اعتبرها مراقبون "لوى دراع" للمملكة بعد الانفتاح على موسكو "ويكيليكس" تنشر وثائق تكشف دور السعودية الخفى فى مصر - وثيقة: مرسى طلب استضافته فى الرياض.. والسعودية عرضت 10 مليارات دولار للإفراح عن مبارك سادت حالة من الجدل فى الشارع المصرى بعد نشر وثائق سرية مُسربة على موقع "ويكيليكس" – منظمة دولية تنشر تقارير خاصة وسرية مُسربة - تضمنت محادثات من المكتب الإعلامى للسفارة السعودية فى القاهرة، برئاسة السفير أحمد القطان، إلى ملك السعودية الراحل عبد الله ابن عبد العزيز، عن الأوضاع فى مصر بعد ثورة يناير 2011، وهو ما فتح بابا من التساؤلات حول موقف المملكة من الجماعة، خاصة فى الفترة التى أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك. ويبدو من الوثائق المُسربة أن المملكة السعودية كانت تسعى إلى فتح علاقات مع الجماعة، وهو ما ظهر فى استقبال الملك الراحل وفدا إخوانيا وقت اندلاع أزمة بين القاهرةوالرياض، استدعت الأخيرة سفيرها فى القاهرة على إثرها، بعد تظاهرات شبابية أمام مقر السفارة فى القاهرة، تخللها هتافات معادية للمملكة، فضلاً عن رسوم مسيئة على جدران السفارة. فيما اعتبر مراقبون أن التسريبات جاءت فى أعقاب انفتاح المملكة السعودية على دولة روسيا الاتحادية العدو المباشر لواشنطن، وهو الأمر الذى يسبب بلا شك انزعاجا لواشنطن، التى تعتبر الرياض حليفتها الأولى فى الشرق الأوسط. كانت المملكة العربية السعودية،قد وقعت 6 اتفاقيات مع روسيا، من بينها اتفاقيات فى الملف النووى، وهو ما دفع المراقبون إلى الربط بينه وبين تسريبات "ويكليكس"، التى اعتبرها البعض، ضلعا من أضلع المخابرات الأمريكية، والتى قررت "لوى دراع" السعودية بنشر تلك الوثائق، بينما أعلنت "ويكيليكس" أنها ستشرع فى وقت قريب فى نشر حوالى نصف مليون وثيقة مسربة من وزارة الخارجة السعودية، تكشف فيها جانبا من عمل السفارات السعودية فى مختلف دول العالم، فى وقت اعتبر فيه مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج السعودية خطرا على نفسها وعلى جيرانها. وأضاف الموقع أن الوثائق التى ستنشر ستضم ملفات تدرج ضمن خانة "سرى للغاية"، تشمل نشر تعليمات صادرة عن الدولة السعودية، بما فيها وزارة الداخلية، وجهاز الاستعلامات بالمملكة، وزعم جوليان أسانج، أن التسريبات تكشف النقاب عن إحدى أكثر الديكتاتوريات الغامضة عبر التاريخ، قائلا: "التسريبات تتزامن مع احتفال السعودية بالذكرى 100 لتأسيسها، والتى تشكل تهديدا لذاتها وللدول المجاورة لها". فيما يرى خبراء، أن هذه الوثائق، إذا ثبتت صحتها، ستلقى الضوء على ألية عمل مؤسسات الدولة السعودية، وربما على التنافس السعودى الإيرانى فى المنطقة، ودعم السعودية للمعارضة السورية والجماعات المتمردة فيها أو بعض الجماعات والشخصيات السياسية فى العراق، فضلا عن معارضة الرياض للاتفاق بشأن البرنامج النووى الإيرانى. ونشرت "ويكليكس" تقريرًا لبرقية قالت إنها صادرة من وزير الخارجية السعودى السابق، سعود الفيصل، إلى الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز عن مصر خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، وجاء فى نص البرقية المنسوب إرسالها إلى خادم الحرمين، على لسان الفيصل: "أتشرف بإحاطة العلم الكريم بالتقريرين التحليليين اللذين أعدهما الدكتور مصطفى الفقى تحت العنوانين التاليين: مخاوف 25 يناير 2013، وأزمة التصريحات القديمة للرئيس مرسى والتى تلقيتها من السفير بالقاهرة". وقال الفيصل فى برقيته، إن الغرب أعطى الإخوان الضوء الأخضر للوصول إلى الحكم لتحقيق مصالحه فى المنطقة، وحول موقف الإخوان من إيران رأى وزير الخارجية السعودى السابق أن التنظيم الدولى للإخوان، خاصة الجماعة الأم فى مصر موقفهم من النظام الإيرانى. كذلك نشر الموقع برقية تتعلق بتفاصيل زيارة خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، إلى