من قال لكم أن الأقباط سيمثلون كتلة تصويتية واحدة فى انتخابات مجلس النواب المقبلة؟ السؤال أتوجه به إلى كل المتاجرين بقطاع كبير من الناخبين المصريين،الذين يوهمون المرشحين والرأى العام بخرافة الكتل التصويتية الموجهة وهم فى قرارة أنفسهم يسعون إلى حالة جديدة من الاستقطاب السياسي والديني الذى أسقطه المصريون بثورة 30 يونيو،بعد أن اختلقه الإخوان فى استفتاء 19 مارس 2011 المضلل، وعززته الجماعة بتحالفاتها ولعبها على عورات المجتمع فى انتخابات برلمان 2011 – 2012 المنحل بحكم قضائى. كما أستثير بنفس السؤال عقول الناخبين الواعين الحريصين على مصلحة هذا الوطن، والذين لم يخلصوا حتى الآن من إرهاب جماعات منظمة تستهدف تفتيت المنطقة كلها والقضاء على جيوشها وتشتيت شعوبها، وضمائر الموهومين باستمرار دور مزعوم لما تسمى بلجنة المواطنة بالكنيسة وتدخلها فى العمل السياسي، متناسين أن حالة الاستقطاب سقطت تماما ولم يعد هناك خوف لدى الأقباط أو أى فئة تم تمييزها دستوريا بحصة مقاعد برلمانية، من تكتلات سياسية أو دينية متطرفة تسعى لشق الصف الوطنى مجددا. وبدلا من انتباه هؤلاء وأولئك إلى حقائق على الأرض لا تنكرها العين المدققة، تتعلق بأوضاع المواطنين الذين هم صلب العملية الانتخابية وأساس نجاح الاستحقاق الثالث المنشود، تؤكد أنهم بعيدون عن التفكير فى السياسة والانتخابات لصالح انشغالهم بلقمة عيش تهمل الحكومة توفيرها لهم،ومسكن ملائم تتجاوز أسعاره مئات الآلاف، ووظائف لاتزال أسعارها محددها طبقا لمكانها، يذهبون إلى الرهان على خروج الناخبين للتصويت وتأييدهم دون حضورهم برؤية تشريعية ورقابية يبنون بها المستقبل ويترجمون بها مواد دستور 2014 إلى واقع. بل إن هؤلاء يعتقدون أن الأقباط مميزون اجتماعيا وماديا ولا ينقصهم احتياجا يعانى منه المصريون كافة، ويتجاهلون حقيقة أن فكرة التكافل الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع المصري بمسلميه ومسيحييه لاتزال وحدها تضمن الحد الأدنى من الكفاف لتلك الطبقات البسيطة والمهمشة التى أهملتها الحكومة ولم تفكر أو تراجع يوما أسباب ثورتها مرتين على حكم مبارك والإخوان. حتى النخب السياسية داخل الأحزاب والتحالفات تضع فى حساباتها أن تراعى اختياراتها لمرشحيها قبول كتلة الأقباط فى دوائرهم بهم، وكأنهم يريدون تصوير الناخبين على أنهم رعايا وليسوا مواطنين يجب على الدولة ومؤسساتها وقواها ونخبها منحهم حقوقهم قبل مطالبتهم الوفاء بالتزاماتهم وواجباتهم. ولا يدرك هؤلاء أن الإعلام ومؤسسات الدولة بممارساتها ساهمت فى ابتعاد كثيرين عن الاهتمام بالشأن العام، أضف إلى ذلك محاصرة أجهزة لمؤسسات المجتمع المدني الفاعلة فى التوعية والتثقيف والتنمية ونشر التسامح واللاعنف، لتكتمل صورة توضح أسباب الموقف الشعبي المحتمل قبل انتخابات البرلمان، والمتمثل غالبا فى تراجع نسب التصويت المتوقعة فى الانتخابات المقبلة. المسيحيون مصريون،يعيشون ويعانون ما يحياه الجميع تحت سماء هذا الوطن وعلى أرضه،وذكاؤهم فى إدارة المشهد الانتخابى المرتقب سيكون أكبر من حسابات المزايدين الضيقة. المشهد لا سقف للحرية المشهد لا سقف للحرية