. وتحبون الناس جميعا ً. · فماذا ستجني إذا أظهرت عجز الدولة.. ماذا تجني إذا فجرت كابل كهرباء أو قنصلية أو مبنى للشرطة. · لن تجني إلا السجون والمقت والكراهية والتضييق على أبناء وطنك وزرع اليتم بينهم.. وستحرض خصومك وتؤزهم أزا ًعلى الإساءة إليك وتعذيبك وقهرك وتجاوز كل القوانين والأعراف في مواجهتك. · الحب يصنع الأصدقاء والكراهية والمتفجرات والسجون تطفش الأصدقاء وتصنع العداوات. · الحب هو الذي يصلح للدعوة إلى الله.. والكراهية تقتل الدعوات .. الحب سيحل مشكلات الحركة الإسلامية والكراهية والدماء ستعقدها · الحب سيصنع للإسلاميين عرشا ً دائما ً على القلوب.. والكراهية والمتفجرات ستصنع حواجز من الكراهية والمقت وستزيل كل النعم بعد أن أزالت العروش وحرقت المقرات وأدخلت الآلاف السجون. · الدعوة إلى الله"حب" والهداية مبدؤها "الحب".. والخير كله في"الحب".. والصلح أساسه "الحب".. والتوافق والتعاون أصله "الحب".. والفرج والسعة لن يأتي إلا ب"الحب". المشهد لاسقف للحرية المشهد لاسقف للحرية