قطر، واعتبر السفير السعودى بالدوحة، بحسب البرقية، أن زيارة الشاطر كانت ضمن جولة له على بعض دول الخليج منها قطر التقى فيها كبار المسئولين وطمأنهم بأن السلطة فى مصر أصبحت فى يد جماعة الإخوان وأن الاستثمارات القطرية التى ستضخ فى مصر ستكون فى أمان من خلال قوانين الاستثمار الأجنبى التى سيشرعها المجلس المنتخب. وأوضح أن هدف الشاطر من لقائه بالشيخ القرضاوى، وعدد من المنتمين للإخوان فى قطر من المصريين إيجاد دعم له لاختياره رئيسًا للجمهورية، أو على الأقل دعم رأى الجماعة فى عدم اختيار أبو الفتوح الذى فصلته الجماعة عقب إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية، ورأت أن رأى شورى الجماعة أحسن من رأى الفرد، وأن اختيار أبو الفتوح يعد مخالفة للبيعة التى أعطاها كل فرد فى الإخوان بأن يتنازل عن رأيه ويتبع رأى الجماعة. وذكرت وثيقة أخرى مطولة أن خيرت الشاطر وافق على صفقة كانت مقترحة للإفراج عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك مقابل تلقى مصر 10 مليارات دولار من دول الخليج، خلال فترة حكم المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير. ونقلت الوثيقة أن هناك أحكامًا مشددة بالسجن سوف تصدر ضد أبناء الرئيس مبارك، وأنه تم الاتفاق مع الإخوان المسلمين على الإفراج عن أبناء الرئيس مقابل إعادة أموالهم المهربة. فيما تطرقت وثيقة أخرى إلى طلب الرئيس المعزول مرسى ، زيارة السعودية لأداء العمرة عقب تأسيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان عقب ثورة 25 يناير 2011. وكشفت وثيقة أخرى صدرت عام 2012، عن غضب وزير الدفاع المصرى حينها، والرئيس الحالى، عبد الفتاح السيسى، من مؤسسة الرئاسة، إبان حكم محمد مرسى، خاصة مع فشل الحوار المجتمعى الذى دعا له الجيش فى 11 ديسمبر من العام نفسه. وأشارت الوثيقة إلى وجود غضب عارم بين صفوف الجيش المصرى بعد تصريحات المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع، بعد قوله: "إن جنود مصر مطيعون، لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولت أمرهم قيادات فاسدة". من جانبه أكد الدكتور محمد حبيب، النائب السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان، إن زيارة الشاطر لقطر للمطالبة بدعمه أمر طبيعى ومعلوم لدى الجميع، موضحًا أن الإخوان أنفسهم كانوا يروجون لذلك على الملأ، مشيرًا إلى أن الشاطر آنذاك كان يسعى لفعل أى شىء طالما يصب فى مصلحة الإخوان. فيما استبعد حبيب، وجود صفقة للإفراج عن مبارك، موضحًا أن الإخوان إبان ثورة يناير كانوا حريصين كل الحرص على عدم تشويه صورتهم أيا كان. وقال حبيب، ل"المشهد" إن زيارة مرسى للسعودية أمر طبيعى وارد أن يذهب لأداء العمرة، وأن يطلب الاستضافة، موضحًا أن كل ذلك أمور طبيعية لا تدين الجماعة. وأوضح أن الوثائق يؤخذ منها ما يؤخذ ويرد إلى معلومات، فإذا ثبت صحتها يتخذ اللازم، والعكس صحيح. فيما قال الدكتور رفعت سيد أحمد، المحلل السياسى، والمدير العام والمؤسس لمركز يافا للدراسات، إن هذه الوثائق تؤكد أن واشنطن لا صديق لها، ومصلحتها فوق الجميع حتى لو كان على حساب فضحها لأقرب حلفائها، موضحا أن واشنطن هدفها معروف . وأضاف سيد، ل"المشهد"، أن كل ما جاء بالتسريبات ليس بجديد، وهو أمر معروف لدى الجميع وعليهم أن يستيقظوا من تعاطفهم مع الإخوان، مشيرا إلى أن الإخوان ينكشفون للناس يوما يلو الآخر من أعز أصدقائهم. وأوضح المحلل السياسى، أن كل الذين لم يصدقوا حقيقة الجماعة عليهم أن يقتنعوا الآن بأنهم كانوا يسعون للهيمنة والسيطرة والوصول إلى سدة الحكم فقط، لافتًا إلى أن الإخوان بدأوا يكتشفون أن حليفتهم "أمريكا" هى أول من فضحهم. وأشار إلى أن التسريبات لا علاقة لها بالاتفاق النووى بين السعودية وروسيا، موضحًا أن أمريكا صديق استراتيجى للمملكة وكل ما يحدث يتم بضوء أخضر من أمريكا.